ارتياح أميركي لإجراءات بغداد لحماية السفارة

برهم صالح شدد على رفض استخدام العراق لتصفية حسابات الآخرين

برهم صالح خلال محادثاته مع وزير الخارجية اليوناني في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)
برهم صالح خلال محادثاته مع وزير الخارجية اليوناني في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)
TT

ارتياح أميركي لإجراءات بغداد لحماية السفارة

برهم صالح خلال محادثاته مع وزير الخارجية اليوناني في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)
برهم صالح خلال محادثاته مع وزير الخارجية اليوناني في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)

عبّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، عن سعادة بلاده لفعل الحكومة العراقية المزيد لحماية السفارة الأميركية في بغداد من هجمات الميليشيات المدعومة من إيران، لكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تدرس إغلاق سفارتها في العراق.
وقال بومبيو في مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية، أمس: «نحن سعداء لفعل العراقيين المزيد من أجل تعزيز الأمن لفريقنا على الأرض هناك». وحين سُئل عن إعلان ميليشيا «كتائب حزب الله» التابعة لإيران تعليق الهجمات الصاروخية، وما إذا كانت الولايات المتحدة تعتبره تقدما أم أنها ستتابع دراسة غلق السفارة، لم يقدم بومبيو إجابة محددة، لكنه بدا متشككا في إعلان وقف الهجمات. وأضاف «لدينا مجموعة مارقة من الميليشيات التي تعد حاليا بعدم انتهاك سيادة الشعب العراقي والتصدي للدبلوماسيين الأميركيين الذين يخدمون هناك بهدف مساعدة الشعب العراقي».
وكانت واشنطن التي تخفض ببطء من قواتها البالغ عددها 5000 جندي في العراق هددت الشهر الماضي بإغلاق سفارتها ما لم تكبح الحكومة العراقية الميليشيات التابعة لإيران التي هاجمت المصالح الأميركية باستخدام الصواريخ وزرع القنابل على جوانب الطرق. وقال متحدث باسم ميليشيا «كتائب حزب الله»، الأحد الماضي، إنها علقت الهجمات الصاروخية على القوات الأميركية، شرط أن تقدم الحكومة العراقية جدولا زمنيا لانسحاب تلك القوات.
وتسبب التحذير الأميركي في إثارة القلق في العراق، حيث يُنظر إليه على أنه خطوة نحو شن ضربات جوية على ميليشيات إيران، مما قد يحول العراق إلى ساحة معركة في حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران، بحسب وكالة «رويترز». وطالبت مجموعة كبيرة من الساسة الفصائل المسلحة بالتوقف عن استفزاز الأميركيين.
وأكد الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، أن «العراق يولي أهمية لحماية سيادته وأمنه واستقراره، والتعاون مع الحلفاء والأصدقاء على أسس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ويرفض أن يكون ساحة لتصفية حسابات الآخرين». وأبدى استعداد بلاده للتعاون والتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب بوصفه لا يزال يمثل خطرا عالميا.
وقال صالح خلال استقباله وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس في بغداد، أمس، إن «العراق يسعى إلى تعزيز أواصر العلاقات الثنائية مع اليونان في المجالات كافة». وشدد على «أهمية التنسيق لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المنطقة والعالم، وفي مقدمتها الإرهاب، وتعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي».
وأشاد باستقبال اليونان للاجئين العراقيين، ودورها في دعم العراق والتحالف الدولي وحلف «الناتو» في الحرب ضد «تنظيم داعش»، مشيرا إلى أن «الإرهاب لا يزال يشكّل تهديدا للمجتمع الدولي، وذلك يتطلب ضرورة التكاتف والتعاون لمكافحته، وعدم منحه الفرصة لالتقاط أنفاسه وزعزعة السلم والأمن الدوليين».
من جهته، أعلن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس استعداد بلاده لدعم العراق مع دول الاتحاد الأوروبي. وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي فؤاد حسين إن «اليونان صديق تاريخي للعراق، واليوم تبادلنا وجهات النظر للعلاقات الثنائية والشؤون الإقليمية، والعلاقات بين العراق واليونان على مستوى جيد، وهي شاهد على تطور الروابط، ونطمح إلى مزيد من التطور والعلاقات على المستوى الاقتصادي». وأضاف أن شركات بلاده ترغب في الاستثمار في العراق، فيما يخص الطاقة الكهربائية والمستلزمات الطبية، مشيرا إلى أن بلاده «تدعم العراق واستقراره وعودة السلام إليه».
وأكد أنه ناقش مع نظيره العراقي التعاون بين العراق والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى المشاكل في شرق المتوسط. وقال دندياس إن «النشاطات التركية في البحر المتوسط والجزء المحتل من قبرص تمثل خرقا لمواثيق الأمم المتحدة ونشجب هذه الخروقات». وأضاف أن بلاده «صرحت باستمرار بأنها مستعدة لبدء الحوار مع تركيا على أساس حسن الجوار، وأن ذلك الحوار يعتمد على السيادة».
وقال وزير الخارجية العراقي إن «اليونان قدمت التدريب والمساعدات للجيش العراقي ونستطيع الاستفادة من العلاقات الاقتصادية معها». وأضاف أن «العراق يشكر اليونان على تقديم المساعدة له في محاربة «داعش»، من خلال دورها كقوة في التحالف الدولي... اليونان قدمت الإسناد العسكري والتدريب العسكري للجيش العراقي، ومشكورة على ذلك».
وأشار إلى أن «العراق يستطيع الاستفادة من اليونان في العلاقات الاقتصادية، خصوصا أن أثينا تستورد النفط العراقي وتعتمد في نصف استيراد النفط على العراق... اليونان دولة شريكة للعراق، ووقعنا مذكرتين للتفاهم معها كأساس لتطوير العلاقات، وتطرقنا في نقاشنا إلى وضع الإقليم، والوضع الدولي، والتطورات في المحيط الإقليمي، وأكدنا من جانبنا أن التوترات والصراعات والحروب يجب أن تأخذ طريقا آخر». وشدد على أن «الطريق الوحيد للوصول إلى السلام هو الحوار، ونؤمن بالحوار مع دول الجوار، ومع الآخرين». وأضاف أن «الحوار السلمي هو الطريق الوحيد لحل المشاكل على أساس القانون الدولي واحترام سيادة الدول وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول».
إلى ذلك أكدت الضابطة في حلف «الناتو» بمكتب الشؤون العامة في العراق ماغيس لوفوا استمرار دعم القوات العراقية عبر البعثة، مشيرة إلى أن وجود الحلف في العراق «غير قتالي». وقالت إن «بعثة الناتو في العراق مستمرة في عملها بدعم القوات العراقية لمحاربة (داعش) وفي تدريب هذه القوات وتأهيلها». وأشارت إلى أن «الناتو سيقدم في المرحلة المقبلة المشورة الفنية للقوات العراقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.