تضارب الروايات حول أحداث كربلاء... والصدر يلوّح بـ«التدخل»

اتهامات متبادلة بين جماعات الحراك وشخصيات دينية وسياسية

انتشار أمني كثيف في كربلاء أمس (أ.ب)
انتشار أمني كثيف في كربلاء أمس (أ.ب)
TT

تضارب الروايات حول أحداث كربلاء... والصدر يلوّح بـ«التدخل»

انتشار أمني كثيف في كربلاء أمس (أ.ب)
انتشار أمني كثيف في كربلاء أمس (أ.ب)

لم تتوقف لغة الاتهامات المتبادلة بين بعض الشخصيات والقوى السياسية الشيعية من جهة، وجماعات الحراك الاحتجاجي من جهة أخرى، على خلفية ما وقع من أحداث في كربلاء، أول من أمس، خلال موسم «زيارة الأربعين». وبدا أن الجانبين يقفان على طرفي نقيض بخلافات عميقة عصية على التسوية وجدت مخرجاً في التوتر حول ما جرى في كربلاء.
وخرج طيف واسع من القيادات والقوى والأحزاب المتنفذة، يضم زعيم «تيار الصدر» مقتدى الصدر وحزب «الدعوة الإسلامية» بزعامة نوري المالكي والأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي وآخرين، لإدانة التحركات والأهازيج المنددة بالفساد وأحزاب السلطة وإيران التي رددتها بعض جماعات الحراك.
وبدا السجال معركة لانتزاع «الشرعية الرمزية» للمناسبة؛ فركز الرافضون على أن ما جرى «غير ملائم في مناسبة دينية»، فيما دافعت جماعات الحراك عن تحركها، مستندة إلى أن «موسم الزيارة مناسب جداً باعتبار أن الحسين قد ثار على الظلم».
وأظهرت صور ومقاطع مصورة في كربلاء، أول من أمس، أعداداً كبيرة من عناصر الأمن تفرّق بالهراوات مجموعة من الشباب الذين يحمل صور قتلى الاحتجاجات وهم يتظاهرون ضد أحزاب السلطة والفساد، ويرددون شعارات معادية لإيران والولايات المتحدة. وباستثناء البيان «الهادئ» نسبياً الذي أصدرته العتبتان الحسينة والعباسية ويروي تفاصيل ما وقع، أول من أمس، فإن بقية البيانات التي صدرت عن جهات عدة بشأن الأحداث بدت متضاربة وحادة في آن.
وتحدثت العتبتان في بيان مطول عن طريقة تنظيم زيارة الأربعين والآليات المتبعة للسماح بدخول مواكب العزاء. وذكر البيان أن «قسم الشعائر والمواكب والهيئات الحسينية في العراق والعالم الإسلامي» هو الذي يتولى عملية التنظيم وتسجيل المواكب «وأي موكب غير مسجل لدينا، لا يستطيع النزول في جدول العزاء اليومي». وأضاف أن «ما حصل لموكب بعض الإخوة من محافظة ذي قار الذين أرادوا الدخول... هو إصرارهم على دخول منطقة العزاء من دون الحصول على أي موافقات أصولية مما ذكرناه، فلا موكبهم مسجل، ولا هم دخلوا ضمن محافظتهم». وأشار إلى أن «التعليمات كانت تحتم عليهم الانسحاب لعدم الالتزام بها، لكنهم رفضوا، وأرادوا الدخول بالقوة، ولأن ذلك يعني تعريض أمن الزائرين والمعزين للخطر، فإن القوات الأمنية تصدت لمنعهم، لمخالفتهم الضوابط المعمول بها».
أما خلية الإعلام الأمني، فقد تحدثت عن «مندسين» افتعلوا المواجهة مع القوات، وقالت في بيان: «تجمعت عصر الثلاثاء، أعداد من المتظاهرين من مختلف المحافظات، في ساحة التربية بمحافظة كربلاء، وتوجهوا باتجاه باب القبلة، وحاولوا الدخول من طريق غير مخصص للدخول، وجرى تنبيههم من قُوَّة الطوق الأول بأن يتجهوا نحو طريق الدخول المخصص مع التقيد بإجراء التفتيش، لكن بعض المندسين افتعلوا احتكاكاً من خلال استخدام الحجارة ورميها باتجاه القوة الأمنية المكلفة حماية الزائرين، وجرى التعامل الفوري والمسؤول معهم».
واتهمت جماعات الحراك في «البيان الموحد لساحات ثوار العراق» الذي أصدرته، أمس، «المتورطين في الدم العراقي بخلق صراعات ثانوية، وجر الثوار إلى العنف من خلال منعهم دخول (موكب شباب تشرين) لأداء مراسم الزيارة رغم تنسيقه مع هيئة العتبات الدينية».
في المقابل، اتهم زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، مَن وصفهم بـ«المندسين» بين صفوف الحراك، باستغلال المناسبات الدينية، ملوِّحاً بالتدخل في الأمر. وكتب الصدر عبر «تويتر»: «عمد بعض المندسين ما بين صفوف ما يسمى بـ(ثورة تشرين)، ممن لهم أفكار منحرفة أو ميولات داعشية أو بعثية، وبمعية بعض المخربين من هنا وهناك... إلى استغلال المناسبات الدينية في كربلاء... لذا على القوات الأمنية حماية المقدسات، فإنها بداية فتنة يخططون لها بدعم خارجي مشبوه». وحذر من أنه إذا لم يتحقق ذلك «فإنني مضطر للتدخل بطريقتي الخاصة والعلنية»، داعياً أنصاره إلى «التأهُّب وانتظار الأوامر».
وانتقد ناشطون مقتدى الصدر، واتهموه بأنه «أول من سعى إلى تجيير الزيارات الدينية لصالح أهدافه السياسية» عبر الإيعاز لأتباعه في مناسبات سابقة برفع الأعلام والتنديد بخصومه السياسيين. كما ذكَّروه بالمواجهات العنيفة عام 2007 التي قام بها «جيش المهدي» التابع له وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 50 زائراً قرب ضريح الحسين.
وهاجم زعيم ميليشيا «عصائب الحق» الموالية لإيران، قيس الخزعلي، جماعات الحراك، واعتبر أن ما حدث في كربلاء «تشويه ومُحاولة لإيجاد فتنة وأمر مؤسف ومُحزن للغاية».
بدوره، علّق النائب فائق الشيخ علي، المعروف بدعمه للحراك الاحتجاجي، على الأحداث التي شهدتها كربلاء عبر «تويتر» قائلاً للمحتجين إن «ميليشيات كانت مستعدة ومتهيئة لقمعكم وطردكم» من الزيارة، «وإلّا فكيف انقض عليكم الآلاف منهم في ثوان؟ ولماذا يحملون الهراوات في أيديهم؟». وأضاف أن «مكانكم الحقيقي ساحات التظاهر يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) وليس العتبة الحسينية».
وفي تدوينة أخرى، قال الشيخ علي: «وصلني عتب من مكتب السيد الصدر لتغريدات كتبها أعضاء في حزب الشعب (الذي يتزعمه) ينالون من السيد... أقول إن ما يلزمني هو ما أكتبه أنا بنفسي، ولا سلطة لي على غيري. وهؤلاء يكتبون من دون توجيه مركزي أو طلب مني، تماماً مثل الذين يشتمونني صباحاً وليلاً من التيار الصدري من دون توجيه مباشر من السيد الصدر نفسه».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».