احتدام الخلاف داخل معسكر اليمين في إسرائيل

رئيس الدولة استهل افتتاح الكنيست بانتقادات لاذعة للقيادة السياسية

المواجهات بين المتظاهرين والشرطة استدعت انتقاداً من رئيس إسرائيل (أ.ب)
المواجهات بين المتظاهرين والشرطة استدعت انتقاداً من رئيس إسرائيل (أ.ب)
TT

احتدام الخلاف داخل معسكر اليمين في إسرائيل

المواجهات بين المتظاهرين والشرطة استدعت انتقاداً من رئيس إسرائيل (أ.ب)
المواجهات بين المتظاهرين والشرطة استدعت انتقاداً من رئيس إسرائيل (أ.ب)

تشهد الحلبة السياسية الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، تصعيداً في الخلافات داخل معسكر اليمين، خصوصاً بين «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو، واتحاد أحزاب اليمين (يمينا)، برئاسة نفتالي بنيت. وراح الطرفان يتبادلان الاتهامات القاسية، بسبب قيام «يمينا» بالتصويت إلى جانب مشروع قانون لنزع الثقة بالحكومة، وطرح رئيس حكومة بديلاً لنتنياهو، هو يائير لبيد، رئيس كتلة «يش عتيد - تيلم» المعارضة.
ومع أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أسقط هذا المشروع، بأكثرية 53 نائباً مقابل تأييد 30 نائباً (القائمة المشتركة للأحزاب العربية امتنعت عن التصويت)، هاجم نتنياهو، بنيت، واتهمه بالتحالف ضده مع «القائمة المشتركة». وقال في رسالة داخلية إلى نواب كتلة «الليكود» البرلمانية والوزراء: «لإطلاعكم، نفتالي بينيت دعم ترشيح يائير لبيد لرئاسة الحكومة، وصوت مع الطيبي وأبو شحادة من القائمة المشتركة». ودعا المتحدث باسم نتنياهو، رفاقه، إلى «عدم تفويت فرصة لمهاجمة بنيت». وقال: «قرر بنيت الليلة (مساء الاثنين) الانسحاب من كتلة اليمين، والتوصية بتسليم لبيد رئاسة الحكومة، رغم أن الأخير قال إنه ينوي تهجير 100 ألف مستوطن من يهودا والسامرة (الضفة المحتلة). من أسقط الحكومة وشكل (حلف الأخوة) (مع لبيد، بعد انتخابات عام 2013) مستعد للتوصية باليسار من أجل الحصول على وظيفة».
ورد بنيت قائلاً إن «نتنياهو منشغل بدق الأسافين وبث التفرقة بدلاً من التركيز على مواجهة (كورونا)»، وتوجه إلى نتنياهو قائلاً: «أنت بكل بساطة لا تفهم المعاناة الرهيبة التي يمر بها مواطنوك. لا تفهم معنى فقدان مصدر رزقك». وأضاف في منشور على «تويتر»: «في المساء الذي توفي فيه الإسرائيلي رقم 2000 بسبب (كورونا)، وسُجن 9 ملايين مواطن في منازلهم بسبب القلق الوجودي والاقتصادي، في أمسية كهذه، هل تجلس مع مستشاريك السياسيين، وتصوغ بيانات تحريضية من درجة ثالثة ضدي؟».
كان رئيس الدولة رؤوبين رفلين، قد استهل جلسة الكنيست في افتتاح دورتها الشتوية، مساء الاثنين، بكلمة تضمنت انتقادات لاذعة للحكومة وللقيادة السياسية عموماً، قال فيها: «يبدو أننا فقدنا البوصلة الأخلاقية التي كانت لدينا منذ قيام الدولة. لأكثر من عامين، تعمل الشرطة الإسرائيلية بدون مفوض دائم. لأكثر من عامين، دولة إسرائيل بلا ميزانية، ونحن ندفع الثمن بخسائر فادحة في أنظمة الرعاية الاجتماعية والتعليم، وصرنا في خطر فقدان الجيل القادم. إن المصالح التجارية والمصانع تشل، وأصحابها يفلسون، والبطالة مرتفعة، والعجز آخذ في الازدياد، والنظام الطبي يئن تحت عبء المرضى. ومع تفاقم أزمة (كورونا)، ازدادت الخلافات والانقسامات بيننا. لم أتخيل أبداً القوة التي ضربتنا فيها هذه الانقسامات».
وأضاف رفلين: «الأزمة الحالية هي من بين أسوأ الأزمات التي شهدناها لأنها على عكس الأزمات الأخرى، تأخذ حرياتنا الأساسية منا وتقوض أسسنا كدولة يهودية وديمقراطية. إن الضرر الذي يصيب حرية العبادة، حرية التجمع والاحتجاج، حرية التنقل وحرية العمل، لا يمكن تصوره. إنني أشعر بالغضب الذي يغمر الشوارع. لكن من غير المقبول أن يتضارب المتظاهرون، وأن تقوم الشرطة بضرب المتظاهرين، وأن يرشق المتظاهرون الشرطة بالحجارة، ليلة بعد ليلة. القبلية الإسرائيلية تنفجر من خلال الشقوق، ويتم توجيه أصابع الاتهام من جانب واحد من المجتمع إلى الآخر. توقفوا! توقفوا أرجوكم! هذا ليس الطريق. فقط من خلال الاستماع إلى بعضنا البعض يمكننا التعامل مع الأزمة».
وقد هاجم رجال نتنياهو هذا الخطاب واعتبروه متحيزاً ضده. وقال نتنياهو، في خطابه بعد كلمة رفلين، إن «إسرائيل على الطريق الصحيحة. والحكومة مشغولة في إنقاذ أرواح المواطنين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.