اتفاق مبدئي سوداني ـ إسرائيلي على تطبيع العلاقات ووقف الأعمال العدائية

مستشارون لنتنياهو وترمب زاروا الخرطوم لساعات واجتمعوا مع البرهان وحمدوك

البرهان وبومبيو خلال زيارة الأخير للخرطوم الشهر الماضي (أ.ف.ب)
البرهان وبومبيو خلال زيارة الأخير للخرطوم الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

اتفاق مبدئي سوداني ـ إسرائيلي على تطبيع العلاقات ووقف الأعمال العدائية

البرهان وبومبيو خلال زيارة الأخير للخرطوم الشهر الماضي (أ.ف.ب)
البرهان وبومبيو خلال زيارة الأخير للخرطوم الشهر الماضي (أ.ف.ب)

توصل السودان وإسرائيل، وبوساطة أميركية إلى اتفاق مبدئي لتطبيع العلاقات بينهما، بعد مارثون مفاوضات شهدتها مدن عربية وغربية، آخرها كان في أبوظبي في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأبلغ مصدر سوداني رفيع «الشرق الأوسط»، أن اجتماعاً مع وفد أميركي - إسرائيلي رفيع، عقد في الخرطوم، الأربعاء، أول من أمس، توصل إلى اتفاق مبدئي بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، واتفاق كامل على وقف الأعمال العدائية بين الخرطوم وتل أبيب؛ وذلك استكمالاً لمفاوضات سابقة جرت مع الوفد نفسه، الذي حضر للخرطوم، وتناول دور السودان في السلام العربي - الإسرائيلي. وقال المصدر السيادي، إن الوفد الإسرائيلي - الأميركي، وصل الخرطوم، أول من أمس، قادماً من تل أبيب، وهم نفس أعضاء الوفد الذي التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في أبوظبي 21 سبتمبر الماضي، مشيراً إلى أن الوفد عقد اجتماعات سرية مع وفد التفاوض السوداني، بحضور رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وكشفت مصادر سياسية، في تل أبيب، عن أن الوفد الذي زار الخرطوم، يتكون من مستشارين اثنين لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هما نائب مدير عام مكتب رئيس الحكومة، رونين بيرتس، ومبعوث نتنياهو إلى العالم العربي الذي يطلق عليه اسم «ماعوز»، إلى جانب مستشاري ترمب، وهما رئيس دائرة الخليج وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، الجنرال ميغيل كوريا، ومستشار كبير للسفير الأميركي في إسرائيل، أرييه لايتستون، قاموا بزيارة مشتركة سرية خاطفة إلى العاصمة السودانية الخرطوم، والتقوا عدداً من كبار المسؤولين هناك. وكشفت المصادر في تل أبيب، عن «تطورات عميقة» في العلاقات الإسرائيلية – السودانية؛ تمهيداً لإبرام اتفاقية سلام. وأكدت أن اللقاءات جاءت تتويجاً لاتصالات كثيرة تمت بشكل حثيث ومتواصل في الشهور الكثيرة الأخيرة، وأنه وكنتيجة لهذه اللقاءات نضجت الظروف لإخراج العلاقات إلى العلن والإعلان عن اتفاق في الأيام القليلة المقبلة. وقالت هذه المصادر، إن الرئيس ترمب معني بأن يتم هذا الإعلان قبيل الانتخابات الأميركية، التي ستجري في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وحسب مصادر تل أبيب، توجه الوفد الإسرائيلي - الأميركي برحلة مباشرة على متن طائرة خاصة مستأجرة من مطار بن غوريون في اللد (قرب تل أبيب) إلى مطار الخرطوم، ثم عادت إلى إسرائيل بعد سبع ساعات.
وأجرى الوفد الإسرائيلي – الأميركي محادثاته في السودان حول صفقة واسعة تشمل شطب السودان من القائمة الأميركية للدول الداعمة للإرهاب وتخصيص مساعدات أميركية مالية للسودان وتحرير الأموال السودانية المحتجزة في الولايات المتحدة، وإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل.
وربط المسؤولون الإسرائيليون بين هذه المحادثات وبين إعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أول من أمس، بأن عملية إخراج السودان من قائمة الإرهاب قد انطلقت، وذلك بعدما حوّلت السودان مبلغ 335 مليون دولار إلى حساب خاص تتم من خلاله عملية دفع تعويضات مالية لضحايا الإرهاب الأميركيين، الذين سقطوا من جراء أحداث تفجيرات السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، وتفجير المدمرة الأميركية «يوس إس إس كول، عام 2000 والتي اتهم السودان بالضلوع فيهما. وأضاف بومبيو، أن التطبيع مع إسرائيل هو قرار سيادي للحكومة السودانية، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة تأمل بأن تنفذ السودان ذلك بسرعة.
ونقل موقع «واللا» الإخباري في تل أبيب عن مصادر مطلعة القول، إن المحادثات بين الولايات المتحدة والسودان وإسرائيل حول اتفاق المبادئ قد انتهت، ولكن بقيت هناك تفاصيل لوجيستية عدة حول موعد ومكان وطريقة الإعلان عن العلاقات بين إسرائيل والسودان. وقالت مصادر سياسية للموقع، إن المحادثات ما زالت مستمرة لغرض ترتيب إجراء محادثة هاتفية بين ترمب ونتنياهو والبرهان ورئيس الحكومة السودانية، عبد الله حمدوك، حتى يتفق على نشر بيان يقول، إن السودان وإسرائيل قررا إنهاء حالة الحرب بينهما بشكل رسمي والبدء بعملية تدريجية لتطبيع العلاقات بينهما. وأكد أن الرئيس ترمب هو الذي سيصدر البيان.
الجدير ذكره، أن الدكتورة نجاة السعيد، الباحثة في معهد الإمارات، عرضت نتائج استطلاع رأي يقول، إن 81 في المائة من العرب في العالم يؤيدون اتفاقات السلام مع إسرائيل، و45 في المائة يرون أن هذا السلام سيساهم في إقامة سلام واستقرار شاملين في الشرق الأوسط و33 في المائة يرون أن السلام بين العرب وإسرائيل يساهم في تسوية القضية الفلسطينية.
وجاء ذلك في ندوة دولية أقامتها صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، مساء أول من أمس، بمشاركة شخصيات إعلامية وبحثية إسرائيليين وعرب وأميركيين. وقالت السعيد، إن الاستطلاع أجري بواسطة معهد البحوث «TRENDS»، وأجري بمشاركة عينة تمثيلية من 3500 شخص. قال رئيس تحرير الصحيفة، بوعز بوسموط، إن اتفاق السلام مع الإمارات يقنع الإسرائيليين بعملية السلام لأنه يبنى على مستوى الشعوب وليس فقط القادة.
وقال وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين في تصريحات نقلتها «القناة 13» الإسرائيلية، إن اتفاق التطبيع مع السودان «بات وشيكاً». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس، إن مباحثات الخرطوم توصلت إلى اتفاق مبدئي بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين. وأكد مصدر سوداني لـ«الشرق الأوسط»، أن الطرفين توصلا لاتفاق بوقف الأعمال العدائية، والشروع المتدرج في تطبيع العلاقات بين البلدين. وأضاف «بحث الوفد مع المسؤولين السودانيين الدعم الأميركي للسودان، وتسريع حذفه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأن يلعب السودان دوراً في اتفاقية السلام العربية - الإسرائيلية». وتوقع المصدر، أن يتم حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في غضون أيام، قبل أن يدخل الطرفان في مفاوضات مباشرة تتعلق بتطبيع علاقات الدولتين، وأن الوفد الأميركي - الإسرائيلي حصل على «موافقة مبدئية» لتطبيع علاقات السودان مع إسرائيل.
وكان الطرفان قد توصلا في أبوظبي، وفقاً لما نقلته «الشرق الأوسط» وقتها إلى اتفاق بدعم السودان، وحذفه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، على أن تلعب الخرطوم دوراً في اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية، بيد أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اشترط فصل مساري حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكن الطرفين لم يتفقا على التفاصيل الفنية.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أول من أمس، أن السودان سيحذف من لائحة الدول الداعمة للإرهاب؛ إنفاذاً لوعد الرئيس دونالد ترمب، قبل أن يحث الخرطوم على الإسراع بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال، إن إدارته وقّعت مع الحكومة السودانية 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، اتفاقية للتعاون في مشاريع رئيسية للطاقة والعناية الصحية، وأضاف «ستكون هناك منافع هائلة للشعب السوداني»، مبدياً سعادته بأن العلاقة بين البلدين «تتقدم».



لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

TT

لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)
بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، إن حكومته كثفت الاتصالات الدبلوماسية أمس لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها من البلدات اللبنانية الحدودية.

ونقل بيان لرئاسة الوزراء عن ميقاتي قوله «شددنا في خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب».

وأوضح أن إعلان قيادة الجيش اليوم عن الحاجة إلى جنود متطوعين للالتحاق بالوحدات المقاتلة "يندرج في سياق تنفيذ قرار مجلس الوزراء بزيادة أفراد الجيش لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب".

وفي الأسبوع الماضي، قال الجيش اللبناني إنه يعمل على استكمال انتشاره في جنوب البلاد مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله حيز التنفيذ فجر الأربعاء الماضي.

واجتمع ميقاتي أمس الاثنين في بيروت مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي سيرأس لجنة المراقبة، ودعا إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية في أسرع وقت.

وقال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن الجنرال جيوم بونشين ممثل فرنسا في اللجنة سيصل إلى بيروت غداً الأربعاء، وإن اللجنة ستعقد أول اجتماع لها يوم الخميس.

وذكر أحد المصدرين: «هناك حاجة ملحة لبدء عمل اللجنة قبل فوات الأوان»، مشيراً إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.

وقال ميلر إن لجنة المراقبة ستبدأ عملها «في الأيام المقبلة».

وقالت السلطات اللبنانية إن ما لا يقل عن 12 شخصاً لاقوا حتفهم في هجمات إسرائيلية أمس الاثنين، وهو اليوم الأشد دموية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن من بين القتلى ستة أشخاص في بلدة حاريص الجنوبية وأربعة في بلدة طلوسة بالجنوب.

وقال مصدران سياسيان لبنانيان لـ«رويترز»، في وقت سابق اليوم، إن اثنين من كبار المسؤولين اللبنانيين طالبا واشنطن وباريس بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، بعدما شنت عشرات العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية.

وزادت هشاشة وضع وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين الطرفين بعد أقل من أسبوع على دخوله حيز التنفيذ نتيجة هجمات إسرائيلية على جنوب لبنان أسفرت عن سقوط قتلى، وإطلاق جماعة «حزب الله» صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي أمس الاثنين.

وقال المصدران إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الوثيق لـ«حزب الله» الذي تفاوض باسم لبنان من أجل التوصل للاتفاق، تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر أمس، وعبرا عن قلقهما بشأن وضع وقف إطلاق النار.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة أو وزارة الخارجية في فرنسا. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس، وأكد ضرورة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للصحافيين أمس الاثنين، إن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال «سارياً»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «كانت تتوقع حدوث انتهاكات».

ويلزم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، إسرائيل بوقف عمليتها العسكرية الهجومية في لبنان، في حين يفرض على لبنان منع الجماعات المسلحة مثل «حزب الله» من شن هجمات على إسرائيل. كما ينص الاتفاق على أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يوماً.

وتتولى لجنة مراقبة، برئاسة الولايات المتحدة، مسؤولية متابعة الهدنة والتحقق من التزام الطرفين بها والمساعدة في تطبيقها، لكنها لم تبدأ العمل بعد.

وحث برى أمس الاثنين اللجنة المكلفة بمراقبة الهدنة على بدء عملها «بشكل عاجل»، قائلاً إن بيروت سجلت حتى الآن ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتقول إسرائيل إن أنشطتها العسكرية المستمرة في لبنان تهدف إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإنها لا تنتهك التزامها بالهدنة.