بعد ساعات قليلة من تصريح وليد الزيدي، وزير الثقافة التونسية، الذي اعترض على قرار رئيس الحكومة هشام المشيشي بوقف كل المظاهرات الفنية والثقافية، تحسبا من انتشار «كورونا»، جاء قرار إقالته من منصبه ليطرح تساؤلات عدة حول خفايا هذه الإقالة؟ وهل لها علاقة بتصريح وزير الثقافة الداعم للاحتجاجات ضد الحكومة، أم أن الأمر يتعلق بوزراء يدعمهم الرئيس قيس سعيد ويوجدون على لائحة الإقالة في ظل الخلاف الواضح بين الرئيسين؟
عدد من المراقبين اعتبروا أن هذه الإقالة قد تكون بداية استجابة رئيس الحكومة لطلب إجراء تعديلات على تركيبة حكومته الحالية، وهي التعديلات التي طالب بها التحالف البرلماني الداعم للحكومة، والمكون من حركة النهضة، وحزب قلب تونس، و«ائتلاف الكرامة».
وليست هذه هي الإقالة الأولى التي يتعرض لها الزيدي، إذ سبق أن اتخذ المشيشي قرار إعفاء الوزير الكفيف من قائمة أعضاء الحكومة إبان تكليفه من قبل رئيس الجمهورية، وتصريح الزيدي بأنه يتعفف عن هذا المنصب، وأنه يفضل مدارج الجامعة على الوزارة. غير أن قيس سعيد تمسك بالزيدي على رأس وزارة الثقافة، وفرضه على المشيشي في خطوة اعتبرتها أحزاب المعارضة «شعبوية غاياتها انتخابية بالأساس».
وبخصوص أسباب الإقالة، قال الزيدي أول من أمس أمام جمع من الفنانين التونسيين والفاعلين الثقافيين المحتجين أمام مدينة الثقافة وسط العاصمة، إن وزارة الشؤون الثقافية لم تصدر بلاغا حول منع تنظيم المظاهرات الثقافية، وأنه لم يوقع قرارا يقضي بتنفيذ هذا الإجراء، مبرزا أن الوزارة «لن تمنع الفنانين من ممارسة نشاطهم، وهي ليست وزارة لتنفيذ بلاغات رئاسة الحكومة».
المحتجون اعتبروا بدورهم أن القرار الحكومي يندرج ضمن السياسة الانتقائية في اتخاذ قرار تنفيذ الحجر الصحي، حيث لم تعلن الحكومة عن قرار غلق فضاءات أخرى كالمقاهي والمطاعم والحانات الليلية وغيرها من الفضاءات، فكان موقف وزير الثقافة إلى جانبهم، ومساندا لهم، وهو ما سرع باتخاذ قرار إقالته، حسب مراقبين. وقال الوزير المقال بعد إقالته إنه كان يعلم أنه في «بحر هائج مائج لا قرار له ولا استقرار»، على حد تعبيره.
وبشأن هذه الإقالة وتبعاتها على القطاع الثقافي، قالت يسرى الشيخاوي، الإعلامية التونسية المختصة في المجال الثقافي، إن تعيين وزير السياحة الحبيب عمار، وزيرا للثقافة بالنيابة، «يبقى قرارا غير مفهوم، لأن الوضع يستوجب تعيين وزير ينكب على مشاغل القطاع، ويرسم استراتيجية لحلحلة الأزمات المتتالية»، وتساءلت عن «أي معنى لتعيين وزير السياحة خلفا للزيدي بالنيابة؟».
في غضون ذلك، انتقدت العديد من منظمات المجتمع المدني التونسية والدولية، أمس، مشروع قانون يعرض للمناقشة في البرلمان «يحمي» القوات الحاملة للسلاح والجمارك، وعبرت عن رفضها له.
وقدمت الحكومة مشروع القانون المثير للجدل «زجر الاعتداء على القوات المسلحة» عام 2015، إثر هجمات شنها مسلحون استهدفوا قوات الأمن والجيش وسيّاحا، وذلك من أجل «حماية قوات الأمن الداخلي والجمارك» ضد «التهديدات والاعتداءات التي تمس السلامة الجسدية للأعوان».
لكن العديد من منظمات المجتمع المدني اعتبرت مشروع القانون، الذي من المفترض أن يشرع البرلمان في مناقشته أمس «يهدد حقوق وحريات المواطنين، رغم التنقيحات التي طرأت على النص منذ 2014».
وبالموازاة مع ذلك، نظم عشرات النشطاء في منظمات المجتمع المدني أمس وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان للتنديد بهذا المشروع، وهتفوا «قانونكم لا يلزمنا»، وفقا لصحافيي وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت الناشطة في حملة «حاسبهم» أسرار بن جويرة: «نحن ضد هذا القانون، الذي يضر بالحقوق والحريات... سنعطل مسار الجلسة. نحن ضد دولة بوليسية ومن أجل دولة ديمقراطية تضمن الحقوق والحريات».
ونددت 23 منظمة بينها «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، وجمعية «مناهضة التعذيب» بمشروع القانون، واعتبرت في بيان أمس أن «محاولة تمريره قبل أشهر قليلة من الاحتفال بعيد الثورة العاشر... تمثل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي ولتوازن المنظومة القانونية». مشيرة إلى أنه «ينتصر لمصالح قطاعية ضيّقة في شكل مجلة جزائية موازية، لا تكرّس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون».
إقالة وزير الثقافة التونسي لـ«اصطفافه» مع المحتجين
إقالة وزير الثقافة التونسي لـ«اصطفافه» مع المحتجين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة