صحافيو الجزائر يحتجون ضد «التضييق على وسائل الإعلام»

طالبوا الحكومة بـ«دولة مدنية» عشية الاحتفال باليوم الوطني لحرية الصحافة

جانب من احتجاجات الصحافييين الأسبوعية المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الصحافييين الأسبوعية المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
TT

صحافيو الجزائر يحتجون ضد «التضييق على وسائل الإعلام»

جانب من احتجاجات الصحافييين الأسبوعية المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الصحافييين الأسبوعية المطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)

بينما تحضّر الحكومة الجزائرية للاحتفال بـ«اليوم الوطني لحرية الصحافة»، (22 أكتوبر/ تشرين الأول)، طالب عشرات الصحافيين، أمس، خلال «وقفة التضامن» العاشرة مع الصحافي السجين خالد درارني، بـ«وقف المضايقات ضد وسائل الإعلام»، والمتابعات القضائية والأمنية ضد الصحافيين.
وتجمع الصحافيون، الذين ينتمون لوسائل إعلام عمومية وخاصة، بـ«دار الصحافة» في العاصمة، حاملين صور مراقب «مراسلون بلا حدود»، درارني، الذي دانته محكمة الاستئناف بالسجن عامين مع التنفيذ، بتهمتي «المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على تنظيم مظاهرة غير مرخصة». وتعالت صيحات المحتجين للمطالبة بـ«دولة مدنية لا عسكرية»، وهو من أهم مطالب وشعارات الحراك الشعبي عندما انفجر العام الماضي، ضد التمديد للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وشارك في المظاهرة المحامي والحقوقي الشهير مصطفى بوشاشي، وبعض المعتقلين السياسيين سابقاً، من بينهم سمير بن العربي، وزملاء درارني بالصحيفة الإلكترونية «قصبة تريبيون» التي يديرها. واستنكر المتظاهرون اتهام الصحافي بـ«التخابر مع سفارة فرنسا بالجزائر» من طرف الرئيس عبد المجيد تبون، في حين لا يوجد أي أثر لهذه التهمة في ملفه القضائي، الذي هو محل طعن بالنقض لدى «المحكمة العليا».
وصرح وزير العدل بلقاسم زغماتي، في وقت سابق، بأن درارني متابع بخصوص وقائع لا علاقة لها بنشاطه الصحافي، بعكس ما يقول محاموه. واعتقل الصحافي في مارس (آذار) الماضي، عندما كان بصدد تصوير مظاهرة معارضة للسلطة بالعاصمة.
ويوجد في السجن منذ ثلاثة أشهر صحافي يدعى عبد الكريم زغيلش، تابعته النيابة بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية»، وذلك بسبب منشور له بشبكة التواصل الاجتماعي، وصف فيه الرئيس بأنه «صنيعة العسكر». ويدير زغيلش إذاعة تبث برامج على الإنترنت، أغلقت السلطات مكاتبها الموجودة بمدينة قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة) العام الماضي.
وتنظم الحكومة في 22 أكتوبر من كل عام احتفالاً بـ«اليوم الوطني لحرية الإعلام»، الذي أطلقه الرئيس السابق بوتفليقة. وتمنح بالمناسبة «جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف»، لأفضل الأعمال الصحافية، التي يتم إنجازها على أساس مواضيع تحددها سلفاً وزارة الإعلام ولا يمكن الخروج عنها. وتعرف هذه المناسبة مقاطعة وسائل الإعلام، التي تحتفظ بهامش استقلال عن الحكومة، بعكس وسائل الإعلام العمومية التي تشارك فيها بكثافة.
إلى ذلك، ذكر الرئيس تبون في خطاب للمشاركين في اللقاء السنوي لـ«أسبوع القرآن الكريم»، الذي نظم أمس بمستغانم (غرب)، قرأه وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي، بأن الجزائر «تعيش أجواء ذكرى نوفمبر (شهر شهد تفجير ثورة الاستقلال عام 1954)، الذي سجل فيه شعبنا الأبي صفحة خالدة من تاريخه المعاصر، ويحيي في هذه الأجواء المباركة مولد خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام».
وتحدث تبون عن مشروع «جامع الجزائر»، الذي سيفتتح في الأول من الشهر المقبل، في اليوم نفسه الذي سينظم فيه استفتاء التعديل الدستوري، وقال إن «شهر نوفمبر (تشرين الثاني) يستعد ليضيف إلى بلادنا إنجازاً دينياً وعلمياً وثقافياً جديداً، وهو جامع الجزائر... صرح حضاري في الجزائر الجديدة المعتزة بأصالتها والمتمسكة بهويتها، وبكل ما فيه من أسباب القوة والوحدة، والمتفتحة على العصرنة بمنجزاتها العلمية والحضارية، وما تحمله من قيم التقارب والتعاون بين الشعوب والأمم».
يشار إلى أن المشروع، الذي يوجد بالضاحية الشرقية للعاصمة، كلف بناؤه 1.5 مليار دولار وينسب للرئيس السابق.
وأفاد الرئيس تبون بأن «هدي القرآن الكريم يدعونا إلى أن نتفانى في خدمة هذه الأرض الطيبة، التي حررها الشهداء لتحقيق ما تطلع إليه من وثبات في مجال التنمية، بالاعتماد على ثرواتها وطاقاتها، وأعظم هذه الثروات هي ثروة الشباب القادرة على الإبداع والابتكار، وإنشاء المؤسسات الاقتصادية المنتجة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.