42 برلمانياً يقاطعون جلسة مجلس النواب الليبي

جانب من عمليات إزالة الألغام المتواصة في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
جانب من عمليات إزالة الألغام المتواصة في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
TT
20

42 برلمانياً يقاطعون جلسة مجلس النواب الليبي

جانب من عمليات إزالة الألغام المتواصة في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
جانب من عمليات إزالة الألغام المتواصة في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

قاطع 42 نائباً برلمانياً ليبياً جلسة مجلس النواب، الذي يرأسه المستشار عقيلة صالح، وكان مقرراً انعقادها أمس (الاثنين) في بنغازي، لأسباب عدة، من بينها ضرورة مطالبة رئاسة المجلس بالعمل على إعادة التئام البرلمان المنقسم بين شرق وغرب البلاد، وتوحيده، ثم يعقب ذلك عقد جلسة لهذا الغرض.
وبعد انقطاع دام قرابة عام، دعت هيئة رئاسة مجلس النواب جميع الأعضاء لحضور جلسة أمس في مدينة بنغازي، لكن سرعان ما توالت دعوات المقاطعة لها لأسباب أهمها عنصر المفاجأة للنواب، خصوصاً أولئك الذين يقطنون في جنوب وغرب ليبيا، وعدم استشارتهم مسبقاً في ذلك.
وعبر «تجمع الوسط النيابي» في بيان، أمس، عن استغرابه مما سماه «الدعوة المفاجئة من قبل رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة اعتيادية بمدينة بنغازي، بعد غياب طويل عن الانعقاد، رغم حجم الاستحقاقات التي كانت أمام المجلس والتي تستحق المناقشة»، مشيراً إلى أنه «تمت الدعوة لجلسة عادية دون جدول أعمال، كأن كل ما يحدث في البلاد، وما حدث بالمجلس من انقسام غير كافٍ للحديث عن جلسة استثنائية تعيد له لحمته ووحدته، وإرادته الجماعية الممثلة لكل البلاد».
وتسببت العملية العسكرية، التي شنّها «الجيش الوطني» على طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) عام 2019، في انقسام أعضاء مجلس النواب، بين مؤيد للحرب على العاصمة ومعارض لها. ومنذ الشهر التالي للحرب، قاطع نحو 60 نائباً جلسات البرلمان المنعقد في طبرق، برئاسة عقيلة صالح، وبدأوا في عقد جلسات موازية في فندق ريكسوس الشهير بالعاصمة، وانتخب 49 منهم الصادق الكحيلي رئيساً للبرلمان في العام الأول، ثم حل بدلاً منه حمودة سيالة في الدورة البرلمانية الجارية.
ورأى تكتل «تجمع الوسط النيابي» أن «عدم اكتراث الرئاسة بإعادة المجلس للعمل بنصابه القانوني يجعلنا نشعر بأن الرئاسة راضية بهذا الجمود، والانقسام الحاصل في المجلس حتى تتفرد بإرادة المجلس وقراره، وهو ما يؤكده ما تم تشكيله من لجان، وما اتخذ من قرارات باسم المجلس، دون أن تعقد جلسات أو يستشار النواب»، مبرزاً أن تجمع تيار الوسط النيابي (عدد أعضائه 27 نائباً) «سبق أن بذل جهوداً كبيرة لعقد جلسة لتوحيد المجلس، لكن لم تلقَ مع الأسف الدعم المطلوب من الرئاسة».
وعزا «التجمع» مقاطعة الجلسة إلى مطالبة الرئاسة بتوجيه جهودها لإعادة التئام مجلس النواب وتوحيده، والدعوة لجلسة لهذا الغرض، مشدداً على ضرورة «الامتناع عن إصدار قرارات باسم المجلس، دون مشورة (تجمع الوسط النيابي)، والعمل على وضع خريطة وطنية واضحة المعالم لاستكمال ما بعهدة المجلس من استحقاقات دستورية، خصوصاً فيما يتعلق بإنهاء المرحلة الانتقالية، والاستفتاء على الدستور».
وانتهى «التجمع» بالتأكيد على أنه داعم لكل الجهود السلمية، لكن في الوقت ذاته ينبه الجميع إلى أن أعضاء التجمع «هم نواب يمثلون الشعب، الذي اختارهم في انتخابات حرة ونزيهة، وأنهم لم يخولوا أحداً القيام باختصاصاتهم نيابة عنهم، وأنهم ليسوا موظفين لدى أحد ليستدعيهم وفق إرادته الشخصية».
ومجلس النواب المنتخب عام 2014 يضم 188 نائباً، بالإضافة إلى 12 مقعداً شاغراً، لم يتم تمثيلهم، حيث لم يتم انتخابهم في بعض المدن التي كانت في قبضة المتطرفين. وهو يحظى باعتراف دولي، ويمارس مهامه إلى جانب الحكومة المؤقتة في الشرق، برئاسة عبد الله الثني، في موازاة حكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً، التي يرأسها فائز السراج.
في السياق ذاته، عبر فوزي الطاهر النويري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، عن «استغرابه للدعوة التي جاءت مفاجئة لانعقاد المجلس»، وقال في بيان غاضب: «أنا أحد أعضاء رئاسة المجلس، وبصفتي النائب الأول لرئيس المجلس لم يتم إبلاغي برغبة الرئاسة في توجيه هذه الدعوة، ولم تتم استشارتي، أو أخذ موافقتي من عدمها».
وتطرق النويري إلى «عدم اجتماع رئاسة المجلس منذ قرابة عام، ومع تكرار اتصال (السادة) النواب للاستفسار عن هذه الدعوة وأسبابها، فإنني غير مسؤول عن إصدارها دون التشاور حولها، وإقرارها طبقاً لنصوص اللائحة الداخلية المنظمة لعمل مجلس النواب».
وانتهى النويري قائلاً: «يتوجب على من وجه هذه الدعوة توضيح أسبابها للنواب وجدول أعمالها».
في السياق ذاته، أعلن تكتل «فزان النيابية»، مساء أول من أمس، مقاطعته جلسة البرلمان، وقال إن أعضاءه «تلقوا الدعوة المفاجئة من قبل رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة اعتيادية، بعد غياب طويل عن الانعقاد، رغم حجم الاستحقاقات التي أمام المجلس»، معلناً مقاطعة الجلسة التي دعت إليها رئاسة المجلس، وسط مطالبته بجهود لإزالة الانقسام بين جميع النواب، علماً بأن «تكتل فزان» يتكون من 14 نائباً يمثلون الجنوب الليبي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.