فرنسا: قاتل المدرس كان على تواصل مع «داعش» قبل ارتكاب جريمته

دقيقة صمت في البرلمان الأوروبي أمس تكريماً للمدرس الفرنسي صامويل باتي (أ.ف.ب)
دقيقة صمت في البرلمان الأوروبي أمس تكريماً للمدرس الفرنسي صامويل باتي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا: قاتل المدرس كان على تواصل مع «داعش» قبل ارتكاب جريمته

دقيقة صمت في البرلمان الأوروبي أمس تكريماً للمدرس الفرنسي صامويل باتي (أ.ف.ب)
دقيقة صمت في البرلمان الأوروبي أمس تكريماً للمدرس الفرنسي صامويل باتي (أ.ف.ب)

يوما بعد يوم، يتبدى أن عبد الله أبوزيدفيتش أنذوروف، قاتل صامويل باتي مدرس مواد التاريخ والجغرافيا في إحدى المدارس التكميلية، في مدينة كونفلان سانت هونورين الواقعة شمال باريس لم يكن ذلك «الذئب المتوحد» الذي استفاق يوم الجمعة الماضية وقرر من نفسه قتل صامويل باتي لأنه أظهر رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي، أثارت حفيظة عدة تلامذة وأهلهم». ذلك أن التحقيق الذي أطلقته الأجهزة الأمنية وتوقيف 16 شخصا من أهل وأصدقاء وآخرين معنيين بما حصل كشف الكثير من الأسرار ووفر صورة مختلفة عن صورة العمل الإرهابي الفردي الذي ارتكبه هذا الشاب شيشاني الأصل وروسي الجنسية والبالغ من العمر 18 عاما فقط». واليوم، تمسك الأجهزة الأمنية ومعها التحقيق القضائي بكافة العناصر إلى توفر رؤية دقيقة ومتكاملة عن العملية وتشعباتها». وليس الاتهامات الرسمية التي وجهها القضاء أول من أمس لسبعة أشخاص بينهم تلميذان قاصران «15 و14 عاما» بشأن ارتكاب عمل إرهابي إجرامي وتشكيل عصابة إجرامية ذات صلة بمشروع إرهابي والمشاركة بعمل إرهابي سوى المآل المنطقي للتحقيق».
آخر ما توصل إليه المحققون وكشف عنه أمس أن أنذوروف، قبل الإقدام على جريمته الإرهابية، كان على تواصل مع جهادي في سوريا ينطق بالروسية وأن هناك إشارات في الرسائل المتبادلة إلى «داعش» ما يمكن أن يعني أن العملية الإرهابية كانت مسيرة من الخارج، وتحديدا من التنظيم الإرهابي». لكن الأجهزة الأمنية لم تذهب حتى اليوم، بعيدا في استنتاجاتها. وبحسب ما توصلت إليه صحيفة «لو باريزيان» أمس، فإن الجهادي المتحدث بالروسية موجود، بناء على عنوان البروتوكول، الذي يستخدمه حسابه، في مدينة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد وما زالت تحت سيطرة المعارضة بتشكيلاتها المختلفة بما فيها الجهادية». وأصبح مؤكدا اليوم أن أنذوروف قد تبنى عمليته الإرهابية برسالة صوتية باللغة الروسية يقول فيها إنه قتل المدرس الفرنسي «انتقاما للنبي محمد» لأن صامويل باتي «أظهره بشكل مشين» في إشارة إلى الرسوم المسيئة».
وتؤكد مصادر الشرطة أن الجاني كان «يلهث» وهو أمر مفهوم لأن الأخير سارع إلى الابتعاد عن الجثة مسافة حوالي 200 متر قبل أن تعثر عليه دورية للشرطة وتقتله بتسع رصاصات». وبحسب المعلومات التي حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية التي اطلعت على نص الرسالة الصوتية، فإن أنذوروف أكد أنه «يتحضر ليموت شهيدا». وأرفق الشيشاني الرسالة الصوتية بتسجيل فيديو وضعه على تطبيق «إنستغرام» مرفق بتغريدتين إحداهما تتضمن اعترافا بمسؤوليته عن قتل صامويل باتي وصورة رأسه المقطوعة إضافة إلى إشارة سريعة من كلمتين باللغة الروسية إلى «الخلافة الإسلامية» الداعشية. ومما جاء في تغريدته الثانية الطلب من «إخوته» أن «يصلوا له لعل الله يقبل شهادته».
واضح أن العناصر الأخيرة تلقي أضواء جديدة على العملية الإرهابية التي كانت بمثابة الصدمة بالنسبة للفرنسيين وللحكومة التي تريد اليوم تشديد التدابير والإجراءات والقوانين لمحاربة «الإرهاب الإسلاموي»، وفق ما صدر عن الرئيس ماكرون وكبار المسؤولين الآخرين. وبعد أربعة أيام من التوقيف والاستنطاق، عمدت النيابة العامة أول من أمس إلى توجيه اتهامات رسمية لسبعة من الأشخاص بينهم تلميذان قاصران، لعلاقتهما بالعملية». ولا يستبعد المحققون أن يتم استدعاء آخرين مع تقدم التحقيقات». وهؤلاء السبعة هم إبراهيم شنينا، والد التلميذ الذي قام بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولدى إدارة المدرسة والشرطة ضد صامويل باتي بسبب إبرازه الرسوم الكاريكاتورية، وما اعتبره تعاطيا غير مقبول مع التلامذة المسلمين، الذين أمرهم بالخروج من الصف كما زعم». والثاني عبد الكريم الصيفريوي وهو مؤسس «جماعة الشيخ ياسين» التي أمرت الحكومة بحلها».
والأخير رافق شنينا لدى لقائه مديرة المدرسة وعمد إلى إعادة بث الفيديو الذي ضمنه تنديدا بما قام به مدرس التاريخ مع إعطاء اسمه وعنوان المدرسة التكميلية التي يعمل فيها ودعوة للاحتجاج على ما يقوم به». وهذان الاثنان متهمان رسميا بـ«المشاركة» في العملية الإرهابية، علما بأن والد التلميذ اعترف أن أنذوروف تواصل معه». وثمة ثلاثة شبان متهمون بمساعدة أنذوروف، أحدهم رافقه إلى مدينة روان لشراء سكين الجريمة وسعى لتوفير سلاح ناري له». والثاني نقله بسيارته من مكان إقامة عائلته في مدينة إيفرو، التي تبعد حوالي ستين كلم عن كونفلان سانت هونورين، وأنزله بعد الظهر أمام المدرسة». أما الأخير، فإنه كان الأقرب إليه آيديولوجيا. وما توصل إليه التحقيق أن أنذوروف مال إلى التشدد سريعا وتبنى اللباس التقليدي وثابر على ريادة المسجد في إيفرو». ومن بين المتهمين تلميذان «14 و15 عانا» أغراهما الجاني بالمال ليساعداه على التعرف إلى صامويل باتي». وتفيد التفاصيل أنه أعطاهما قسما من الـ350 يورو بداية والقسم الآخر بعد خروج المدرس من المدرسة والاستدلال عليه، علما بأنهما أكدا أن أنذوروف لم يقل إنه يريد قتل المدرس بل أشار فقط لرغبته بـ«تأديبه»، وإجباره على طلب «العفو». وليلة أول من أمس، كرمت فرنسا في باحة جامعة السوربون في باريس ذكرى المدرس القتيل. وفي الكلمة المؤثرة التي ألقاها، أكد الرئيس ماكرون أن «المعركة من أجل الحرية مستمرة». وقال موجها كلمته للقتيل: «سنكمل أيها الأستاذ «المعركة»، وسندافع عن الحرية التي كنت تعلمها بشكل رائع وسنكون حملة لواء العلمانية». وعلق ماكرون على نعش صامويل الضحية ميدالية جوقة الشرف ووصف جريمة قتله بـ«الهمجية» مضيفا: «لن نتخلى عن الرسوم الكاريكاتورية حتى وإن تخلى عنها آخرون». ورأى في المحصلة أن صامويل باتي هو «أحد الأساتذة الذين لا نستطيع نسيانهم».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».