قبل أقل من أسبوعين من الآن، كانت كرة القدم تبدو مختلفة تماما عما هي عليه الآن، وكانت كل مخاوفنا تتمثل في تداعيات تفشي فيروس كورونا، والكارثة المالية التي تهدد مستقبل اللعبة، واستمرار عدم المساواة العرقية داخل الرياضة، أليس كذلك؟ كان هذا هو الحال قبل الإعلان عن المسودة السابعة عشرة (أو الثامنة عشرة) لما يسمى «مشروع الصورة الكبيرة»، والتي تدعو إلى إعادة الهيكلة الكاملة لكرة القدم الإنجليزية كما نعرفها. وقد أدى ذلك إلى إثارة حالة من الجدل الشديد بين كبار المسؤولين عن اللعبة.
وفجأة، وجدنا أن هذا التوتر الذي ظل بعيداً عن الأنظار طوال هذه السنوات، يظهر على السطح الآن بشكل مضطرب للغاية. في الحقيقة، هناك مفارقة كبيرة في «مشروع الصورة الكبيرة»، فمن ناحية، هناك لعبة واضحة من قبل أكبر الأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، يتم طهيها خلف الأبواب المغلقة، وقد تم اختيار التوقيت بعناية بسبب غياب الجماهير عن الملاعب. ومن ناحية أخرى، هناك خطة مدروسة ومنصفة إلى حد كبير لمستقبل وهيكل كرة القدم.
ومن حق المرء أن يشعر أن الجدل المثار برمته كان يدور حول الأطراف التي قدمت الاقتراح، أكثر من المقترحات نفسها أو الأسباب التي أدت إلى ظهور مثل هذه المقترحات! وفي غضون ساعات قليلة من تسريب هذه المقترحات، أصدرت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز بياناً انتقدت فيه الخطط التي «يمكن أن يكون لها تأثير ضار على اللعبة بأكملها»، لكنها استخدمت كلمات أكثر لتوجيه الانتقادات لرئيس رابطة الأندية المحترفة، ريك بارك، حيث قال البيان: «نشعر بخيبة أمل لرؤية ريك باري يقدم الدعم لهذه الخطة».
ولم تكن رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز هي الوحيدة التي وجهت الانتقادات لباري، حيث قام رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، غريغ كلارك، بالشيء نفسه خلال اجتماع لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز تم الإعلان خلاله عن الرفض الرسمي لمشروع الصورة الكبيرة. إن الخطة التي وضعها كبار المسؤولين التنفيذيين في ليفربول ومانشستر يونايتد (واتضح لاحقاً أنها تحظى بموافقة جميع أصحاب المصلحة في جميع أنحاء اللعبة، بما في ذلك كلارك) سرعان ما تحولت إلى معركة بين نصفي هرم كرة القدم الإنجليزية، في الوقت الذي كان فيه باري في قلب هذه المعركة.
كل هذا يؤدي إلى حالة من الجدل المثيرة للاهتمام. لقد كان من المنطقي أن توجه رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز انتقادات لاذعة لرئيس رابطة الأندية الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز (والذي كان يوما ما أول رئيس تنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز)، بدلاً من توجيه اللوم إلى ناديي ليفربول ومانشستر يونايتد، وهما أكثر الأندية تتويجا بالبطولات ضمن أعضاء الرابطة! لكن في الوقت نفسه، لم تكن هذه الكراهية مفتعلة، بل كانت حقيقية تماما، بل وتجعل المرء يتساءل عن الأسباب التي تجعل رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز تشعر بهذا الغضب الشديد من هذه الخطة.
ربما يعود السبب في ذلك إلى أنها تعلم أن هذه الخطة لها أهداف خفية. ومن الناحية الظاهرية، كان اجتماع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز مؤخرا بمثابة إعلان عن «وأد» مشروع الصورة الكبيرة، وإهانة لناديي ليفربول ومانشستر يونايتد اللذين كان عليهما مواكبة الأمر من خلال الإعلان عن أنهما سيجريان «مراجعة استراتيجية». وإذا كان الأمر كذلك، فقد كانت هذه طريقة سلمية من قبل رابطة أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لدرء أي انقلاب. وهناك تفسير آخر بالطبع يتمثل في أن مؤيدي مشروع الصورة الكبيرة سيستغلون الإعلان عن هذه المراجعة لتقديم وطرح الأفكار نفسها مرة أخرى، وهذه المرة بموافقة صريحة من الرابطة لدراسة هذه المقترحات.
وفي الحقيقة، فإن رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، ورابطة الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، واتحاد كرة القدم، وأي مواطن عادي يعلمون أن التحدي الوجودي الحقيقي الذي يمثله مشروع الصورة الكبيرة يتمثل في محاولة الأندية الكبرى في كرة القدم الإنجليزية لاستعراض عضلاتها، ويقال إن هذا أحد الأسباب التي أدت إلى رحيل ريتشارد سكودامور عن منصبه في عام 2018، بعد 20 عاماً من العمل في رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن هذا هو ما وصلت إليه الأمور الآن، ومن المؤكد أنه ستكون هناك تحديات هائلة لهذه اللعبة، وخاصة للدوري الإنجليزي الممتاز الذي يعد البطولة الأكثر حصولا على عائدات البث التلفزيوني في العالم، على نطاق واسع خلال المرحلة المقبلة.
وغالباً ما يُنظر إلى رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز على أنها عملاق قوي للغاية وقادر على سحق أي شيء آخر في اللعبة. وما فعله مشروع الصورة الكبيرة، على الأقل النسخة التي أقرها باري، هو الحد من قوة هذه الرابطة. ووفقا لمسودة مشروع الصورة الكبيرة، فإن الأندية الستة الكبرى ستكون صاحبة القرار وسيكون لها صلاحيات أكبر في التصويت، في الوقت الذي سيتم فيه تقليص صلاحيات الأندية الأخرى إلى شيء أكثر مساواة للفرق المشاركة في دوري الدرجة الأولى.
هذا هو الوضع الذي تبدو عليه الأمور للوهلة الأولى، لكن هذا الأمر لم يعجب رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، التي ردت بقوة، ويبدو أنها ستنتصر في نهاية المطاف. وحتى الرئيس التنفيذي الجديد، ريتشارد ماسترز، قدم خطة إنقاذ للدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز بسبب تفشي فيروس كورونا بقيمة أقل من تلك التي رفضت بالفعل من قبل! ومع ذلك، قد تبدو الأمور مختلفة على المدى الطويل. صحيح أن ليفربول ومانشستر يونايتد هادئان في الوقت الحالي، لكنهما لن يبقيا على هذا النحو إلى الأبد. أما باري فيحتفظ على الأقل بدعم جميع الأندية الـ72 تقريبا. وفي غضون ذلك، هناك إجماع الآن في جميع أنحاء اللعبة على أن الأمور بحاجة إلى التغيير. لكن يبدو أن الدوري الإنجليزي الممتاز سيكون الخاسر الأكبر في هذه المعركة!
وكان ستيف باريش رئيس مجلس إدارة نادي كريستال بالاس المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز انتقد الخطة الداعية إلى إعادة هيكلة البطولة تنظيميا وماليا والمعروفة باسم مشروع الصورة الكبيرة ووصفها بأنها «تضرب أهم قيم كرة القدم». ووصف باريش الدوري الممتاز بأنه «منتج رائع»، قائلا إن أي عبث في أنظمته المالية والإدارية سيشكل خطورة على الأندية. الخطة التي تقدم بها ليفربول ومانشستر يونايتد والتي تتضمن مقترحات بزيادة الأموال المخصصة لعدد 72 ناديا في الدرجات الأدنى لكنها تشمل أيضا منح حقوق تصويت مميزة للأندية الكبيرة في الدوري الممتاز وخفض عدد الفرق في البطولة إلى 18 من 20 فريقا انتقدها البعض.
وقال باريش: «بالطبع علينا البحث دوما عن سبل لتحسين مستوى اللعبة وهذه الخطة بها بعض النقاط الجيدة. لكن لدينا بالفعل منتج رائع ومن وجهة نظري فإن أي عبث من جانبنا سيكون بمثابة خطر يهددنا». وأضاف باريش «كثير من المقترحات في مشروع الصورة الكبيرة تضرب أهم قيم كرة القدم... وهي أن النتيجة تتحدد بناء على الإنجاز والنجاح. مؤسسو الدوري الإنجليزي الممتاز وضعوا قواعد تمنع حدوث أي تغييرات جذرية وغير مدروسة جيدا».
الدوري الإنجليزي الممتاز ينجو من انقلاب «مشروع الصورة الكبيرة»
خطة ليفربول ومانشستر يونايتد تهدف إلى زيادة سطوة الأندية الكبرى على حساب البطولة نفسها
الدوري الإنجليزي الممتاز ينجو من انقلاب «مشروع الصورة الكبيرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة