جدل في العراق حول {التطبيع} بعد تصريحات مسؤول سابق

TT

جدل في العراق حول {التطبيع} بعد تصريحات مسؤول سابق

أثارت تصريحات أدلى بها نائب رئيس الوزراء العراقي السابق بهاء الأعرجي بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل جدلاً محلياً واسعاً، بعد أن تحدث عن دور للنجف، بما تمثله المرجعية الدينية الشيعية من ثقل.
وقال الأعرجي، وهو عضو سابق في «التيار الصدري»، في معرض إجابته عن سؤال قناة محلية يعتقد أنها تتلقى تمويلاً من إيران، بشأن إمكانية التطبيع بين العراق وإسرائيل، إن «الأمور مهيأة جداً. كل الظروف مهيأة وتنتظر القرار. أزيدك علماً، لكن لا تسألني بعد ذلك، قرار التطبيع وأولوياته ممكن أن يصدر من النجف وليس من بغداد».
وكان الأعرجي أحد أبرز قيادات «التيار الصدري» وانتخب نائباً في البرلمان بدورته الأولى (2006 - 2010)، وشغل رئاسة لجنة النزاهة البرلمانية في الدورة الثانية بين عامي 2010 و2014، وما زال شقيقه الأكبر رجل الدين حازم الأعرجي من القيادات البارزة في التيار الذي يقوده رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر.
وفي حين لم يصدر أي تعليق عن النجف حول تصريحات الأعرجي، هدد صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر والناطق باسمه، أمس، بـ«تأديب» الأعرجي، على خلفية تصريحه عن التطبيع مع إسرائيل. وقال العراقي عبر «فيسبوك»: «عدو النجف الأشرف إن لم يتأدب أدبناه».
وغالباً ما ينقسم العراقيون بشكل حاد حول قضية التطبيع مع إسرائيل، بين تيارين حادين؛ مؤيد ومعارض، ورأي ثالث يعدّ أنها قضية ليست ملحة بالنظر للبعد الجغرافي بين العراق وإسرائيل، ولا تشكل أولوية قصوى بالنسبة لبلاد تعاني من الانقسام والفساد والعنف وسوء الإدارة. وتعاملت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بنوع من التجاهل والغموض مع مسألة التطبيع الأخيرة التي حدثت بين إسرائيل وبعض الدول العربية، باستثناء تصريح أدلى به الكاظمي لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في 22 أغسطس (آب) الماضي، في معرض إجابته عن رأيه في تطبيع دولة الإمارات مع إسرائيل، حين قال إنه «قرار إماراتي، ولا ينبغي لنا التدخل».
وكان رئيس حزب «الأمة العراقية» النائب السابق مثال الألوسي زار إسرائيل مرتين، الأولى في 2004 وقُتل بعدها بشهور ابناه وحارسه في محاولة لاغتياله، ثم في 2008 للمشاركة في مؤتمر لمكافحة الإرهاب عقد في تل أبيب، وصوت مجلس النواب، آنذاك، برفع الحصانة البرلمانية عنه ومنعه من السفر وحضور جلسات مجلس النواب، وطلب من السلطة التنفيذية إقامة دعوى قضائية ضده، ومحاكمته بتهمة «الخيانة العظمى». غير أن المحكمة الاتحادية العليا أصدرت حكماً لصالحه وأبطلت قرار البرلمان بحقه.
وما زال الألوسي يدعو إلى تطبيع الأوضاع بين العراق وإسرائيل، وغالباً ما يتهم جهات وشخصيات سياسية تنتمي إلى جماعات الإسلام السياسي بزيارة إسرائيل سراً، لكنه يحجم عن تسميتها.
ورفض «ائتلاف النصر»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أمس، تصريحات الأعرجي.
وأكد في بيان «رفضه وإدانته للتصريحات غير المسؤولة والمسيئة بحق النجف الأشرف من أي شخص أو جهة كانت، وهي تشويه ينال من تاريخ ومواقف العراق والمرجعية الدينية؛ الثابت والمبدئي من فلسطين وحقوقها المشروعة، ورفض الكيان الإسرائيلي الغاصب». وأضاف أن «تصريحات كهذه تسيء إلى صورة العراق وتاريخ شعبه ومواقف رموزه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.