توقيف مسؤولين جدد في «الوفاق» بتهمة تبديد المال العام

أوروبا تفرض عقوبات على «طباخ بوتين» لـ«تقويض السلم» في ليبيا

ليبيون يتظاهرون وسط جنزور للمطالبة بالاستفتاء على الدستور ومحاسبة الفاسدين (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون وسط جنزور للمطالبة بالاستفتاء على الدستور ومحاسبة الفاسدين (أ.ف.ب)
TT

توقيف مسؤولين جدد في «الوفاق» بتهمة تبديد المال العام

ليبيون يتظاهرون وسط جنزور للمطالبة بالاستفتاء على الدستور ومحاسبة الفاسدين (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون وسط جنزور للمطالبة بالاستفتاء على الدستور ومحاسبة الفاسدين (أ.ف.ب)

وسّع النائب العام في ليبيا دائرة التحقيق في جرائم «نهب المال العام»، لتشمل مزيدا من المسؤولين والقيادات في مؤسسات الدولة، وأصدر أمراً بإحالة عدد من الموظفين بوزارة الحكم المحلي، والشركة العامة للكهرباء للمحاكمة، بتهمة إساءة استعمال «سلطات الوظيفة».
ويبدي كثير من سكان طرابلس اندهاشاً حيال هذه الإجراءات، لكنها لم تمنعهم من التساؤل حول مدى إمكانية محاسبة كبار المسؤولين في السلطة، وعدم الاكتفاء بصغارها، ومن ثم «استرداد مئات الملايين التي ضاعت من خزينة البلاد خلال السنوات التسع على الأقل».
ومن بين المسؤولين المحالين للتحقيق بعض المشرفين على محطات كهرباء الحرشة والزاوية والخمس، ومدير إدارة محطات الوسطى، بالإضافة إلى عميد بلدية جنزور فرج أعبان.
وفيما أعلن عدد من ممثلي المجتمع المدني في البلدية، الواقعة غرب العاصمة، تضامنهم مع أعبان، والمطالبة بالإفراج عنه، أكد المجلس البلدي بجنزور في بيان أمس على احترامه الكامل لمؤسسات الدولة، ومن بينها المؤسسات القضائية.
ودافع المجلس البلدي عن نفسه، وقال إنه «على يقين تام بأن إيقاف عميد البلدية هو لإجلاء موقفه، بخصوص موضوع انقطاع الكهرباء وطرح الأحمال»، منوهاً إلى ضرورة الالتزام بعدم نشر الأخبار المغلوطة، والأحاديث التي تهيج الرأي العام، وأكدوا على مسؤوليتهم أمام المواطنين بمتابعة العمل في البلدية، واحترام الأعراف والقانون، موقنين بأن النتائج التي ستنتهي إليها قضية توقيف أعبان «لا تدين عموم أعضاء المجلس».
وأفاد قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، مساء أول من أمس، بأن عددا من المسؤولين الموقوفين تمت إحالتهم إلى محكمة باب بن غشير للتحقيق معهم، بتهمة إساءة استعمال الوظيفة، والإضرار بالآخرين، وذلك في إطار الحملة التي بدأتها النيابة العامة، عقب تلقيها بلاغات من مواطنين، بالإضافة للتحقيق في جملة المخالفات، التي تضمنها التقرير الأخير لديوان المحاسبة، حول إهدار أموال تقدر بملايين الدينارات.
وسبق للنائب العام في مطلع الشهر الجاري أن أمر بحبس مجموعة من المسؤولين الحكوميين، من بينهم وكيل وزارة المالية أبو بكر الجفال، ووكيل وزارة التعليم عادل جمعة، بتهم إهدار المال العام، وإساءة استعمال السلطة لتحقيق منفعة للغير.
وتحدث الصديق الصور، مدير التحقيقات بمكتب النائب العام، أكثر من مرة في مؤتمرات صحافية عن قضايا الفساد في ليبيا، وقال إنه «لن يتواني في إحالة أي متهم للمحاكمة»، وكان ديوان المحاسبة قد أعلن عن واقعة فساد، وتقاضي رشى من بعض المسؤولين في إحدى الجهات الخاضعة للديوان، بينهم مدير إدارة تقييم الشركات العامة.
في شأن آخر، فرض الاتحاد الأوروبي، أمس، عقوبات على مقرّبين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينهم رجل أعمال يلقب بـ«طباخ بوتين»، وذلك على خلفية «تدخل الكرملين في الحرب الليبية»، بالإضافة لعملية تسميم زعيم المعارضة أليكسي نافالني.
وأفاد الاتحاد الأوروبي، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، بأن يفغيني بريغوجين، الذي يطلق عليه لقب «طباخ بوتين»، وبالنظر إلى أن شركة المطاعم التي يديرها عملت لحساب الكرملين، فإنه يقوّض السلم في ليبيا عبر دعمه «مجموعة فاغنر» الخاصة، التي تقوم بأنشطة عسكرية. ويخضع بريغوجين، رجل الأعمال الثري المقرب من بوتين، لعقوبات أميركية على خلفية ارتباطه بمجموعة «فاغنر»، المتهمة بنشر مرتزقة للتدخل في نزاعات عديدة في أنحاء أفريقيا.
وجاء في إعلان الاتحاد الأوروبي الرسمي أن بريغوجين يرتبط بعلاقات قوية، بما فيها مادية، بشركة الأنشطة العسكرية الخاصة «فاغنر»، مشيرا إلى أنه «بهذه الطريقة، فإن بريغوجين منخرط ويقدم الدعم لأنشطة مجموعة فاغنر في ليبيا، التي تهدد السلم والاستقرار والأمن في البلاد».
وأفاد الاتحاد الأوروبي بأن «فاغنر» ارتكبت «خروقات عديدة ومتكررة» لحظر السلاح، الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، حيث تدعم روسيا المشير خليفة حفتر، الذي تقاتل قواته حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من الأمم المتحدة.
ويعني القرار حظر بريغوجين من السفر إلى الاتحاد الأوروبي، وتجميد أي أصول تابعة له في التكتل. كما يمنع المواطنين والشركات الأوروبية من تزويده بالأموال.
وتنطبق العقوبات ذاتها على ستة أشخاص أدرجوا على خلفية عملية تسميم نافالني. ومن بينهم رئيس جهاز الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف، والعضوان البارزان في مكتب الرئاسة التنفيذي سيرغي كيرينو وأندريه يارين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».