دياب يلمح إلى مسؤولية مصرف لبنان عن تفاقم الأزمات المعيشية

رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لدى إلقائه كلمته مساء الجمعة  (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لدى إلقائه كلمته مساء الجمعة (دالاتي ونهرا)
TT

دياب يلمح إلى مسؤولية مصرف لبنان عن تفاقم الأزمات المعيشية

رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لدى إلقائه كلمته مساء الجمعة  (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لدى إلقائه كلمته مساء الجمعة (دالاتي ونهرا)

أظهر خطاب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي حمّل فيه مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة مسؤولية تفاقم التدهور المعيشي في حال رفع الدعم عن السلع الأساسية، أن دياب «يحاول تبرئة حكومته من المسؤولية»، بحسب ما قالت مصادر سياسية قريبة من تيار «المستقبل» وقللت من مفاعيل الخطاب قائلة إنه «لم يعلن فيه أي حلول».
وحذر دياب في كلمة مساء الجمعة من رفع الدعم عن الدواء والطحين والمواد الغذائية والمحروقات بسبب تراجع احتياطات مصرف لبنان من العملة الصعبة، معتبراً أن المصرف لم يستطع مقاومة الضغوط السياسية عليه، منتقداً سياسته بالقول: «حبذا لو أوقف مصرف لبنان تمويل سياسات الهدر في الدولة من أموال المودعين التي كان يجب عليه حمايتها».
وقالت مصادر قريبة من «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن دياب حاول تبرئة نفسه والتنصل من المسؤوليات فقط. ورأت أن التصريح «لم يتضمن أي حلول للأزمة، وبالتالي فإن ما قاله ليس له أي تأثير».
وتزامنت الحملة مع شراء شركة «طيران الشرق الأوسط» طائرة جديدة ضمتها إلى أسطولها، ويمتلك مصرف لبنان جزءاً كبيراً من أسهم الشركة. وظهرت انتقادات للشركة لشراء الطائرة في هذه الظروف من قبل «التيار الوطني الحر»، وقال النائب حكمت ديب في تغريدة: «كل شركات الطيران بالعالم تعاني من أزمة وتبيع قسماً من طائراتها»، متسائلاً: «من أين أمنتم الدولارات لشراء الطائرة؟ وأين هو حاكم مصرف لبنان؟».
واستبعدت مصادر معارضة لدياب أن يكون ساعياً لإعادة تعويم نفسه، بقدر ما يريد «أن يترك ذكرى على قاعدة تبليغ الناس قبل مغادرته السراي الحكومي»، وذلك بالتزامن مع الاتصالات السياسية التي نشطت أخيراً إثر مبادرة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لتفعيل المبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة قبل أيام على موعد الاستشارات النيابية.
ورأت المصادر المعارضة له في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «يبحث عن أي جهة لتحميلها المسؤولية بهدف تبرئة حكومته من العجز عن تحقيق أي إنجاز على المستويات الاقتصادية والمالية والمعيشية»، وبهذه الحال، فإن «أكثر ملف حساس يمكن أن يخاطب فيه الناس ويستعطفهم هو ملف رفع الدعم عن السلع الأساسية، فاختار مصرف لبنان لرمي المسؤولية عليه».
واعتبر دياب في تصريحه أن توجه مصرف لبنان لرفع الدعم، غير مقبول في الوقت الراهن. وأضاف: «لا أحد يزايد علينا في الحرص على احتياطي مصرف لبنان، فنحن من اتخذ القرار التاريخي بوقف سداد الدين، ولو دفعنا سندات اليوروبوند هذه السنة والبالغة ما يقارب 5 مليارات دولار، لكان انخفض الاحتياطي من 22.5 مليار دولار إلى 17.5 مليار دولار، ولكان هذا المعيار الذي يتحدث عنه مصرف لبنان اليوم لرفع الدعم عن الأدوية والمواد الغذائية والطحين والمحروقات، قد تم تطبيقه منذ شهر مارس (آذار) الماضي». ورأى أن مصرف لبنان «يستقوي على الناس برفع الدعم، وبالتالي تجويع اللبنانيين وحرمانهم من الدواء ورغيف الخبز».
وفيما تقول مصادر قريبة من «المستقبل» إن دياب «لم يمتلك النفوذ منذ وصوله لاتخاذ أي قرار، وهو بحكم الغائب عن جميع القرارات، ما يؤكد أن هناك من اتخذ القرار عنه»، قالت المصادر المعارضة لدياب إن الحكومة ارتكبت خطأ استراتيجياً في إعلانها التوقف عن دفع السندات، وقالت إنه كان بإمكانها أن تدفع سنداً واحداً وتتخلف عن دفع السندات الأخرى بسبب الظروف الطارئة التي فرضها فيروس «كورونا» أسوة بدول كثيرة، وكانت بذلك وفرت على نفسها التدهور بسعر العملة، وحافظت على الثقة الدولية بلبنان.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.