العراقيون يراقبون الانتخابات الأميركية

منقسمون إزاء ترمب... ولهم تاريخ ملتبس مع بايدن «حامل خطة التقسيم»

TT

العراقيون يراقبون الانتخابات الأميركية

قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب إصابته بفيروس «كورونا»، كانت صحته التي تبدو جيدة بالقياس إلى عمره هي المهيمنة على سياق الحملة الانتخابية مقابل أمراض الشيخوخة التي يعاني منها منافسه الديمقراطي جو بايدن، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل أيضاً في العراق، حيث يحظى السباق الرئاسي الأميركي بمتابعة حثيثة.
العراقيون وجدوا أنفسهم في حالة انقسام شديد بين المتنافسين، ففي حين تحمل ذاكرتهم ذكريات سلبية لبايدن باعتباره حامل مشروع تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات على أسس عرقية وطائفية أيام كان نائباً للرئيس السابق باراك أوباما، فإن الموقف من ترمب لا يزال موضع خلاف سياسي بسبب العلاقة الملتبسة بين الولايات المتحدة وإيران واستخدام الأراضي العراقية ساحة للمواجهة بينهما.
ومن يتابع مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، يلحظ أن إصابة ترمب بـ«كورونا» أخذت حيزاً واسعاً من الاهتمام العراقي، رغم المشاكل والأزمات، وآخرها أزمة الرواتب الحادة، فضلاً عن قضايا الفساد والانتخابات المبكرة العام المقبل. وتباين التعامل مع الخبر على خطوط الانقسام السياسي والتخندق المسبق بين المؤيدين للتقارب مع واشنطن والمحسوبين على طهران.
وبدأت أنظار العراقيين تتجه إلى ما يمكن أن تسفر عنه الانتخابات الأميركية المقبلة، فالقوى الحليفة لإيران ترى أن خسارة ترمب ستخفف الضغوط على طهران وتفتح مجالاً لتفاهم جديد بشأن الملف النووي الإيراني، باعتبار أن بايدن كان من أركان الإدارة التي توصلت إلى الاتفاق الذي ألغاه ترمب. في مقابل ذلك، فإن القوى المؤيدة للتقارب مع واشنطن تأمل ببقاء ترمب في البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة؛ أملاً في المزيد من الضغوط على إيران وإضعاف وضع القوى والميليشيات الموالية لها. وبالنسبة لهذه الأطراف، فإن بقاء ترمب على أقل تقدير يعني استمرار المعادلة السياسية في العراق على ما هي عليه.
وبعيداً عن التأثيرات المباشرة على بلدهم، جذبت دراما الاستقطاب الحاد والتوتر العرقي في الولايات المتحدة العراقيين الذين وجدوا فيها تقاطعات مع حالة الخلافات السياسية الحادة وما تلاها من اصطفافات عرقية وطائفية في العراق. ففي حين لم تكن الحملات الانتخابية تشغل في السابق المواطن العراقي المهموم بمشاكله الخاصة، فإن الحملة الانتخابية الحالية وبسبب تلك الاصطفافات والمواقف الحادة للقوى السياسية دخلت بقوة على خط المزاج العراقي بصرف النظر عن رغبة هذا الطرف أو ذاك في بقاء ترمب أو مجيء بايدن.
وفي حين يرى السواد الأعظم من العراقيين أن الولايات المتحدة هي في النهاية دولة مؤسسات لا تتأثر كثيراً ببقاء رئيس أو مغادرته، فإن المواقف من ترمب صاحب المزاج الحاد والمتقلب ومن بايدن الذي يشبه الكثير من عجائز السياسة العراقيين رغم كل دعوات الإزاحة الجيلية، فتحت الباب لإسقاطات على الواقع العراقي. ومع إصابة ترمب بـ«كورونا»، ظهرت أصوات عراقية تعتبرها «مجرد خدعة انتخابية لتغيير المعادلة». لكن في وقت لا تزال استطلاعات الرأي الأميركية تتلاعب بالأمزجة، بقي العراقيون كل على موقفه المسبق من ترمب أو بايدن.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».