2014.. النفط يودع المائة دولار

العام كان مفاجأة حقيقية للأسواق والمنتجين

2014.. النفط يودع المائة دولار
TT

2014.. النفط يودع المائة دولار

2014.. النفط يودع المائة دولار

سيغادرنا عام 2014 بعد أيام قليلة آخذا معه الاستقرار الذي عاشته أسعار النفط لأكثر من 100 دولار لمدة 3 سنوات وستعود للتذبذب الحاد مجددا وتعود التخبطات في السوق.
لقد كان عام 2014 مفاجأة حقيقية للأسواق والمنتجين إذ لم يتوقع أحد أن يكون النصف الثاني من العام كارثيا لأسعار النفط بعد أن ظلت تتداول فوق 100 دولار خلال كامل النصف الأول من العام.
وأبرز ما يميز هذا العام هو أنه شهد أحداثا نفطية قد تجعل منه عاما تاريخيا قد تتحول معه الصناعة والأسواق لتدخل مرحلة جديدة لم تشهدها من قبل وهي المرحلة التي تركت فيها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أمر تحديد الأسعار بالكامل للسوق.
ومنذ تأسيسها في 1960 وحتى يومنا هذا كانت سياسات أوبك تدور حول الحفاظ على مستوى معين للأسعار أو على الأسعار والإنتاج معا، ولم تتخل عن هذا النهج حتى عام 2014. وهذا أمر طبيعي لمنظمة أنشئت كرد فعل على استبداد الشركات الأجنبية العالمية المعروفة باسم الأخوات السبع لتسعير نفط البلدان المنتجة. ولم تكن أوبك لتولد لولا أن قامت هذه الشركات بتخفيض أسعار النفط حينها.
ولكن كل شيء تغير الآن واتخذت الأوبك برئاسة السعودية قرارا تاريخيا في الاجتماع الذي تم عقده في العاصمة النمساوية فيينا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمقتضاه ستترك أوبك السوق لتتحكم في مصير الأسعار لفترة من الوقت، وهي خطوة أشبه ما تكون بالإعلان عن الحرب.
ولكن على من ستشن أوبك حربها النفطية هذا العام؟
لقد نشأت في 2014 حرب في سوق النفط العالمية ستمتد لفترة طويلة ولكن لا أحد يعلم مدى طولها حتى اليوم. هذه الحرب هي بين أوبك وما سمتهم بالمنتجين الهامشيين الذين استفادوا من ارتفاع أسعار النفط ليغرقوا السوق بالنفط ويتكون فائض ليس بالكبير ولكنه كان مؤثرا وجعل الأسواق تعيش في حالة من القلق والسلبية؟
ويريد وزراء أوبك وعلى رأسهم الوزير السعودي علي النعيمي أن يجعل المنتجين أصحاب التكلفة العالية خارج أوبك ينصاعون لأوبك ويتنازلون عن جزء من إنتاجهم حتى تتوازن السوق ويختفي فائضها.
وكشف الوزير نيته للبقاء في السوق وتحمل انخفاض الأسعار إلى ما لا نهاية للحفاظ على حصته السوقية حتى لو وصلت الأسعار إلى 20 دولارا كما يقول هو في حوار مع نشرة «ميس» النفطية المتخصصة.
ولدى النعيمي سلاح آخر وهو سلاح تكلفة الإنتاج المنخفضة التي يملكها إذ أنه أوضح في حديثه مع «ميس» أن تكلفة إنتاج النفط السعودي هي بين 4 إلى 5 دولارات للبرميل، فيما يرى الوزير أن هناك منتجين من خارج أوبك يحتاجون إلى أسعار عالية للبقاء في السوق وعلى هؤلاء التسليم للأمر الواقع. ومن بين هؤلاء منتجو النفط الصخري الذين قد يحتاجون إلى أسعار بين 30 و90 دولارا للبرميل حتى ينتجوا كما يقول الوزير.
ولن تخلو هذه الحرب من ضحايا وأولهم ميزانيات دول أوبك نفسها حيث بدأت الدول تشرع في تخفيض نفقاتها والأسعار التي ستعتمدها للميزانية في العام المقبل. وأولى هذه الدول التي أعلنت عن أسعار النفط اللازمة لتعادل ميزانيتها هي العراق التي قال وزيرها خلال تواجده في أبوظبي بأن بلده سيعتمد سعر 60 دولارا في العام المقبل بدلا من 90 دولارا هذا العام.
وأبدى النعيمي في أبوظبي الأسبوع الجاري تفاؤله الشديد بعودة الأسعار للارتفاع حتى بعد أن فقدت أسعار النفط نحو 50 في المائة من قيمتها وأصبحت تتداول عند 60 دولارا، وحتى في قمة اضطراب السوق وعدم معرفته أين سيكون القاع. ولا يزال وزير البترول السعودي متفائلا بل وأكثر من هذا إذ أنه يقول: إنه على يقين مائة في المائة أن الأسعار ستصعد بعد أن تتخلص السوق من الفائض حيث إن الأسعار الحالية لا تسمح ببقاء إنتاج أنواع النفط عالية التكلفة من خارج دول منظمة أوبك.
ولكن لا أحد يستطيع أن يقول بالتحديد متى ستعود الأسعار للارتفاع كما قال النعيمي ولكنه متفائل بعودتها قريبا في العام المقبل مع استمرار النمو العالمي ونمو الطلب على النفط معه.
وكان عام 2014 عاما مخيبا للآمال للكثيرين إذ أن الطلب لم ينمُ على النفط كما كان يتوقع له الجميع حيث أوضح النعيمي في كلمة ألقاها في أبوظبي أن الطلب هذا العام تباطأ بنسبة كبيرة عما كان متوقعا. فالمتوقع في بداية العام أن الطلب على النفط سيزيد بنحو 1.2 مليون برميل يوميا عن مستواه في العام الماضي ولكن هذا لم يحدث حيث زاد الطلب هذا العام فقط بنحو 700 ألف برميل في الوقت الذي كان فيه الإنتاج العالمي عاليا سواء من داخل وخارج أوبك.
وشهد العام الجاري استفحال إنتاج النفط من خارج دول أوبك وبخاصة من النفط الصخري في الولايات المتحدة والذي رفع إنتاجه إلى مستوى قريب من إنتاج السعودية أو روسيا.
وشهد العام الجاري أمورا مهمة أخرى مثل السماح للشركات الأميركية بتصدير نوع خفيف جدا من النفط يعرف باسم «المكثفات».
وفي هذا العام الذي انخفضت فيه أسعار النفط عالميا بنحو 50 في المائة، بعد دخول السوق في مرحلة التأجيل المعروفة باسم «الكونتانقو».
والكونتانقو هي وضعية تنشأ مع وجود فائض في الأسواق وتباطؤ في الطلب حيث تصبح فيها أسعار تسليم عقود النفط الآجلة في المستقبل أعلى بكثير من أسعار بيعها الحالية وهو ما يدفع بالتجار والمتعاملين بتخزين النفط طمعا في بيعه غدا بسعر أعلى.
وبدأت السوق في استرجاع ذكريات عام 2008 عندما تحطمت أسعار غرب تكساس وهبطت من 145 دولارا في يوليو (تموز) لتصل إلى أقل من 40 دولارا بحلول ديسمبر (كانون الأول) من نفس العام.
وكان هذا العام جيدا للوزير النعيمي الذي لا يزال متفائلا وهو يتولى زمام الإدارة في أوبك عاما بعد عام. والنعيمي لديه خط واضح في سياسته البترولية وهو الترحيب بالإنتاج الجديد من أي مصدر كان. هذا الترحيب كان مصدر انتقاد له من الكثير من معارضيه الذين يرون أن ترحيبه بهذه المصادر الجديدة هو ما سيقلص حصة المملكة السوقية. لكن النعيمي له رأي مخالف، إذ أن الطلب على النفط عالميا سيزيد وهذا الأمر يتطلب أن يلبي المنتجون هذا الطلب من أي مصدر. وبالنسبة للسعودية فإن هذا يصب في مصلحتها فهي لا تحتاج حينئذ أن تستنزف حقولها أو أن تزيد طاقتها الإنتاجية فوق 12 مليون برميل يوميا.
وفي هذا العام بدأت الكثير من الدول في شد الحزام مع هبوط أسعار النفط وقامت هذه الدول بتخفيض نفقاتها للعام المقبل أو تقليل سعر النفط الذي تحتاجه كل دولة للوصول إلى حالة التوازن المطلوبة؟
وتحتاج غالبية دول أوبك باستثناء الخليج وأنغولا إلى أسعار فوق 100 دولار وهذا ما يصعب موقفهم في قبول الأسعار الحالية. ويقول أحد المصادر في الدول المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: «قرار السعودية سيذبح الأسعار ولكن سننتظر لنرى». وها هو العراق في اتجاهه لأن يوافق على ميزانية العام الجديد عند مستوى سعري يبلغ 60 دولارا للبرميل بدلا من 90 دولارا. ولم يبق أمام السوق سوى أن تنتظر العام المقبل لمعرفة ماذا سيحدث للأسعار. والجميع سينتظر فلم يعد هناك قائد فعلي للأسعار سوى السوق. ولهذا ستكون هذه السنة إما السنة التي ولدت فيها أوبك من جديد أو ستكون السنة التي أخطأت فيها مرة أخرى وهمشت نفسها بنفسها.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.