«دليل داعشي» لتنشئة الأطفال على العنف والدم

ينصح الأمهات بحظر مشاهدة التلفزيون «لحماية الصغار».. وسرد حكايات عن القتال قبل النوم وتدريب الصغار على «الأسلحة اللعبة»

طفل داعشي يحمل رأسا مقطوعا، .. وآخر يحمل بندقية آلية
طفل داعشي يحمل رأسا مقطوعا، .. وآخر يحمل بندقية آلية
TT

«دليل داعشي» لتنشئة الأطفال على العنف والدم

طفل داعشي يحمل رأسا مقطوعا، .. وآخر يحمل بندقية آلية
طفل داعشي يحمل رأسا مقطوعا، .. وآخر يحمل بندقية آلية

ظهر على شبكة الإنترنت دليل إرشادي يشرح للأمهات الجهاديات كيفية تنشئة أطفالهن المتطرفين، بينما تحذر إحدى الوكالات البارزة من المخاطر التي يمثلها جيل جديد من «أشبال الخلافة» المدربين على المشاركة في الحروب.
ينصح «الكتيب الإرشادي»، الذي تبعث أفكاره على الغثيان، وعنوانه «دور الأخت في الجهاد» بعرض المواقع الجهادية على الأطفال وقراءة قصص عن الجهاد عندما يخلدون للنوم، وتشجيعهم على ممارسة ألعاب رياضية، مثل الرماية، من أجل تحسين قدرتهم على التصويب.
ويبين هذا الدليل أنه ينبغي على الأم أن تبدأ تدريب أطفالها «في مرحلة الرضاعة»، لأن الانتظار حتى يصبحوا أطفالا قادرين على المشي «قد يكون مرحلة متأخرة جدا». وأضاف الكتيب: «لا ينبغي التهوين من شأن التأثير الدائم لما قد تتلقاه هذه الآذان والأعين الصغيرة خلال السنوات المبكرة من الحياة». وكان معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط، ومقره الولايات المتحدة الأميركية، قد سلّط الضوء على هذا الكتيب قبل إصدار تقرير جديد يدين فيه تنشئة الأطفال على الإسلام المتطرف.
انتشرت هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداولها بشكل واسع بين أوساط الناشطين والناشطات، حيث ذهل البعض من فجاجة التصرف الأرعن الذي شاهدوه، حسب قولهم.
ويظهر في صور الكتيب الإعلامي لـ«داعش» أحد «الأطفال» في إحدى المناطق التي يسيطر عليها المنتمون لتنظيم «داعش» وهو يحمل بيده رأسا «مقطوعا» وكأنه دمية، يدليه من كلتا يديه، والأولاد يهرعان بعده، كما لو أنها أصبحت اللعبة المفضلة، التي يجب على الأطفال تعلمها بالجري وراءه، ليُصنع منهم أناس لا يخافون من هذه الأشياء.
من جانبه، قال ستيفن ستالينسكي المدير التنفيذي للمعهد: «بينما ندخل عام 2015. يواصل تنظيم القاعدة وأجنحته التنظيمية المتمثلة في تنظيم داعش والجماعات الجهادية الأخرى في جميع أنحاء العالم استثمار الكثير من الجهد في تنشئة الجيل القادم من المقاتلين. وينبغي على الغرب أن يعي أن كل هذه التنظيمات تريد أن يعرف العالم بأمر هذه التنشئة. وبغض النظر عما سيحدث في العراق وسوريا في المستقبل القريب، لقد تم بالفعل غسل أدمغة الجيل القادم من أطفال البغدادي وأحفاد بن لادن، وتمت تنشئتهم على كراهية الغرب وعلى السعي للقتال». وأضاف: «لقد تم تدريبهم على القتال وعلى معرفة طرق تصنيع قنابل وأحزمة ناسفة، وكيفية قطع الرؤوس وصلب الأبرياء. هذا شيء ينبغي أن نكون على استعداد له وأن نكون على دراية به». وتشتمل النصائح الأخرى التي تضمنها الكتيب على تشجيع الأطفال على اللعب بالمسدسات اللعبة، ولكنه يوضح أنه إذا كان لديك مسدس حقيقي ينبغي أن تحتفظ به «بعيدا عن متناول الأطفال»، كما نُشر في تقرير «ديلي ميل» البريطانية.
ويُذكر أن المؤلفين الحقيقيين للكتاب التعليمي مجهولون، حيث يجري عادة نشره عن طريق مجهولين على أحد موقع مشاركة الملفات، ولكن يُعتقد أن تنظيم داعش وغيره من التنظيمات إرهابية الأخرى تستعين به. كما ساعد الكتاب على إلهام المتطرفة البريطانية رونا خان التي حُكم عليها بالسجن لمدة 5 سنوات بسبب نشرها صور أطفالها الـ6 على شبكة الإنترنت وهم يرتدون ملابس جهادية، وبسبب تقديمها نصائح لشرطي متخفٍّ بشأن طرق الوصول إلى سوريا.
ويوصي الدليل بتحويل التدريب إلى «متعة ومرح» للصغار، رغم أنه يشدد على أن «المتعة لا تعني ممارسة الرقص والموسيقى، مثلما تصورها برامج الأطفال الغربية. وينبغي منع الصغار من مشاهدة التلفزيون تماما، لأنه يعلّم في أغلب الوقت المجون والفوضى وممارسة العنف العشوائي. وينبغي أن يشارك الأطفال في ألعاب رياضية مثل الرماية لتحسين قدرتهم على التصويب، وممارسة التزلج من أجل تحسين لياقتهم البدنية، والمشاركة في المعسكرات من أجل تعليمهم الصمود في العراء».
وطبقا للدليل، فإنه ينبغي عليهم ممارسة إطلاق النار على أهداف بمسدسات لعبة للمساعدة في توجيه غضبهم، رغم أنه ينبغي على الوالدين «أن يوضحوا لهم مَن يكون هدفهم، ومن لا ينبغي أن يكون هدفهم».
ويرى باحثون من معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط أن مقاتلي تنظيم داعش يستخدمون هذا الدليل وغيره لتنشئة أطفالهم في الشرق الأوسط.
من الجدير بالذكر أن بعض الحسابات المرتبطة بالتنظيم الإرهابي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تعرض بانتظام صورا لأطفال يحملون سكاكين ورشاشات كبيرة، ويُلحق بها في كثير من الأحيان عبارة «جيل الخلافة» أو «أشبال الخلافة».
وفي إحدى الصور المقززة، يظهر صبي صغير وهو يمشي وسط حشد من الناس في الشارع وهو يحمل رأسا مقطوعا، بينما يبتسم الأشخاص المحيطون به ويلتقطون صورا له بهواتفهم.
ويأتي هذا التقرير بعد مرور نحو أسبوع على رؤية أم إيطالية تم اختطاف ابنها من طرف والده الذي ذهب به إلى سوريا، لطفلها المختطف للمرة الأولى منذ عام على ملصقات دعائية لتنظيم داعش.
وكان تنظيم «داعش» نشر فيديو جديدا على موقع «يوتيوب»، لمجموعة من الأطفال العراقيين يرتدون ملابس سوداء ويخضعون لتدريبات قاسية على يد التنظيم، حيث يتم ضربهم وركلهم. وأفاد التنظيم بأن هذه التدريبات تأتي ضمن خطة «داعش» لتجنيد الأطفال للجهاد في صفوف التنظيم، وقام التنظيم بإنشاء معسكر لتدريب الأطفال بالفعل في مدينة الرقة السورية، يُسمى بـ«المعسكر الشرعي للأشبال»، ويضم الأطفال دون 16 عاما. ويظهر في الفيديو أحد أتباع التنظيم يرتدي ملابس سوداء ويشرح أساليب التدريب التي يخضع لها الأطفال، موضحا أن من أساليب التجنيد التركيز على التدريب العسكري، ووضع الخطط، واستخدام جميع الأسلحة، وتصنيع العبوات الناسفة، ونصب الكمائن، واقتحام المنازل والثكنات، وأساليب القيادة الحديثة في حرب العصابات والقتال في المناطق المبنية والجبلية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.