إحباط عملية تهريب أدوية عبر مطار بيروت

نقيب الصيادلة: المخزون الحالي يكفي شهراً ونصف الشهر

TT

إحباط عملية تهريب أدوية عبر مطار بيروت

أحبطت قوى الأمن الداخلي في لبنان عملية تهريب كمية من الأدوية عبر مطار رفيق الحريري، وذلك في وقت يعاني فيه المواطنون منذ أشهر من فقدان عدد كبير من الأدوية في الصيدليات التي بات رفوف بعضها خالياً من أدوية الأمراض المزمنة.
ويعاني لبنان من شح في الدواء، وفقدان أدوية من الصيدليات، فيما تتصاعد التحذيرات من وقف مصرف لبنان دعم الأدوية المستوردة.
ولفت نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين إلى أنّه بعد ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء «أصبح سعر الدواء في لبنان، والذي يباع بالليرة اللبنانية، من الأرخص في المنطقة» وهذا يجعله أكثر عرضة للتهريب، معتبرا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ تهريب الدواء يبقى في «نطاق ضيّق ومحدود» وذلك لأنّه «عادة ما يكون عبر المطار الذي وبسبب جائحة (كورونا) لم يستعد كامل حركته».
وكانت المديرية العامة لقوى الأمـن الداخلي أعلنت في بيان أنه «في إطار الحد من عمليّات تهريب الأدوية خارج الأراضي اللبنانية ونظراً إلى حاجة المواطنين إليها لما له من انعكاسات سلبية على الاقتصاد اللبناني والمصلحة العامة، تمكنت عناصر فصيلة تفتيشات المطار في وحدة جهاز أمن السفارات والإدارات والمؤسسات العامة من إحباط عملية تهريب كمية من الأدوية قام بها 6 أشخاص من الجنسية المصرية كانوا متوجهين إلى القاهرة».
وبالاستماع إليهم من قبل فصيلة الضابطة الإدارية والعدلية، أفادوا بأنهم اشتروا الأدوية من صيدليات عدة في لبنان لاستعمالها في مصر. وقالت قوى الأمن إنهم تركوا لقاء سندات إقامة، بناء على إشارة القضاء المختص.
وفي إطار الحديث عن تهريب الدواء، لفت الأمين إلى أنّ فاتورة استيراد الدواء هذا العام كانت أقل من العام الماضي وهذا يعني أنّ التهريب ليس بكميات كبيرة وأنه ليس سبباً رئيسياً لفقدان الدواء من الصيدليات، مشيراً إلى أن السبب الأساسي هو الأزمة السياسية وتداعياتها على الدولار، فضلا عن تأخّر مصرف لبنان بالموافقة على فواتير الدواء والذي يؤمن دولار استيراده بسعر الصرف الرسمي.
وتحدّث الأمين عن سبب أساسي ساهم في فقدان عدد من الأدوية وهو «تهافت المواطنين خلال الشهرين الماضيين وبعد الحديث عن توجه مصرف لبنان لرفع الدعم عن المواد الأساسية ومنها الدواء، على تخزينه في منازلهم خوفا من ارتفاع سعره.
وكان مصرف لبنان أعلن أنّه لن يستمر بدعم القمح والدواء والمحروقات بعد نهاية العام الحالي بسبب تناقص احتياطيه من العملات الأجنبية، ما يعني ارتفاع سعر الدواء إلى 5 أضعاف على أقلّ تقدير.
وأكّد الأمين أنّ مخزون الدواء تراجع مؤخرا من ستة أشهر إلى ما لا يزيد على الشهر ونصف الشهر، لذلك باتت الصيدليات تبيع المواطن حاجته فقط. وحذّر الأمين من تفاقم أزمة الدواء ما دام أن الاستيراد يتراجع، لافتا إلى أنّ المواطنين خزّنوا أدوية الأمراض المزمنة وأدوية الأعصاب وبعض أدوية السرطان التي تباع في الصيدليات، ولذلك هناك نقص في هذه الأدوية أكثر من غيرها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.