الاستخبارات الإسرائيلية تحذّر من خطر انهيار السلطة الفلسطينية

قالت إنها دفعت {حماس} إلى الحضيض... دون حرب

TT

الاستخبارات الإسرائيلية تحذّر من خطر انهيار السلطة الفلسطينية

أعلن رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، العميد درور شالوم، أن دائرته تحدد هناك خطرين مركزيين على إسرائيل، هما «خطر التهديد الإيراني، وخطر انهيار السلطة الفلسطينية».
وقال شالوم، في مقابلة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس الجمعة، إن «الوضع الفلسطيني بات نذيرا استراتيجيا، فالجيل الشاب في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) يبحث عن طريقه، وبوجود كورونا والضائقة الاقتصادية، يهل خطر الإرهاب».
وأضاف «تصاعد هذا الإرهاب فعلا ولكننا نجحنا في خفضه بنسبة كبيرة. وهناك ثلاثة أمور الآن تحافظ على الهدوء النسبي وهي: وجود الجيش الإسرائيلي، والوضع الاقتصادي ما زال معقولا، والتنسيق الأمني قبل أن يتم توقيفه من الطرف الفلسطيني... ولكن الخطر لم يزل قائما».
وقال شالوم «رغم توقيع إسرائيل اتفاقيتي سلام مع الإمارات والبحرين، فإن القضية الفلسطينية موضوعة هنا أمامنا كقنبلة موقوتة. وهذا ليس شيئا سيحدث صباح غد. لكن التفكك هناك محتمل في اليوم الذي يلي أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، ويحظر تجاهل هذا الأمر. فهذا تحدٍ اقتصادي، مدني وتحد في القدرة على الحكم هناك. وتقوية السلطة الفلسطينية هي مصلحة أمنية - إسرائيلية، وهذه ليست مقولة سياسية».
وأضاف أنه «يحظر الاعتقاد أن العالم العربي يتجاهل القضية الفلسطينية فجأة. فالقضية الفلسطينية هي القاسم المشترك الأدنى للعالم العربي كله، وفي نهاية الأمر، جرى التوقيع على اتفاقيتي التطبيع لأن الضم تأجل. ولكن الأرض ما زالت تغلي كراهية تجاهنا. وعلينا أن نعرف كيف نجعل وضع منطقتنا أفضل، وإلا فإن هذا الوضع سيصل إلينا».
وتطرق شالوم إلى الوضع في قطاع غزة، فقال إنه «جبهة ثانوية. ورغم أنه ليس تحديا وجوديا، لكنه تحدٍ. وقد بنينا قدرات كبيرة هناك». وأضاف أن «احتمالات التصعيد في غزة ارتفعت. وقبل أربع سنوات وضعنا إنذارا استراتيجيا بشأن غزة. ورغم أن جهات قالت حينذاك إنه توجد وفرة هناك، لكن تحليلنا أظهر أن الضائقة المدنية - الاقتصادية هناك أكبر مما يمكن احتماله، الأمر الذي من شأنه أن يدفع حماس إلى تغيير سياستها». ورأى شالوم برئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، أنه «زعيم من نوع آخر: إرهابي، لكن يهمه أن يظهر أنه ينجح في إعادة إعمار غزة. ولذلك فهو لا يسعى إلى حرب هناك. كما أن حماس تدرك جيدا قوة الجيش الإسرائيلي».
وقال شالوم: «دفعنا حماس إلى نقطة حضيض طويلة الأمد دون حرب. وإذا احتللنا غزة، فمن سيحكم هناك؟ نحن؟ يريحني إبقاء غزة هكذا، لأنني أريد أن أركز على إيران. وحماس موجودة عند مفترق تغيير تاريخي. وما زالت منظمة إرهابية بارزة، لكنها حركة وطنية - فلسطينية أيضا. وهم منصتون للجمهور. وعلينا أن نحافظ هناك على مساعدات اقتصادية - إنسانية تحت سقف المطالبة بإعادة الأسرى والمفقودين».
وفيما يتعلق بإيران، قال شالوم إنه «لم يثبت حتى الآن أن الانسحاب من الاتفاق النووي خدم إسرائيل». وأضاف أن «إيران بعيدة عن السقوط على ركبتيها. وهي لم تتراجع. وثمة أهمية بالنسبة لي أن أوضح أنني أؤيد استراتيجية الضغط على إيران. وإيران كدولة عظمى، ضعفت. لكن الاستراتيجية الأميركية المستقبلية هي أقصى حد من الضغوط، وصفقة. والسؤال هو هل ستكون الصفقة جيدة لنا في نهاية الأمر؟».
وتوقع شالوم أن «إيران ستصل إلى وضع تكون فيه بحوزتها قنبلة بعد سنتين من قرارها بهذا الخصوص. وسنتان ليستا فترة طويلة، وهذا يقلقني جدا. فإذا كانت هناك قنبلة بحوزة إيران، فإن المعركة كلها ستتحرك في اتجاهنا». وأضاف أن ثمة احتمالا كبيرا أن تعلم إسرائيل باتخاذ إيران قرار لصنع سلاح نووي، «لكن لا يمكنني أن أقول ذلك بشكل مؤكد».



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».