المحكمة الاتحادية العراقية تفقد نصابها بعد وفاة أحد أعضائها

TT

المحكمة الاتحادية العراقية تفقد نصابها بعد وفاة أحد أعضائها

طرأ متغير آخر في العراق يمكن أن يضيف تعقيداً جدياً على صعيد إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 6 يونيو (حزيران) 2021 بسبب عدم اكتمال قانون المحكمة الاتحادية.
وفي حين كانت المحكمة الاتحادية فقدت أحد أعضائها بسبب طلبه الإحالة إلى التقاعد وعدم الاتفاق على البديل، فإن عضواً آخر من أعضائها توفي قبل يومين؛ الأمر الذي أضاف تعقيدات جديدة على إمكانية استبدال العضوين اللذين أصبحا خارج المحكمة، أو عدم الاتفاق على قانونها، في وقت لا يمكن فيه إجراء الانتخابات؛ لأن المحكمة الاتحادية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن المصادقة على نتائجها.
من ناحية ثانية؛ أعلنت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي أنها ناقشت مع الكادر المتقدم في مفوضية الانتخابات أهم المعوقات التي تنتظر إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر وفقاً للقانون الجديد.
يأتي ذلك بعد يومين من تصويت البرلمان على مقترح اللجنة القاضي باحتساب الدوائر الانتخابية في كل محافظة بما يوازي كوتة النساء في تلك المحافظة؛ الأمر الذي رفضه كثير من الكتل النيابية؛ من بينها «الفتح» و«دولة القانون».
وقالت اللجنة في بيان لها إن «اللجنة القانونية برئاسة النائب ريبوار هادي، وحضور أعضائها، استضافت الكادر الفني في مفوضية الانتخابات، واستمعت إلى أهم المشكلات والمعوقات الفنية التي تعترض عمل المفوضية، فضلاً عن استعداداتها لإجراء انتخابات مبكرة». وعدت اللجنة، وفقاً للبيان، أن «تشريع قانون انتخابات بنظام تعدد الدوائر الانتخابية في المحافظة الواحدة، هو من أجل تحقيق تمثيل أشمل للمواطن العراقي، وإجراء انتخابات نزيهة تحصل على ثقة الشارع العراقي والمجتمع الدولي».
من جانبه؛ بين الكادر الفني للمفوضية أن «عملها بدأ يقترن بإكمال التصويت على توزيع الدوائر الانتخابية، وعدد تلك الدوائر في كل محافظة، إضافة إلى صرف المخصصات المالية لإجراء الانتخابات»، منوهاً بأن «شطر مراكز التسجيل ومراكز الانتخاب سيعقد إجراءات عمل المفوضية في إعداد سجلات جديدة للناخبين».
وعلى الرغم مما قيل إنها انفراجة في قانون الانتخابات حين جرى التصويت خلال جلسة السبت الماضي على الدوائر المتعددة بعد جدل طويل، فإنه عادت الكتل البرلمانية واللجنة القانونية إلى الاجتماع مجدداً أمس الاثنين قبيل الجلسة مع المفوضية المستقلة للانتخابات. وطبقاً لمصدر برلماني، فإن «اللجنة القانونية اجتمعت مع مفوضية الانتخابات، وبحضور رؤساء الكتل البرلمانية، لمناقشة آخر تطورات الدوائر الانتخابية والوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف السياسية».
إلى ذلك، أعلنت مجموعة نواب يمثلون 5 محافظات رفضهم تقسيم الدوائر الانتخابية على عدد كوتة النساء، عادّين أن جلسة التصويت باطلة. وخلال مؤتمر صحافي عقده عدد من ممثلي هذه المحافظات، قال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار قاسم الفهداوي إن «اعتراضنا على ما حصل في الجلسة السابقة يوم (10 - 10) فيما يخص تقسيم الدوائر الانتخابية على عدد كوتة النساء»، مضيفاً أن «التصويت تم بعد اختلال النصاب القانوني، وبذلك يعد باطلاً ونطالب بإعادته».
وفي هذا السياق، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس النواب لم يتمكن حتى الآن من لملمة موضوع تعددية الدوائر بسبب وجود تعقيدات كثيرة في هذا المجال؛ منها مثلاً التداخل بين المحافظات، فضلاً عن الأقضية والنواحي التي جرى استحداثها، وكذلك المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد»، مبيناً أن «هذه الأمور كلها تمثل عقبات في مسألة الدوائر الانتخابية، مع الاعتقاد أن هناك كتلاً سياسية ربما تكون اتجهت إلى إتمام إبرام قانون الانتخابات بالصيغة التي طالبت بها الجماهير».
وأوضح العبادي أنه «من الواضح أن هناك كتلاً لا تملك الجدية الكاملة على صعيد إجراء الانتخابات، وبالتالي، فإنه لن تكون هناك انتخابات مبكرة ما دام الأمر على هذه الشاكلة». وبين أن «العقبات كثيرة؛ قسم منها لا يتعلق بالقانون، وإنما أمور أخرى، منها جاهزية مفوضية الانتخابات التي لم يصل إليها حتى الآن القانون، وبالتالي فهي لا تعرف على وفق أي قانون يمكن أن تجري الانتخابات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.