القيادات الدينية تشدد عبر «العشرين» على أهمية التعايش ونبذ خطابات الكراهية

ضمن اجتماعات «مجموعة دول العشرين» التي تسبق قمة القادة الشهر المقبل، عُقد في الرياض منتدى جمع أتباع 10 ديانات وثقافات مختلفة لمناقشة وبحث حلول نوعية لتعزيز الترابط بين مختلف الأديان والثقافات، ومواجهة خطابات التطرف والكراهية وظاهرة الإسلاموفوبيا.
ويستمر «منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين» الذي انطلق افتراضياً، أمس، حتى السبت المقبل، بمشاركة 500 شخصية قيادية دولية في الأديان، وخبراء في منظمات دينية وإنسانية، بينهم 130 متحدثاً ومتحدثة ينتمون إلى 45 دولة، وذلك في عام رئاسة السعودية للمجموعة.
وبدأ المنتدى بجلسة افتتاحية، تحدثت فيها 15 شخصية، منها رئيس وزراء أستراليا الأسبق أنتوني أبوت، والأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي»، ورئيس أساقفة القسطنطينية، ورئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان، ورئيس مجلس الحاخامات الأوروبي، وغيرهم. وبعد هذه الجلسة، عقدت ثلاث حلقات نقاش متزامنة حول دور الدين في بناء جسور السلام وحل النزاعات. وناقش المجتمعون أهمية التعايش والوحدة والتضامن والأخوة، وتعزيز جسور التواصل بين مختلف الأديان والثقافات، استناداً إلى ما جاء في مختلف الأديان من دعوات إلى السلام والتعايش.
وخلال كلمة السعودية، أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ على الدور الإنساني والمكانة العالمية التي تحظى بها المملكة في مختلف أنحاء العالم، مما توّجها برئاسة قمة «مجموعة العشرين»، وعقد منتدى القيم الدينية الذي يناقش الجهود العالمية في مواجهة جائحة «كورونا»، وغيرها من القضايا التي تتعرض لها المجتمعات الإنسانية.
ودعا آل الشيخ إلى «تكاتف جهود المؤسسات الدينية الحكومية والوطنية والمنظمات الدولية لمواجهة خطاب التطرف والعنصرية في المجتمعات الإنسانية، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تقف خلفها وتروج لها منظمات متطرفة لا تعكس القيم الإنسانية للمجتمعات التي تعيش فيها، والعمل على غرس قيم الاعتدال والتسامح في ثقافة المجتمعات وأنظمتها التعليمية ووسائل الإعلام التقليدي والجديد».
ومن جانبه، أشار الأمين العام لمركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان (كايسيد)، فيصل بن معمر، في كلمته، إلى استضافة السعودية للمنتدى افتراضياً الذي كان مخططاً أن يكون حضورياً، لولا ظروف جائحة «كورونا». ولفت إلى أن مركز الملك عبد الله الذي ينظم المنتدى مع شركاء دوليين أنشأته السعودية «لمواجهة خطاب التطرف، وحماية الأقليات حول العالم، وذلك عبر كثير من البرامج لمختلف الأديان».
وفي مشاركته الافتراضية في المنتدى، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين، أن المنتدى «يعد أحد المساعي العالمية النبيلة التي تهدف إلى خدمة الإنسانية عبر إشراك القيادات الدينية والمجتمعية في صناعة السياسات العالمية العامة». وشدد على تأكيد منظمة التعاون الإسلامي على أن «التحديات العالمية الناجمة عن وباء كوفيد-19، توضح ضرورة مساهمة القادة الدينيين والمنظمات العقائدية في تقريب وجهات النظر بين المجتمعات المختلفة والانتصار لقيم التسامح والتضامن والاعتدال».
وبدوره، تطرق رئيس أساقفة القسطنطينية البطريرك المسكوني برثولوميوس الأول إلى «أهمية كرامة الإنسان، والمساواة بين مختلف الأشخاص في العالم»، مؤكداً «الوقوف ضد كل أشكال العنصرية والظلم، وأي شكل آخر من أشكال الممارسات التمييزية».
ومن جانب آخر، أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد العيسى أن «هناك أصواتاً معتدلة محبة للجميع ترفض كل أشكال الكراهية والعنصرية والتمييز والتهميش، وما عداها فهي أصوات متطرفة معزولة، لا تمثِّل إلا آراءها الكارهة للجميع، تحركها دوافع سيئة»، مشيراً إلى أن «المشكلة ليست في النصوص الدينية، ولا أفكار الرواد الكبار، ولكن في فهم النصوص وتطبيقها، والقدرة على حمايتها من تحريف معانيها».
وأضاف في كلمته أن «قصة السلام الحقيقي وصناعته لا تأتي بمجرد الأقوال، ولا من خلال فقاعات مصطنعة، لا حقيقة لها سوى ظاهرتها الصوتية المؤقتة، كما لا تأتي بنظريات غير منطقية، ولا بنداءات وشعارات تعقد الأمور، ولا بحوارات غير مسبوقة بالنيات الصادقة والمخلصة، وإنما بالأثر الملموس الذي يسهم بفاعلية في نفع الإنسانية، من خلال المحافظة على أمنها وتعايشها وتعاونها وتعزيز أخوتها».
وفي السياق ذاته، أشار رئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو إلى أهمية عمل القيادات الدينية «في نشر الأمل»، مناشداً الجميع «تشارك رحلة لتعزيز الأخوة والصداقة الاجتماعية».
يذكر أن المنتدى يعد إحدى أبرز الفعاليات العالمية التي تجمع القيادات والمؤسسات الدينية والقيمية والإنسانية المتنوعة من أجل توظيف الأثر الإيجابي للدين والقيم في التنمية المستدامة والمساعدة الإنسانية.