وفد سويدي يزور شرق الفرات لبحث «ملفات إنسانية وسياسية»

احتكاك أميركي مع قوات الحكومة السورية في ريف الحسكة

المبعوث السويدي الخاص للملف السوري (يسار) مع فنر الكعيط نائب رئيس العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» أمس (الشرق الأوسط)
المبعوث السويدي الخاص للملف السوري (يسار) مع فنر الكعيط نائب رئيس العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» أمس (الشرق الأوسط)
TT

وفد سويدي يزور شرق الفرات لبحث «ملفات إنسانية وسياسية»

المبعوث السويدي الخاص للملف السوري (يسار) مع فنر الكعيط نائب رئيس العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» أمس (الشرق الأوسط)
المبعوث السويدي الخاص للملف السوري (يسار) مع فنر الكعيط نائب رئيس العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» أمس (الشرق الأوسط)

وصل أمس إلى مناطق «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، وفد رفيع المستوى من الخارجية السويدية برئاسة بير أورينوس مبعوثها الخاص للملف السوري، وتوماس ماركوس مسؤول الملف الإنساني بالخارجية وأفين جتين المستشارة بالمعهد الأوروبي للسلام. وعقدوا اجتماعاً مع الدكتور عبد الكريم رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة، تناول الملفات السياسية والإنسانية وبحثوا أوضاع قاطني مخيمات «الهول» و«روج» بريف الحسكة الخاصة بعوائل وأسر مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، واستعرضوا ملف ومصير السجناء الأجانب في سجون الإدارة.
وكانت الحكومة السويدية قد استعادت 8 أطفال يتامى العام الماضي، ولا يزال هناك عشرات من النساء والأطفال في المخيمات، لكن الإدارة الذاتية أشارت بأنها سلمت قرابة 200 امرأة ونحو 300 طفل من 20 جنسية مختلفة لحكومات بلدانهم الأصلية، على رأسها روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وأستراليا والدنمارك، إضافة إلى فنلندا والنرويج والسويد وهولندا وإيطاليا والنمسا وكندا، ودول أوزباكستان ونيجيريا وكازاخستان ودول عربية.
وكان مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية، قد أعرب عن دعمه تصريحات وزيرة الخارجية السويدية آنا ليندي، بعد دعوتها خلال مؤتمر صحافي عقد في أنقرة الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، والدعوة إلى الانسحاب من سوريا، والعمل على إيجاد حل سياسي يحترم وحدة الأراضي السورية.
وقال في تغريدة نشرت على حسابه بموقع «تويتر»: «نتفق مع تعليقات وزيرة الخارجية السويدية آنا ليندي بشأن الانتهاكات التي ارتكبتها تركيا في شمال شرقي سوريا»، وأشار لدعوة السويد تركيا إلى ضرورة «سحب قواتها من سوريا، والعمل على حل سياسي يحترم وحدة أراضي سوريا وتنوعها السياسي».
بدورها، رحبت القيادية إلهام أحمد، الرئيسية التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، بدعوة خارجية السويد المطالبة أنقرة بسحب جيشها من شمال شرقي سوريا، وقالت في حديث لجريدة (الشرق الأوسط): «نتقدم بجزيل الشكر والاحترام إلى السيدة آن ليندي وزيرة الخارجية بالسويد التي طالبت تركيا بكل وضوح بالانسحاب من سوريا»، ونوهت بأن ليندي: «أعربت عن دعم لا مشروط لسكان شمال وشرق سوريا. وهو موقف عظيم من سيدة قوية ومدافعة نشطة عن حقوق الإنسان».
في السياق، أجلت طائرة تابعة لوزارة الدفاع الروسية يوم الجمعة الماضي من مطار القامشلي دفعة جديدة من الأطفال الروس الذين كانوا بمخيم الهول، وقالت أنا كوزنتسوفا رئيسة مفوضة حقوق الطفل والتي تسلمت الأطفال من الإدارة الذاتية بأن الأطفال الذين تم إجلاؤهم: «تتراوح أعمارهم بين عامين و13 سنة وهي الرحلة الثالثة بعد انتشار جائحة كورونا».
واستعادت روسيا حتى اليوم 102 طفل حيث أجلت خلال السنة الماضية 35 طفلاً، و15 طفلا بداية العام الجاري و25 بشهر أغسطس (آب) الفائت من بين مئات الأطفال موزعين على سوريا والعراق لأباء كانوا مقاتلين في صفوف تنظيم «داعش» المتطرف.
ولفتت أنا كوزنتسوفا إلى أن «الأطباء الروس تمكنوا خلال رحلتهم في ربيع هذا العام لسوريا، من أخذ عينات من الحمض النووي لأكثر من 100 يتيم في مخيمات اللاجئين التي لا تخضع لسيطرة الحكومة الرسمية بدمشق»، في إشارة إلى مناطق الإدارة الذاتية ونوهت بأن سلطات الإدارة سلمتهم 27 طفلاً وسيتم إجلاء الآخرين على ثلاث دفعات منتظرة، وتقول إدارة مخيم الهول بأن قرابة ألفي سيدة وطفل روسيين يقطنون هناك.
وكشفت قوات الأمن الداخلي في مخيم الهول أنها عثرت على جثة سيدة روسية مقتولة بعد فصل رأسها عن جسدها في فيز المهاجرات، وبدأت بفتح التحقيقات لكشف ملابسات الحادثة ورجحت مصادر من الإدارة بأن النساء الأكثر تشدداً أقدمن على ارتكاب الجريمة.
إلى ذلك، حصل احتكاك عسكري بين القوات الأميركية وعناصر من القوات الحكومية في نقطة تمركز عائدة للأخيرة على الطريق السريع قرب قرية «عين ديوار» بريف المالكية (ديرك) شمال شرقي سوريا. والقرية شهدت احتجاجات ومظاهرات رافضة لانتشار القوات الروسية وإقامة قواعد عسكرية لها بالمنطقة.
هذا؛ وكثفت القوات الأميركية دورياتها شرقي مدينة القامشلي وبلدة رميلان النفطية بمشاركة عربات برادلي العسكرية وطائرات الأباتشي بعد تكرار حوادث المواجهة مع القوات الروسية، وقالت مصادر محلية من القرية بأن الدورية الأميركية توقفت عند نقطة القوات النظامية بعض الوقت قبل أن يكملوا وجهتهم نحو المعبر الحدودي «سيمالكا».
كما وصلت تعزيزات عسكرية أميركية أمس إلى قواعدها في مدينة الحسكة وريفها في إطار دعم ومساندة قواتها المنتشرة في مناطق شرقي الفرات، لتثبيت الأمن والسلم الأهلي ومنع ظهور خلايا تنظيم «داعش» الإرهابي، والقافلة القادمة من إقليم كردستان العراق ضمت 18 ناقلة كبيرة محملة بمعدات عسكرية ولوجيستية ودبابتين و8 مدرعات عسكرية.
من جهة ثانية، نفذت طائرات التحالف الدولي وقوات (قسد) عملية إنزال جوي فجر أمس في قرية المجيد التابعة لبلدة الصور بريف دير الزور الشمالي، وطلبت من الأهالي عبر مكبرات الصوت عدم الخروج من المنازل قبل بدء المهمة، وتمكنت من تصفية قيادي كان ينشط بخلايا «داعش» وإصابة زوجته واعتقال قيادي آخر والقبض على عدد من المشتبهين.
وفي مدينة الحسكة؛ نفذت قوات التحالف و(قسد) حملة أمنية أسفرت عن اعتقال 4 أعضاء في خلية نشطة موالية لتنظيم «داعش»، عثرت بحوزتهم على أسلحة خفيفة ووثائق وهواتف محمولة لتنفيذ عمليات إرهابية بالمنطقة، كما ألقت القبض على 4 مشتبهين في قرية «المدينة» التابعة لبلدة الشدادي جنوبي الحسكة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.