رئيس الوزراء الأردني الجديد يبدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة

الأردن أمام إغلاق عام الجمعة والسبت لمواجهة الانتشار الكبير لوباء كورونا (إ.ب.أ)
الأردن أمام إغلاق عام الجمعة والسبت لمواجهة الانتشار الكبير لوباء كورونا (إ.ب.أ)
TT

رئيس الوزراء الأردني الجديد يبدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة

الأردن أمام إغلاق عام الجمعة والسبت لمواجهة الانتشار الكبير لوباء كورونا (إ.ب.أ)
الأردن أمام إغلاق عام الجمعة والسبت لمواجهة الانتشار الكبير لوباء كورونا (إ.ب.أ)

بدأ رئيس للوزراء الأردني المكلف، بشر الخصاونة، مشاوراته لتشكيل حكومة تتولى مهمة الإدارة الانتقالية، إلى حين انتخاب مجلس النواب الجديد وتمكنها من طلب الثقة خلال ثلاثين يوما من انعقاد المجلس.
وفيما تحدثت مصادر مطلعة إلى «الشرق الأوسط»، عن جهوزية الخصاونة لإعلان قائمة أسماء فريقه الوزاري، توقعت المصادر نفسها، أن تؤدي الحكومة الجديدة القسم الدستوري أمام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، منتصف الأسبوع المقبل.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، قد كلف مستشاره الأقرب، بشر الخصاونة، بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة عمر الرزاز التي قدمت استقالتها يوم السبت الماضي، بعد أسبوع على حل مجلس النواب الثامن عشر لانتهاء مدته الدستورية أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وبعد تعيين الخصاونة لتشكيل الحكومة، في ظل مرحلة أردنية حرجة بفعل «أزمة كورونا» وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، رجحت مصادر، أن يستعين الرئيس الجديد بخبرات بيروقراطية للتصدي لبرنامج تكليف متخم بالمسؤوليات، وسط توقعات أن يطال التغيير الحكومي وزراء الحقائب السيادية، مع الاستعانة بخبرات في الإدارة العامة، بعد سلسلة إخفاقات تسبب بها وزراء التأزيم في الحكومة السابقة، بحسب مقربين من الرئيس المكلف.
وعمل الخصاونة في مواقع دبلوماسية متعددة قبل أن يستقر على رأس السلطة التنفيذية، فقد شغل منصب سفير للأردن في العاصمتين المصرية والفرنسية، ومندوبا دائما للمملكة في جامعة الدول العربية، كما شغل موقعي وزير الدولة للشؤون القانونية ووزير للشؤون الخارجية في حكومة رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي من العام 2016 - 2018.
وفِي كتاب التكليف الملكي للخصاونة وصف العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة بأنها تأتي ضمن «ظرف استثنائي، يتمثل في جائحة كورونا وتداعياتها»، مطالبا الحكومة بـ«الاستمرار في اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المدروسة في التعامل مع جائحة كورونا، بشكل يوازن بين الاعتبارات الصحية وتشغيل القطاعات الاقتصادية، والحفاظ على أرزاق المواطنين».
وفي أمر ملكي مباشر إلى الحكومة الجديدة، وجه الملك الأردني «المباشرة فورا في رفع الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، وأسرة العناية المركزة على مستوى المملكة خلال الأسابيع القليلة القادمة»، والمضي قدما في تخصيص وإنشاء «مراكز لإجراء الفحوصات والتوسع في توفير المختبرات في جميع المحافظات، وفقا لأعلى معايير الجودة». كما وجه إلى «المباشرة الفورية في إنشاء المركز الوطني للأوبئة والأمراض السارية، لتعزيز القدرة على التعامل مع هذه الجائحة أو أي تحد مستقبلي مماثل».
وفيما ارتفع إجمالي عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في المملكة، إلى (21000) حالة منذ بدء الجائحة، مع تخطى عدد الوفيات حاجز (140) وفاة، بفعل تسرب حالات مصابة من على الحدود والمعابر البرية وتوزعها على عدد من المحافظات والمناطق، «مشكلة بؤر ساخنة للمرض»، وفق اعتبارات لجنة الأوبئة الوطنية، ظلت الحكومة السابقة تتمسك بروايتها، أن «البلاد تتعرض لموجة ثانية من الفيروس»، وذلك، تلافيا لمحاسبة الوزراء المقصرين.
وبتكليف الخصاونة، تنتهي مرحلة تصريف الأعمال لحكومة عمر الرزاز التي استقالت مساء السبت الماضي، بعد نحو سنتين وثلاثة أشهر على تشكيلها في يونيو (حزيران) من العام 2018. وهي التي تراجعت شعبيتها بفعل الارتباك في قرارتها خلال أزمة جائحة كورونا، وفق استطلاعات رأي محايدة، وكانت آخر قرارات الحكومة المستقيلة، فرض حظر تجول شامل داخل المملكة، الجمعة والسبت.
وتفصل الحكومة الجديدة عن تقدمها لطلب الثقة من مجلس النواب الجديد نحو 31 يوما، إذا جرت الانتخابات النيابية في موعدها المقرر، فيما أبدت أوساط محلية تخوفها من تأجيل موعد يوم الاقتراع بسبب ارتفاع المعدل اليومي لإصابات كورونا، وارتفاع عدد الوفيات في المملكة. وعادت الهيئة المستقلة للانتخاب للتصريح على لسان رئيسها خالد الكلالدة، للقول، بأنها «تدرس الوضع الوبائي في البلاد بعناية، والذي يتقرر على أساسه تغيير موعد يوم الاقتراع في حال ارتفع عدد الإصابات بما يشكل خطورة على صحة المواطن وسلامته».
وأمام ذلك لا تستطيع الهيئة المستقلة للانتخابات تأجيل يوم الاقتراع إلى أبعد من الخامس والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، وهي المدة المحددة دستوريا بأربعة شهور، لغياب مجلس النواب، على أن تُعلن النتائج بشكل نهائي في السابع والعشرين من الشهر نفسه، ليصار إلى دعوة مجلس الأمة للانعقاد في دورة غير عادية.



«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.