شكوك وتحقيقات في أسباب الحرائق بلبنان

قضت على أحراج ومساحات زراعية شاسعة في الشمال والجنوب

جانب من الحرائق في منطقة رأس المتن اللبنانية (أ.ف.ب)
جانب من الحرائق في منطقة رأس المتن اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

شكوك وتحقيقات في أسباب الحرائق بلبنان

جانب من الحرائق في منطقة رأس المتن اللبنانية (أ.ف.ب)
جانب من الحرائق في منطقة رأس المتن اللبنانية (أ.ف.ب)

تتزايد الشكوك حول أسباب الحرائق التي اندلعت في لبنان وقضت على مساحات كبيرة في الأحراج كان أكبرها في منطقة الجنوب بحيث تشير الترجيحات إلى أنها مفتعلة، كما أعلن النائبان ميشال موسى وحسين جشي.
وكتب النائب موسى عبر حسابه على «تويتر» أن «الشكوك كبيرة بوجود النية الجرمية عمداً أو إهمالاً بموضوع الحرائق في الجنوب وكل المناطق. لهذه الغاية تواصلنا مع محافظ الجنوب منصور ضو والرئيس رهيف رمضان والعميد غسان شمس الدين متابعة للتحقيقات لكشف المرتكبين وإنزال العقوبات بهم».
من جهته، تحدث النائب الحاج حسين جشي خلال تفقده الأماكن المتضررة من الحرائق في بلدة قانا الجنوبية، عن «معطيات من شهود عيان تفيد بأن الحريق اندلع تقريباً عند الخامسة والنصف صباحاً، وهذا يدل على أن هذا الحريق قد يكون مفتعلاً بانتظار ما ستؤول إليه التحقيقات». ورأى أنه في حال كان الحريق مفتعلاً، «فهذا يندرج في إطار الضغط على أهلنا والعمل على أذيتهم وإلحاق الضرر بهم وبمزروعاتهم، لا سيما في أشجار الزيتون التي بدأ موسم قطافها في هذه الأيام، وهو موسم يعول عليه الكثير من أهلنا ويعتاشون من محصوله». وكانت الحرائق التي تواصلت على مدى أكثر من 72 ساعة في الجنوب شملت بلدات عدة، منها يحمر، وزوطر، والكفور، وزبدين، والنبطية، ووادي الحجير، وكفرمان، وحبوش، وشوكين، والنبطية الفوقا، والدوير.
ولم يختلف الوضع في الشمال، حيث قضت الحرائق أيضاً على مساحات شاسعة تكشفت آثارها المدمرة في عكار، حيث كان أكبرها وأكثرها ضرراً الحريق الذي ضرب رباعي غابات خراج بلدات سفينة القيطع - بزال - جديدة القيطع - عيون السمك، ما حوّل آلاف الأشجار الحرجية إلى رماد، وانتهت بسببه المنظومة البيئية لهذه الغابة التي تحوي آلافا من أشجار الصنوبر المعمرة وغطاء نباتياً غنياً وموائل لأنواع عديدة من الطيور والحيوانات البرية التي إما أبيدت أو هجرت، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام». وكذلك الحريق الذي اندلع في مثلث غابات الصنوبر في خراج بلدات عين يعقوب - عيات - والشقدوف في منطقة الجومة في عكار، وأتى على مساحة كبيرة من هذه الغابة التي تحوي أشجار صنوبر معمرة.
والحريق الثالث المدمر أيضاً، كان على امتداد الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير، بدءاً من خراج بلدة النورة وصولاً إلى خربة الرمان، مروراً بخراج بلدات الدوسة والكواشرة والدبابية شيخلار ورماح، وقضى على غابات أشجار الملول ومئات أشجار الزيتون وأشجار مثمرة أخرى والحقول الزراعية وأراضٍ عشبية واسعة.
ولفتت الوكالة إلى أنه لولا تدخل طوافات الجيش ومساهمتها الفعالة في إطفاء النار، لكانت النيران على اشتعالها حتى أمس، ولكانت الخسائر مضاعفة، وذلك إضافة إلى الجهود التي بذلها عناصر الدفاع المدني والمتطوعون ومواجهتهم النار بمؤازرة كبيرة من الأهالي الذين هبوا للدفاع عن ممتلكاتهم ومواسمهم التي أفنتها الحرائق، خصوصاً موسم الزيتون.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.