جهود أمنية وسياسية تسفر عن عودة الهدوء إلى بعلبك بعد خلاف بين عشيرتين

الجيش انتشر وأوقف 14 مسلحاً

صور وزعها الجيش اللبناني أمس لدورياته في البقاع والمسلحين الموقوفين والأسلحة المصادرة (الوكالة الوطنية)
صور وزعها الجيش اللبناني أمس لدورياته في البقاع والمسلحين الموقوفين والأسلحة المصادرة (الوكالة الوطنية)
TT

جهود أمنية وسياسية تسفر عن عودة الهدوء إلى بعلبك بعد خلاف بين عشيرتين

صور وزعها الجيش اللبناني أمس لدورياته في البقاع والمسلحين الموقوفين والأسلحة المصادرة (الوكالة الوطنية)
صور وزعها الجيش اللبناني أمس لدورياته في البقاع والمسلحين الموقوفين والأسلحة المصادرة (الوكالة الوطنية)

عاد الهدوء إلى مدينة بعلبك ومحيطها في شرق لبنان، بعد توتر وحشود عسكرية بين عشيرتي آل شمص وآل جعفر، إثر مقتل شخص لدوافع ثأرية، وذلك عبر مسارين، أولهما أمني تولاه الجيش اللبناني، والثاني سياسي واجتماعي عبر تدخل فعاليات حزبية وعشائرية وفعاليات المنطقة لفرض التهدئة والحؤول دون اتساع الاشتباكات بين مسلحي العشيرتين.
وتمكن الجيش اللبناني أمس من وضع حد للمظاهر المسلحة بين عشيرتي جعفر وشمص، من خلال الانتشار الكثيف الذي حققه بعد ظهر الأربعاء على محاور طريق بوداي معقل عشيرة آل شمص، والتل الأبيض والشراونة معقل عشيرة آل جعفر، وصولا إلى مداخل مدينة بعلبك ودورس وبوداي في غرب بعلبك.
ونفذّت وحدات الجيش المنتشرة في البقاع تدابير وإجراءات أمنية، وأوقفت 14 شخصاً كانوا يتنقلون في سيارتين في منطقة سهل حربتا، البقاع الشمالي وبحوزتهم كمية من الأسلحة والذخائر. وتمّت مصادرة الأسلحة والسيارتين وأحيل الموقوفون إلى الجهات المختصة. وواصلت وحدات الجيش في البقاع أمس تدابيرها الأمنية لملاحقة المخلّين بالأمن، وقامت بتسيير دوريات وإقامة حواجز ظرفية في المنطقة.
وأعقب انتشار الجيش بآلياته العسكرية والمحمولة تحرك لجنة من العشائر والعائلات والأحزاب زارت في وقت متأخر من ليل الأربعاء العشيرتين، وتسلمت لجنة مؤلفة من العشائر والعائلات والأحزاب، برضا الطرفين من عشيرتي شمص وجعفر، زمام حل الخلاف بين العشيرتين على قاعدة العرف العشائري. وأثنت اللجنة على موقف العشيرتين لتجاوبهما التام مع مقترحات ومطالب اللجنة التي تقضي بالحل وفق العرف المتبع لدى العشائر، واستكملت الجهود أمس بلقاء عقد بعد الظهر.
وقالت مصادر إن اللقاء أمس «جاء مكملا لتحركات ليل الأربعاء وأكد المجتمعون على إزالة الحواجز والمظاهر المسلحة التي انتشرت في المنطقة خلال الأيام الأربعة الماضية تزامنا مع مقتل محمد شمص». وشدد المجتمعون على وجوب إدانة من يقوم بارتكاب أي جريمة، والتسليم بعودة الأمور للدولة والقضاء. وشدد المجتمعون على وجوب التسليم للقضاء ليحكم بما فيه الحق لهذا أو ذاك».
وأكد مصدر فاعل على خط التهدئة والمصالحة أن الحل «يتطلب وضع الأمور في نصابها وهو الطلب من عشيرة آل جعفر بتسليم المطلوبين الأربعة للقضاء بتهمة قتل محمد شمص، فضلاً عن ضرورة وضع حد للفلتان الأمني والمظاهر المسلحة على الطرقات والحفاظ على أمن مدينة بعلبك والمنطقة».
ويواصل فوجا «المجوقل» و«المغاوير» في الجيش اللبناني الدوريات في المنطقة، حيث أقاما عدداً من الحواجز المعززة بالآيات العسكرية في محيط حي الشراونة وعلى الطريق الدولي في منطقة التل الأبيض وعلى الطرقات المؤدية إلى بوداي حفاظا على أمن المنطقة ومنع المظاهر المسلحة التي انتشرت بكثافة خلال اليومين الماضيين في مظاهر استعراض القوة بين العشيرتين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.