الأرصاد الجوية... توقعات طقس دقيقة لفترات طويلة

قلة المتغيرات المناخية في المناطق الاستوائية توفر تنبؤات أفضل

الأرصاد الجوية... توقعات طقس دقيقة لفترات طويلة
TT

الأرصاد الجوية... توقعات طقس دقيقة لفترات طويلة

الأرصاد الجوية... توقعات طقس دقيقة لفترات طويلة

يتوقع الخبراء أن يساهم التقدم التقني في الحصول على توقعات مسبقة وأكثر دقة للأحوال الجوية تغطي أسابيع ولا سيما في المناطق الاستوائية.
كيف سيكون الحال لو أننا نستطيع الحصول على تقرير دقيق للأحوال الجوية لمدة ثلاثة أسابيع؟ قد يصبح هذا الأمر ممكنًا قريبًا في بعض مناطق العالم.
توقعات موثوقة
تقول الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية إن الخبراء يستطيعون اليوم تقديم توقعات موثوقة لحالة الطقس لثمانية أيام في معظم أنحاء الولايات المتحدة. في السنوات الأخيرة، أظهرت الأبحاث أن تحسين التقنية قد يعزز دقة توقعات الأرصاد الجوية لمدة تصل إلى 15 يومًا. ووجدت دراسة أخيرة نشرها فالكو جادت، الباحث في الغلاف الجوي في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في بولدر، كولومبيا، أن احتمال التوصل إلى هذه التوقعات الدقيقة أكبر في المناطق الاستوائية.
أجرى الدكتور جادت سلسلة من تجارب المحاكاة لنماذج المناخ العالمي. وكما كان متوقعًا، فشلت إمكانية التوصل إلى توقعات دقيقة للأرصاد الجوية لأكثر من أسبوعين في المناطق القطبية وكذلك تلك الواقعة على خطوط العرض المتوسطة والتي تغطي معظم الولايات المتحدة. ولكن النتيجة اختلفت في المناطق الاستوائية حيث أظهر النموذج إمكانية الحصول على توقعات دقيقة لفترة تتجاوز 20 يومًا، ما يرجح أن التوقعات المناخية ستغطي في يومٍ من الأيام المناخ الاستوائي بدقة قبل ثلاثة أسابيع من حصوله وربما لفترة أطول في المستقبل.
مناخ استوائي
يقول جادت إن الظواهر المناخية الاستوائية تتميز بشكل عام بالسلاسة وقلة المتغيرات، أي أن طبيعتها تسهل تقديم توقعات لفترة أطول. على سبيل المثال، قد تعيش نيويورك مناخًا دافئًا قبل يوم واحد من عاصفة ثلجية، بينما لا يمكن لغابات الأمازون المطرية أن تشهد هذا النوع من التقلبات الجذرية. في الأمازون، يمكنكم أن تشهدوا يومًا كثير الأمطار تتبعه عشرة أيام من الجفاف دون تغير ملحوظ في درجات الحرارة (قد لا يتجاوز الدرجتين).
ولكن اتساق المناخ الاستوائي لا يضمن القدرة نفسها على التنبؤ في جميع المناطق. يورد كيري إيمانويل، عالم غلاف جوي من معهد ماساتشوستس للتقنية مثالا هو أن «الساعة المتوقفة قابلة للتوقع بسهولة. عندما تتوقف هذه الساعة لخمس دقائق بعد الساعة الثانية عشرة ظهرًا، يمكن القول إنها ستبقى الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق إلى الأبد، ولكن هذا التوقع لن يكون ذكيًا».
تنطوي التوقعات المناخية في المناطق الاستوائية على بعض التحدي لأن نماذج التوقعات المناخية الموجودة حاليًا لا تناسب معظم الظواهر المناخية الشائعة فيها.
من جهته، اعتبر الدكتور جادت أن «معظم الأحوال الجوية في المناطق الاستوائية تأتي على شكل أمطار غزيرة وعواصف رعدية أصغر بكثير من تلك التي يشهدها نظام المناخ السائد في المناطق الواقعة على خطوط العرض المتوسطة. وتصعب محاكاة هذه الأمطار الغزيرة والعواصف الرعدية الصغيرة بنماذج توقعات الأحوال الجوية المستخدمة حاليًا».
يؤدي هذا القصور في النماذج إلى قصور في البيانات المتوفرة التي تستخدم عادة في صناعة التوقعات. تملك الولايات المتحدة وغيرها من الدول الواقعة على خطوط العرض المتوسطة المئات من محطات الأرصاد الجوية، بينما يقل عدد هذ المحطات في المناطق الاستوائية لأن المحيطات تغطي معظم مساحاتها. علاوة على ذلك، تفتقر الكثير من الدول الاستوائية إلى التمويل المطلوب لجمع البيانات عبر المناطيد والطائرات وطائرات الدرون وغيرها من الأجهزة المكلفة التي تستخدم في الدراسات المناخية.
تأثير الفراشة
إن غياب القدرة على التوصل إلى توقعات مناخية دقيقة في المناطق الاستوائية، ولا سيما الأمطار، يؤثر على الناس الذين يعيشون فيها بشكل كبير. يقول جادت إن كثيرا من هؤلاء السكان يعيشون من الزراعة وتربية الماشية وأن «زراعة المحاصيل وحصادها صعب جدًا عندما لا يعرف المرء متى ستمطر وكم ستمطر وطول الفترة التي ستشهد أمطارًا».
وأشار جادت إلى أن المناطق الاستوائية معرضة أيضًا لعواصف متطرفة تمطر فيها السماء لساعات طويلة. من هنا، ستساهم توقعات الأحوال الجوية المسبقة والطويلة الأمد في تحضير المجتمع ومساعدته على تجنب أضرار الممتلكات والإصابات والوفيات الناتجة عن الفيضانات.
تختبر نتائج الأبحاث التي أجراها جادت وعلماء آخرون من جامعتي بنسلفانيا وميونيخ ونشروها في السنوات الأخيرة حدود نظرية قدمها إد لورنز، عالم رياضيات وأرصاد جوية من معهد ماساتشوستس عام 1969، افترض فيها أن الاضطرابات الطفيفة في الغلاف الجوي يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات كبيرة مع الوقت في ظاهرة تعرف باسم «تأثير الفراشة» butterfly effect. وكتب لورنز أن هذا التأثير يفترض أن الحصول على توقعات مناخية مسبقة لمدة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع لن يصبح يومًا ممكنًا من الناحية الحسابية.
يطلق علماء اليوم على هذا الحاجز تسمية «أفق التوقع»، أي نقطة اللاعودة لتوقعات الأحوال الجوية وأن أي شيء يأتي بعدها ليس أكثر من تخمين عشوائي.
محدودية التنبؤات
يقول إيمانويل الذي عمل مع لورنز لأكثر من ثلاثة عقود إن «العلم يرسم سورًا واضحًا حول قدراته». ويضيف «مهما كانت كمية البيانات التي نملكها أو قوة الكومبيوترات المستخدمة، في النهاية، ستتباطأ القدرة على التحسين وتتضاءل حتى تتوقف نهائيًا».
ولكن هذا الأمر لا ينفي أن الأمور شهدت تحسنًا كبيرًا خلال العقود القليلة الماضية، ما يضيق الفجوة بين القدرة الحقيقية والقدرة التي يطمح إليها المجتمع العلمي في توقع الأرصاد الجوية. تقول أوجينيا كالناي، عالمة غلاف جوي في جامعة ماريلاند في كوليدج بارك والتي تدرس القدرة على توقع الأرصاد الجوية، إن «الأقمار الصناعية الحديثة المتخصصة بالأرصاد الجوية أحدثت ثورة في مجال التوقعات المناخية في المناطق الاستوائية».
وتضيف: «في التسعينات، لم نكن نملك مشاهدات من الأقمار الصناعية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. ولكن منذ ذلك الوقت، ازداد عدد مشاهدات الأقمار الصناعية ونوعيتها بشكل ملحوظ، أي أن القدرة على الوصول إلى توقعات مناخية دقيقة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية أصبحت بجودة توقعات النصف الشمالي منها».
ويشرح جادت أن «النماذج المناخية العالمية التي لا تزال في مرحلة التطور تساعد على محاكاة الأمطار الغزيرة والعواصف على عكس النماذج المستخدمة اليوم. ومن المتوقع أن تساعد النماذج المستقبلية مجتمعةً مع سلسلة من الأقمار الصناعية المناخية المزمع إطلاقها في السنوات القليلة المقبلة، في تقديم توقعات مناخية أطول للمناطق الاستوائية». ويختم قائلًا إنه «يبقى علينا أن نراقب التحسن في توقعات الأرصاد الجوية في السنوات العشر المقبلة».
• خدمة «نيويورك تايمز»



دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».