خبراء يحذرون من مدّ تركيا نفوذها إلى الساحة الفلسطينية

TT

خبراء يحذرون من مدّ تركيا نفوذها إلى الساحة الفلسطينية

حذر سياسيون إسرائيليون من محاولات تركيا مد نفوذها إلى الساحة الفلسطينية، والحلّ مكان مصر في الدور الريادي بالمنطقة، بمساعدة قطر وعناصر أخرى في المحور الراديكالي. واعتبروا هذه المحاولات مضرة ليس فقط بالفلسطينيين والإسرائيليين، بل يمكنها أن تشجع على التدهور نحو صدامات وعنف وتوتر.
ونقل على لسان وزير سابق من أنصار السلام اليوم، القول، إن «مصر تؤدي دوراً حاسماً في توفير الهدوء والاستقرار المنطقة، ومنعت الحرب مرات عدة على قطاع غزة، وحاولت وما زالت تحاول تخليص الفلسطينيين من نقطة ضعفهم الأساسية، الانقسام، حتى يصبح لهم وزن أكبر في المفاوضات؛ ولهذا السبب بالذات يحاربها هؤلاء». وأضاف، أن من سيدفع ثمن التدهور، شعوب المنطقة القريبة، أي إسرائيل وجيرانها، بينما هم يتفرجون من بعيد.
وانتقد الوزير السابق سياسة الحكومة الإسرائيلية في هذا المجال، وقال إنها ترى الفلسطينيين يلجأون إلى أنقرة ويورّطون أنفسهم في معسكر متطرف، ولا تحرك ساكناً لتغيير توجههم، مع أنها تستطيع فعل الكثير.
وكتب الدكتور تسفي برئيل، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والكاتب المحلل في صحيفة «هآرتس»، أمس، بالروح نفسها، وأضاف أن إسرائيل تساهم بذلك. وقال، إن السلطة الفلسطينية قلقة من انهيار الوضع الاقتصادي في ظل «كورونا» وتفتش عن مصادر تمويل. «فهي من جهة ترفض تسلم أموال الضرائب من إسرائيل، طالما تخصم قيمة رواتب الأسرى وعائلات الشهداء، ومن جهة أخرى تعاني من خفض المساعدات العربية والدولية، وأوروبا ترفض أن تقدم مساعدات بديلة». ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترفض التنازل، متأملة أن تؤدي الأزمة بالسلطة إلى التراجع فتحصل على أموال الضرائب وتنضم إلى خطة الرئيس دونالد ترمب. لكن السلطة ذهبت في اتجاه آخر. فهي ترى كيف تحولت قطر إلى بنك آلي لقطاع غزة و«حماس»، وتأمل أن تفوز بتعامل مماثل، وتنتظر فقط نتائج الانتخابات الأميركية حتى تحسم أمرها بشكل نهائي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».