اللاجئون السوريون في تركيا يحصلون على بطاقات هوية

البعض يحجم عنها خشية فقدان فرصة اللجوء إلى أوربا

اللاجئون السوريون في تركيا يحصلون على بطاقات هوية
TT

اللاجئون السوريون في تركيا يحصلون على بطاقات هوية

اللاجئون السوريون في تركيا يحصلون على بطاقات هوية

أصدرت تركيا لوائح جديدة تمنح اللاجئين السوريين حق تأمين الوضع القانوني في البلاد وذلك لأول مرة، مما يؤدي إلى توضيح وتوسيع صلاحيات الحقوق لأكثر من مليون لاجئ سوري تعمل تركيا على استيعابهم داخل المجتمع التركي.
بعد قضاء 4 سنوات تحت الحماية المؤقتة، بدأ اللاجئون في الأسابيع الأخيرة الحصول على بطاقات هوية جديدة بموجب الإجراءات الصادرة عن مجلس الوزراء التركي في أكتوبر (تشرين الأول)، والتي تخول لهم الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
ولا تمنح اللوائح الجديدة للاجئين السوريين وضعية «اللاجئين الرسميين»، ما يخولهم التمتع بمجموعة واسعة من المزايا، بما في ذلك الإسكان، والإغاثة العامة وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية المتنوعة.
ورحب معظم اللاجئين باللوائح الجديدة واعتبروها مؤشرا على الالتزام التركي بالتخفيف من معاناة حياتهم في الوقت الذي ينحى نزوحهم من بلادهم منحى الاستدامة، مع استعار الحرب الأهلية السورية من دون بارقة أمل لنهايتها تلوح في الأفق القريب.
وتستضيف تركيا حاليا ما يقرب من 1.6 مليون لاجئ سوري، وهو تقريبا نصف عدد المواطنين الين فروا من القتال الذي اندلع قبل 4 سنوات. وحتى الآن، كان اللاجئون يحملون لقب «الضيوف» بموجب تدابير الحماية المؤقتة غامضة التعريف.
مع 22 معسكرا للاجئين في تركيا تعمل بكامل طاقتها، تدفق نحو 85 في المائة من اللاجئين السوريين إلى المناطق الحضرية بحثا عن العمل وتأمين الترتيبات الدائمة للمعيشة هناك. وقد صُممت بطاقات الهوية الجديدة لكي تمنح الحصول المباشر على مجموعة واسعة من الخدمات خارج محيط المعسكرات.
وبعد ظهر يوم قريب لدى أحد مراكز الشرطة هناك، تجمع العشرات من اللاجئين السوريين خارج مكتب تسجيل الأجانب، انتظارا لتسلم بطاقات هوياتهم الجديدة.
وقال أحد ضباط الشرطة المشرفين على عملية التسجيل «تجنب السوريون كثيرا المجيء إلى مخفر الشرطة خوفا من ترحيلهم. ولكن بطاقات الهوية تلك خرجت بهم من الظلال إلى النور. فلديهم الآن أدلة مادية على حقوقهم القانونية».
ولأن الاستجابة الدولية لأزمة اللاجئين جاءت محدودة نسبيا، دفع الأمر بدول الجوار في المنطقة إلى تحمل جانب غير متناسب من المسؤولية، فقد استوعبت كل من تركيا، والأردن، ولبنان، والعراق 97 في المائة من اللاجئين السوريين، وفقا لوكالة شؤون اللاجئين بمنظمة الأمم المتحدة.
بالنسبة إلى تركيا، فإن التدفق المستمر للاجئين سبب توترات كبيرة على سياسة الباب المفتوح التي تعتمدها، في حين أن الانخفاض الأخير في أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم ألقى بضغوط جديدة على الميزانية الوطنية التركية.
وقد أشاد اندرو غاردنر، الباحث التركي لدى منظمة العفو الدولية، بنظام الحماية المؤقت الجديد في البلاد، ووصفه بأنه «خطوة كبيرة إلى الأمام»، حيث يمنح للاجئين وضعية قانونية آمنة. وقال: «حقيقة تحول حقوق واستحقاقات اللاجئين إلى قانون مكتوب يجب أن تعني تنفيذ أفضل من قبل السلطات لها».
لكن لا يصطف جميع السوريين للحصول على تلك الحقوق. فالكثير منهم يبتغي الحصول على حق اللجوء السياسي في أوروبا، وهو احتمال يمكن أن يتعرض للخطر من زاوية البعض حال حصولهم على بطاقة الهوية التركية الجديدة من خلال طلب البيانات البيومترية الخاصة بهم.
يقول محمد (23 عاما) الذي أحجم عن ذكر اسم عائلته «أنا في تركيا فقط للمغادرة إلى أوروبا، لست في حاجة إلى بطاقة هوية هنا. عندما أشاهد الشرطة تجمع السوريون في الحديقة لتسجيلهم، أفر هاربا. أعتقد أن البيانات يمكن استخدامها في أوروبا لإعادتنا مجددا إذا نجحنا في الهروب إلى هناك».
حتى إن اللاجئين الذين حصلوا فعلا على بطاقات الهوية الجديدة تساورهم الشكوك من أن الأحكام الجديدة سوف يكون لها تأثير مباشر على نوعية حياتهم، وهم مستمرون في البحث عن وسيلة لمغادرة تركيا.
يقول مروان علي (35 عاما) يعمل في حياكة الملابس، بأن حافزه الرئيسي للتسجيل كان سهولة حصوله على التطعيمات لابنته والحصول المنتظم على الرعاية الصحية لزوجته الحامل: «من دون بطاقات الهوية، لا يمكن أن تستقبلك المستشفيات»، كما أوضح.
ولكن سرعان ما قال علي بأنه قدم طلبا للحصول على اللجوء السياسي في أوروبا: «إن الحياة صعبة هنا. إنك تجني أقل من 200 دولار بالشهر. ومن العسير الحياة بذلك المبلغ مع عائلتك».
ويكون السواد الأعظم من اللاجئين الذين يستقرون في المدن الكبرى هم من المعدمين. وأكبر التحديات التي تواجه السوريين خارج معسكرات اللاجئين، هي البحث عن وتأمين الوظيفة. وبموجب قوانين العمل التركية، ليس للسوريين حق العمل في البلاد، مما يعرضهم للاستغلال وسوء المعاملة.
وقُدم مؤخرا اقتراح مستقل بتنظيم ظروف العمل للاجئين إلى مجلس الوزراء التركي للتصديق عليه. وفي حالة تمرير ذلك القانون، كما هو متوقع، سوف يتمكن السوريون من التقدم بطلب الحصول على تصاريح العمل المؤقتة باستخدام بطاقات الهوية الجديدة، وهو أمر من شأنه أن يعزز حالة الاستياء في المناطق التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة.
وقد أدت المنافسة على الوظائف، فضلا عن تفشي حالات العنف وارتفاع معدلات الجريمة في المدن ذات الأعداد المرتفعة من السوريين، إلى ازدياد حدة التوترات لدى لمواطنين الأتراك حيال اللاجئين، مع ثلثي الأتراك يفضلون فرض سياسات أكثر تقييدا عليهم، وفقا لمسح التوجهات عبر الأطلسي لعام 2014. في هذا الشهر، تعرضت مجموعة من عمال الزراعة السوريين في إقليم أنطاليا الجنوبي للهجوم على يد مجموعة من العمال المحليين الأتراك، حيث قذفوهم وبيوتهم بالحجارة، ما أدى لإصابة الكثير منهم. وفي اليوم السابق، أرسل المحافظ إخطارا يُطالب بترحيل ما يقرب من 1500 لاجئ سوري، مشيرا إلى تزايد المخاوف من «الاضطرابات» التي زعم أنها سببت أضرارا لوزارة السياحة التركية، على حد وصف وسائل الإعلام المحلية.
قال نورغان اوندر، نائب المدير العام للعمالة، بأنه لا يجب لتصاريح العمل أن تضع اللاجئين على قدم المنافسة المباشرة مع المواطنين الأتراك حيال الوظائف، وينبغي عليها التخفيف من بعض التوترات.
وأضاف: «سوف توضح اللوائح قطاعات ومواقع محددة يمكن للسوريين التقدم بطلب تصاريح العمل فيها، وسوف يُطبق نظام الحصص في أماكن العمل لإدارة العرض والطلب».
يقول بعض نشطاء اللاجئين بأن اللوائح الجديدة تركز كثيرا على الجوانب التنظيمية الخاصة بتدفق اللاجئين، مثل الدخول والتسجيل، وأنها أخفقت في التعامل مع احتياجات اللاجئين الضرورية لتلبية أهداف التكامل طويل الأجل لهم. يقول ميتن كوراباتير، وهو نائب مدير مركز دراسات الهجرة واللجوء «يعيش غالبية اللاجئين السوريين في المناطق الحضرية، وتتدهور الظروف كثيرا بحلول الشتاء، ولكن لا تلبية لاحتياجاتهم الحقيقية مثل الإسكان بصورة مناسبة».
وأضاف: «إنهم يعتبرون أناسا تحت نظام الحماية المؤقتة، ولكن النظام لا يوفر ما يكفي من المساعدات لأولئك الذين يعيشون خارج المعسكرات».
كما تلقت اللوائح الانتقادات لفشلها في تحديد الجدول الزمني للحماية المؤقتة – ومن الناحية النظرية، يمكن إلغاء ذلك النظام في أي وقت.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.