«لا عوائق» أمام تكليف الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

باسيل يستعد لخوض «معركة التأليف»... وشروط الاختصاص «لا تنطبق» على الرئاسات الثلاث

الطريق تبدو سالكة أمام تكليف الحريري تشكيل حكومة جديدة خلال الاستشارات النيابية يوم الخميس (رويترز)
الطريق تبدو سالكة أمام تكليف الحريري تشكيل حكومة جديدة خلال الاستشارات النيابية يوم الخميس (رويترز)
TT

«لا عوائق» أمام تكليف الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

الطريق تبدو سالكة أمام تكليف الحريري تشكيل حكومة جديدة خلال الاستشارات النيابية يوم الخميس (رويترز)
الطريق تبدو سالكة أمام تكليف الحريري تشكيل حكومة جديدة خلال الاستشارات النيابية يوم الخميس (رويترز)

يفترض أن تكون الطريق إلى الاستشارات النيابية المُلزمة التي سيُجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد غد الخميس، لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة، قد أصبحت سالكة وآمنة، لافتقاد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، القدرة على تعطيلها وستنتهي حتماً إلى تكليف زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بتشكيلها، وذلك للمرة الرابعة منذ دخوله المعترك السياسي بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005.
وتستبعد مصادر سياسية إمكان حصول مفاجآت ليست مرئية تدفع باتجاه إرجاء الاستشارات للمرة الثانية في خلال أسبوع، وتعزو السبب إلى أن الرئيس عون كان أمهل باسيل، عندما قرر تأجيل الاستشارات، لعله يتمكّن من إعادة خلط الأوراق لقطع الطريق على تكليف الحريري، في حال لم يستجب الأخير لدفتر شروطه، وبالتالي لم يعد في وسعه التمديد لترحيل الاستشارات، إلا إذا بادر باسيل إلى ابتداع مغامرة جديدة لتأجيلها، خصوصاً وأنه - كما يقول رئيس حكومة سابق، فضّل عدم ذكر اسمه - «من أصحاب السوابق» في هذا المجال.
ويؤكد رئيس الحكومة السابق لـ«الشرق الأوسط»، أن التعامل مع باسيل على أنه يعشق المغامرة غير المحسوبة ينطلق من تاريخه السياسي في تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ومنع الحكومات التي شارك فيها من الإنتاجية. ويضيف أن عون عطّل المجلس النيابي لأكثر من عامين، ولم يقرر الإفراج عنه إلا بعد أن ضمن انتخابه رئيساً للجمهورية من برلمان ممدّد له، وكان أول من اعترض على التمديد بذريعة أنه يفتقد إلى الشرعية، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه فور انتخابه.
ويقول إن عون، ومن خلفه باسيل، يتحمّلان مسؤولية في تأخير تشكيل الحكومات، ويسأل لماذا عطّل جلسات مجلس الوزراء بعد حادثة قبرشمون، ثم سرعان ما تراجع عن شروطه بإحالتها على المجلس العدلي؟
ويعتبر رئيس الحكومة السابق أن عون لم يكن في حاجة إلى المعارضة التي بدأت تتكوّن بعد أشهر على انتخابه رئيساً للجمهورية، طالما أنه ترك باسيل يتصرّف وكأنه «رئيس الظل» الذي سخّر كل إدارات الدولة لخدمة طموحاته الرئاسية، واصطدم بحلفائه قبل خصومه، ويكاد الآن أن يترك «العهد القوي» وحيداً لو لم تكن هناك من حاجات متبادلة تجمعه بـ«حزب الله»، وإن كانت ذات بُعد سياسي محلي، رغم أن الأخير لا يخفي عدم ارتياحه للتعامل مع جبران باسيل، ويشكوه من حين لآخر لرئيس الجمهورية.
وتلفت المصادر السياسية إلى أن عون يفتقد الأوراق الضاغطة، ليستخدمها من أجل تعويم باسيل وإنقاذه سياسياً، وتؤكد أن إنجاز الاستشارات بات موضع اهتمام دولي وإقليمي، بل باتت «مدوّلة بامتياز»، حسب رأي المصادر، وهذا ما يترجم بتصاعد وتيرة الضغط الفرنسي والأميركي الذي تحوّل إلى حصار يطوّق من يراهن على ترحيل الاستشارات.
وتعتبر هذه المصادر أن باسيل «خسر معركة التشكيل التي خاضها وحيداً برغم كل التسهيلات اللوجستية التي وفّرها له رئيس الجمهورية، وبات يتحضّر الآن لخوض معركة التأليف، بدءاً بمراقبة الصيغة الوزارية التي سيتقدم بها الحريري فور تكليفه»، للتأكّد مما إذا كان سيراعي فيها خصومه أو حلفاءه ليطلب معاملته بالمثل، مضيفة أنه كان يغمز من حين لآخر في قناة حليفه «حزب الله» بذريعة عدم مراعاته لمواقفه من الحكومة الجديدة المرتقبة.
وتقول إن معركة التأليف لن تكون سهلة، مضيفة أن باسيل يعوّل على الطلب من عون حصر التمثيل المسيحي بتياره السياسي، في ظل امتناع حزب «القوات اللبنانية» عن المشاركة في الحكومة المفترض أن يشكلها الحريري، انسجاماً مع موقفه المعلن (رفض تسمية الحريري في الاستشارات)، بالإضافة إلى استقالة نواب حزب «الكتائب» من البرلمان، مشيرة إلى أن هذه المبررات قد تكون خط الدفاع الأخير لباسيل لاسترداد ما يسهم في تعويمه.
وتكشف المصادر نفسها أن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد (حزب الله)، أبلغ رئيسة كتلة «المستقبل» النيابية، بهية الحريري، عندما التقاها في إطار جولة المشاورات التي تولّتها الأخيرة بأن تأييده لـ90 في المائة من المبادرة الفرنسية لا يعني أن الموافقة على العشرة في المائة الأخيرة محصورة فقط برفض إجراء الانتخابات النيابية المبكّرة، إنما تشمل قضايا أخرى، ما يعني تحفّظ «حزب الله» على بعض ما ورد في الورقة الإصلاحية التي تقدّم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان سبق للسيد حسن نصر الله أن طرح تحفظاته أخيراً.
وعليه فإن إصرار «التيار الوطني» على أن يتولى رئاسة الحكومة من هو من أصحاب الاختصاص والمستقلين، لن يلقى - كما تقول المصادر السياسية - استجابة من الآخرين. وتعزو السبب إلى أن موقع الرئاسة الثالثة (رئاسة الحكومة) هو موقع سياسي بامتياز.
وتسأل المصادر: «هل إن عون انتُخب رئيساً لأنه من أصحاب الاختصاص أم كونه يتزعم تياراً سياسياً، وبالتالي يجب أن ينسحب انتخابه على رئيس الحكومة الذي يتزعم ثاني أكبر كتلة نيابية، ويُعتبر الأول في طائفته، ناهيك عن أن موقع الرئاسة هو أساس في المعادلة السياسية، وإلا كيف سيرد على رئيس البرلمان نبيه بري (الرئاسة الثانية)؟ كما تسأل المصادر ذاتها: «لماذا لا يبدأ عون بتطبيق مواصفات باسيل لرئاسة الحكومة على نفسه أولاً، بدءاً بعدم ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء، مع أن الدستور يجيز له ذلك، ويترك الجلسات بعهدة رئيس الحكومة؟»، وتتابع أن استجابة عون لشروط باسيل تعني أنه يطيح بشراكة الطائفة السنّية في السلطة السياسية. «فهل ينصاع عون للوصفة السياسية التي يدافع عنها باسيل، أم يتدارك منذ الآن إقحام البلد في مأزق سياسي»، حسب ما تسأل المصادر السياسية ذاتها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».