المشهد::كلاسيكيات موسيقية

المشهد::كلاسيكيات موسيقية
TT

المشهد::كلاسيكيات موسيقية

المشهد::كلاسيكيات موسيقية

* المعجبون بالفيلم الميوزيكال (الاستعراضي - الغنائي الذي قد يكون أيضا راقصا أو قد لا يكون) باتوا قليلين حول العالم. لكن هوليوود ما زالت تجرّب النوع الذي بدأ مع بداية نطق السينما.
* السبب في أنه بدأ مع نطق السينما يعود إلى أنه، وحتى نهاية العشرينات عمليا، كانت السينما ما زالت صامتة. أول ما نطقت فعلت ذلك على مرحلتين متقاربتين في فيلمين للمخرج ألان غروزلاند حققهما لحساب وورنر الأول «دون جوان» (1926) والثاني «مغني الجاز» (1927) ولو أن الثاني هو الذي فاز بتوقيع المؤرّخين.
* لو أننا نريد حسبان التاريخ بدقّة فإن أول فيلم ناطق كان «سيرانو دي برجيراك» للفرنسي موريس كليمان الذي بقيت منه نحو دقيقتين و20 ثانية على «يوتيوب» يمكن مشاهدتها. هذا تقنيا أول فيلم استخدم الصوت للحوار وذلك قبل 27 سنة من «مغني الجاز» إذ تم تحقيقه عام 1900.
* أول ما نطق في هوليوود سنة 1927 (ولو كان هذا النطق جزئيا) أخذ المنتجون يفكّرون في استغلال الصوت غنائيا وتم إنجاز 20 فيلما ما بين 1927 و1929 من النوع الذي عرف من حينها باسم «ميوزيكالز» من بينها «لحن برودواي» لهاري بيومونت (أوسكار) و«سانت لويس بلوز» لدادلي مورفي.
* اليوم، وبعد أكثر من 500 فيلم ميوزيكال معظمها هوليوودي، تشهد نيويورك فيلمين من هذا النوع: «آني» لويل غلوك و«داخل الغابة» لروب مارشال وآني، عن المسرحية التي كان جون هيوستون حوّلها إلى فيلم سنة 1982، يضيع في غابة الفيلم الآخر. يأتي أضعف منه شأنا وأكثر ركاكة ولو أن بطلته الصغيرة كويفنزاني ووليس تخطف القلوب.. على ذلك لم تخطف قلوبا كثيرة. والفيلم أنجز 54 مليون دولار منذ افتتاحه قبل أسبوعين ولا يزال تحت خط التكلفة، يصدّقون أن تماثيل المتحف تعود للحياة (في «ليلة في المتحف 3») أكثر مما يصدّقون أن هناك مليارديرا يرق قلبه على فتاة يتيمة فيتيح لها حياة أفضل.
* «في الغابة» أفضل صنعا على أي حال ويوظّف كل الحكايات الخيالية المتوارثة (اقرأ النقد عنه في مكان آخر من هذه الصفحة): إنه «سندريللا» على «رد رايدينغ هود» و«سنو وايت» على الحكاية التي ترجمت لدينا باسم «سمير وشجرة اللوبيا». وهو اعتلى المركز الثاني إنما ببعض الجهد وربما يتحسّن وضعه إذا ما فاز بالغولدن غلوبس بعد أيام.
* لكن على وجه عام، قلّ عدد المرتادين لأفلام الميوزيكالز. يخلو المشهد حاليا من أصناف أفلام «ماي فير لايدي» و«وست سايد ستوري» و«صوت الموسيقى» وأصناف مشاهديها. السينما المصرية كان لها ما يشابه تلك الأفلام الكلاسيكية الأميركية الأولى (الخمسينات) مثل «مولد نجمة» (جورج كيوكر، 1954) و«حبني أو اتركني» (كينغ ڤيدور، 1955) أو «أولاد وبنات» (جوزف ل. مانكوفيتز، 1955). النسخ المصرية كانت مثيرة للاهتمام لأن حركة الكاميرا وتصميم الرقصات كان جيّدا ولو أن القصص بقيت على حالها البدائي.



شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز