ارتفاع وتيرة الهجمات المسلحة في كركوك ونينوى

ذكر مصدر أمني رفيع أن محافظتي نينوى وكركوك شهدتا 41 هجوماً مسلحاً منذ بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، تسببت بمقتل 17 شخصاً وجرح 44 آخرين، ما يؤشر ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة هجمات «تنظيم داعش» وتغيراً في نوعيتها، من هجمات صغيرة منفردة، إلى سلسلة عمليات بمناطق محددة.
ويرى مسؤولون أمنيون أن تصاعد الهجمات خلال الفترة الأخيرة يرتبط بمحاولات «تنظيم داعش» لإعادة فرض وجوده، خاصة في المناطق الهشة التي تشكو من فراغ أمني كالمناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، في ظل ضعف التنسيق بينهما، فيما يرجح خبير أمني أن يكون تزايد الهجمات مرتبطاً بسياسات بعض القوى المرتبطة بـ«الحشد الشعبي» ورغبتها في استمرار وجودها عبر تنفيذ هجمات مفتعلة تقول من خلالها إن تلك المناطق غير آمنة.
وكان مسلحون يعتقد بانتمائهم لـ«تنظيم داعش»، هاجموا سيارة يستقلها 3 أشخاص من عائلة واحدة في ناحية شوان بمحافظة كركوك، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة. فيما انفجرت عبوة ناسفة، الأحد، بعجلة يستقلها الرائد فراس حبيب آمر الفوج الأول ضمن اللواء الثاني التابع للشرطة الاتحادية في منطقة الفتحة جنوب كركوك، ما أدى إلى إصابته بجروح مع أحد أفراد حمايته.
مصدر أمني رفيع المستوى قال لـ«الشرق الأوسط» إن «محافظتي نينوى وكركوك شهدتا 41 هجوماً مسلحاً منذ بداية شهر سبتمبر، تسببت بمقتل 17 شخصاً وجرح 44 آخرين». وأوضح أن «23 هجوماً منها وقع في محافظة نينوى، وأدت إلى مقتل 9 أشخاص، وجرح 29 آخرين، وتركزت في مناطق جنوب الموصل ومنطقة الجزيرة»، مضيفاً أن محافظة كركوك شهدت «18 هجوماً من (تنظيم داعش) أدت إلى مقتل 8 أشخاص وإصابة 15 آخرين، مع وقوع أضرار مادية متفاوتة».
المصدر الأمني الذي رفض الكشف عن هويته أكد أن «تزايد الهجمات مؤخراً يشير إلى نجاح نسبي لـ(تنظيم داعش) في إعادة تنظيم صفوفه بدليل قيامه بهجمات متلاحقة، مستغلاً ضعف الوجود الأمني في بعض المناطق النائية في هذه المحافظات».
لكن خبيراً أمنياً وقيادياً سابقاً بالقوات الأمنية في نينوى يرى أن «90 في المائة من هذه الهجمات مفتعلة، وتقوم بها بعض الفصائل لتقول إن المنطقة غير آمنة بما يبرر استمرار وجودها في هذه المحافظات، خاصة مع تزايد الضغوطات والمطالب بإخراج قوات (الحشد الشعبي) من المحافظات المحررة». ويوضح الخبير الأمني، الذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الملاحقة، أن «هذه الهجمات بدأت بالتزايد بعد حملة شنت على القيادات الأمنية الأكاديمية من قبل بعض المتنفذين السياسيين بهدف استبعادهم عن العمل وإحالتهم إلى التقاعد أو عبر النقل غير المبرر، وتم تعويضهم بعناصر تابعة لتلك القوى تفتقر إلى الخبرة الميدانية والأمنية». ويتابع أن «استراتيجية الهجمات تشير بشكل واضح أنها مفتعلة وغير حقيقية؛ حيث ليس من المعقول أن تقتحم قوة من مقاتلي التنظيم في عملية نوعية مجلساً عشائرياً لقيادي سياسي ويقتصر الأمر على توجيه ألفاظ نابية وإهانة الشخصيات الموجودة في القرية وسؤالهم عمن يعمل مع (الحشد الشعبي)». ويضيف: «هل يعقل التخطيط لمثل هكذا عملية دون أن يعرف المهاجمون أسماء وعناوين الشخصيات التي سيستهدفونها؟... إنها ليست إلا مبررات ساذجة يريدون من خلالها تسويق ضرورة وجودهم في المنطقة بعد الرفض الواضح لهم من قبل المواطنين».
وكانت مجموعة من مسلحي «تنظيم داعش» اقتحموا يوم الاثنين الماضي، قرية الشيخ برهان العاصي رئيس المجموعة العربية في كركوك بناحية الرشاد، (35 كيلومتراً جنوب كركوك)، وهاجموا مجلساً عشائرياً فيه، ووجهوا الشتائم للموجودين، وتساءلوا عن أسماء من يعمل مع فصائل «الحشد الشعبي» بالقرية، ومن ثم أحرقوا بعض ممتلكات الشيخ برهان العاصي دون أي خسائر بشرية.
من جانبه، قال أمين عام قوات البيشمركة، الفريق جبار ياور، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «السبب الرئيسي لتزايد الهجمات في نينوى وكركوك يرجع إلى وجود مناطق فراغ أمني ما بين خط انتشار قوات البيشمركة والقوات الاتحادية، وإلى غياب التنسيق والعمليات المشترك بين القوتين، إضافة إلى قلة معرفة القوات الاتحادية بتضاريس وجغرافية هذه المناطق، ما يؤدي إلى عدم تمكنها من ضبط هذه المناطق عسكرياً». ويستدرك ياور أن الجانبين يعملان حالياً على تطبيق اتفاقية مشتركة تتضمن «إنشاء مراكز تنسيق بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية ودمج القوتين في خط واحد على طول المناطق المحاذية وإنشاء نقاط تفتيش مشتركة والتنسيق بتبادل المعلومات الاستخباراتية والقيام بعمليات مشتركة يتم من خلالها ضبط هذه المناطق عسكرياً وأمنياً».
ياور كشف أن القوات الاتحادية لديها خطة تتركز على «انتشار الجيش الاتحادي في الخط المحاذي لقوات البيشمركة، ومن حدود إيران، وصولاً إلى منطقة ربيعة في محافظة نينوى على الحدود السورية، على أن يكون باقي القوات في الخط الثاني، لوجود اتفاق بين قوات البيشمركة والجيش في العمل المشترك»، مبيناً أن المعلومات الواردة إلينا تؤكد أن قوات الجيش الاتحادي «انتشرت في منطقة سهل نينوى قريباً من قوات البيشمركة، وتم سحب جميع القوات الأخرى (التابعة للحشد الشعبي) إلى الخط الثاني».
وكانت قيادة العمليات المشتركة قد وجهت في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بسحب قوات اللواء 30 من «الحشد الشعبي» الموجود في منطقة سهل نيوى لمسافة 10 كيلومترات واستبدالها بقوات من الجيش العراقي، بعد حادثة استهداف مطار أربيل بـ4 صواريخ من تلك المنطقة.