السودان يتوقع حكومة جديدة بعد توقيع اتفاقية السلام

البرهان وحمدوك في افتتاح أحد المؤتمرات الشهر الماضي (أ.ف.ب)
البرهان وحمدوك في افتتاح أحد المؤتمرات الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

السودان يتوقع حكومة جديدة بعد توقيع اتفاقية السلام

البرهان وحمدوك في افتتاح أحد المؤتمرات الشهر الماضي (أ.ف.ب)
البرهان وحمدوك في افتتاح أحد المؤتمرات الشهر الماضي (أ.ف.ب)

يتوقع أن يعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك حل حكومته الانتقالية، وتشكيل حكومة جديدة ذات مرجعية سياسية محددة، وإنهاء أمد حكومة «التكنوقراط المستقلين»، حال إكمال «الجبهة الثورية» تحديد ممثليها في الحكومة المنتظرة وفقا لنص اتفاق سلام جوبا، ويجري ذلك وسط استعدادات حثيثة لمواكب مليونية لتأييد الانتقال وقطع الطريق أمام ما يطلق عليه قوى الردة.
ونصت اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية وحركات مسلحة وقوى سياسية منضوية تحت لواء «الجبهة الثورية»، 3 أكتوبر (تشرين الأول) بجوبا، على تمثيل قوى السلام بما نسبته 25 في المائة من مقاعد الحكومة الانتقالية (5) وزراء، و3 أعضاء في المجلس السيادي، و75 عضوا في المجلس التشريعي «البرلمان».
وقال مصدر تحدث للصحيفة أمس، إن المرجعية السياسية للحكومة الممثلة في تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، وبالتشاور مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ستشرع في تسمية الحكومة البديلة عقب توافق شركاء السلام الممثلين في الجبهة الثورية على ممثليهم في الحكومة. وأوضح المصدر أن حمدوك طلب «صراحة» من الحرية والتغيير بشكل واضح تسمية وزراء جدد ذوي خلفية سياسية، بديلا لبعض وزراء الانتقال الحاليين المعرفين بأنهم «تكنوقراط مستقلون»، فيما تجري المشاورات داخل التحالف الحاكم لاختيار ممثليه في «المجلس التشريعي»، ومتابعة الإعداد لمؤتمر التحالف.
وأوضح أن قوى إعلان الحرية والتغيير ستبحث في اجتماع اليوم - أمس - قضية تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وذلك بعد أن عقدت لجنة تابعة للتحالف الحاكم «السبت» اجتماعا مع المكون العسكري في مجلس السيادة، وينتظر أن يخرج الاجتماع بقرارات تتعلق بتشكيل المجلس التشريعي، والاستماع لتقارير عمل اللجان المتخصصة المنبثقة عن التحالف، وقال: «إعادة تشكيل الحكومة جزء من اتفاق لمرحلة ما بعد السلام، وأقر إحلال وزراء سياسيين حقيقيين» فيما ذكر مصدر آخر أن رئيس الوزراء طلب صراحة رفده بوزراء بمرجعية سياسية محددة.
ونصت الوثيقة الدستورية الموقعة بين الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي 17 أغسطس (آب) 2019، على تشكيل مجلس تشريعي انتقالي، مكون من 300 عضو، في غضون 3 أشهر من تاريخ التوقيع، بيد أن الأطراف الانتقالية لم تتمكن من تشكيله في الوقت المحدد، واستعانت عنه بما سمته المجلس التشريعي المؤقت، ويتكون من مجلسي السيادة والوزراء مجتمعين، ويصدر القرارات في اجتماع مشترك.
وأشار المصدر إلى اتفاق سابق، بإعادة تشكيل الحكومة بعد توقيع اتفاق السلام، واستيعاب ممثلي القوى الموقعة على الاتفاق في الحكومة، وأضاف «بعض الوزراء سيذهب وسيأتي وزراء جدد، وبرغم رغبة حمدوك أن يأتي للوزارة أشخاص ذوو خلفية سياسية، فإن اختيار سياسيين بمحاصصة ربما يأخذ الأمر وقتا أطول».
وأوضح أن اجتماع المجلس سيبحث ترتيبات تشكيل المجلس التشريعي، وسماع تقارير من اللجان المكونة، بما فيها اللجنة الاقتصادية، ولجنة شرق السودان، وقال إن «لجنة تعمل على الإعداد لمؤتمر الحرية والتغيير، بانتظار تسمية الجبهة الثورية - الموقعة على اتفاق سلام جوبا - لممثليها في الحرية والتغيير»، واستطرد: «تكوين اللجنة حسم تقريبا بنسبة 70 في المائة من كل القوى، وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي سمت 3 ممثلين لها، وبانتظار تسمية الجبهة الثورية لـ3 أو 4 ممثلين، وحضر من تجمع المهنيين بطرفيه ممثلون عن كل طرف، ومجموعة القضايا المطلبية التي يفترض تحديد ممثليها».
وقاد «تجمع المهنيين السودانيين» الاحتجاجات التي أسقطت نظام المعزول عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، بيد أن التجمع انقسم على نفسه، وأطلقت المجموعة التي يقودها أيقونة الاحتجاجات «ناجي الأصم»، على المجموعة التي سيطرت على التجمع «مجموعة الانقلابيين»، وأعلنت تكوين تجمع آخر، وهو ما جعل التجمع يمثل بمجموعتين داخل قوى إعلان الحرية والتغيير.
من جهة أخرى، نشطت قوى سياسية ومدنية في حشد المواطنين للخروج في «موكب مليوني» 21 أكتوبر الجاري، وبالتزامن مع ذكرى الثورة الشعبية السودانية الأولى التي أسقطت حكم الجنرال إبراهيم عبود في 1964.
وتباينت الآراء حول أهداف الموكب، بين مؤيد للحكومة وداعم لها ومطالب بإكمال مهام الانتقال وتصفية نظام الـ30 من يونيو ومحاكمة رموزه واسترداد الأموال المنهوبة والثأر للشهداء، وبين منادين بإسقاطها تحت زعم الفشل في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول)، بيد أن البيانات الصادرة عن القوى السياسية، حثت المواطنين على إعلان تأييدهم للحكومة، وفي ذات الوقت الضغط عليها لتنفيذ ما أطلق عليه «تحقيق شعارات الثورة».
ودعا الحزب الشيوعي جماهيره وقوى الثورة، للخروج في الموكب، وقال في بيان: «نجدد دعوتنا للشيوعيين والديمقراطيين، وكافة قوى الثورة، وفصائلها للمشاركة في مليونية 21 أكتوبر 2020 مواصلة لطريق اخترناه سويا، للمضي قدما في تحقيق مستحقات الثورة المضمنة في إعلان الحرية والتغيير، وحق السودانيين في حياة كريمة كما ينبغي، وذلك دعما للحكومة الانتقالية، وسندا لها لمن تسول له نفسه العبث بمقدرات شعبنا».
وفي ذات الوقت دعت «لجان مقاومة» - وهي تنظيمات قادت الاحتجاجات ضد نظام البشير - إلى ما سمته إكمال هياكل الانتقال، بما في ذلك المجلس التشريعي والمفوضيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وشددت على محاسبة رموز النظام المعزول، بمواجهة ما سمته عجز الحكومة الانتقالية عن تحقيق شعارات ثورة ديسمبر 2018.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.