الأسد يتهم إردوغان بـ«إشعال» حرب قره باغ

معارضون سوريون ينتقدون «استغلال حاجة اللاجئين}

TT

الأسد يتهم إردوغان بـ«إشعال» حرب قره باغ

اتهم الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بـ«إشعال الصراع» بين أرمينيا وأذربيجان على جيب ناغورنو قرة باغ. وقال إن أنقرة ترسل مقاتلين سوريين للمنطقة.
ونفت تركيا، الحليف المقرب من أذربيجان، إرسال مرتزقة للمشاركة في القتال.
وبدأ الصراع على المنطقة التابعة لأذربيجان بحكم القانون الدولي لكن يقطنها ويحكمها الأرمن، يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتصاعد القتال إلى أعلى مستوياته منذ تسعينات القرن الماضي.
وفي مقابلة مع وكالة الإعلام الروسية، أشار الأسد بأصبع الاتهام لإردوغان الذي عبر عن تضامنه مع أذربيجان ورفض جهوداً دولية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وقال الأسد: «إنه (إردوغان) يدعم الإرهابيين في ليبيا، وكان المحرض الرئيسي في الصراع الأخير في ناغورنو قرة باغ بين أذربيجان وأرمينيا».
وأضاف الأسد أن مقاتلين من سوريا نُقلوا إلى منطقة الصراع، وهو اتهام كان أول من أطلقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اتهم تركيا بإرسال سوريين للقتال هناك، وهو ما نفته أنقرة وباكو.
وبخصوص مشاركة مقاتلين سوريين في الصراع، قال الأسد: «بوسع دمشق أن تؤكد هذا».
وعلق عضو البرلمان التركي، أوزتورك يلماز، على تصريحات الأسد. وقال عضو البرلمان عن حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، يلماز في تصريح صحافي، لوكالة «نوفوستي»: «الأسد لديه كراهية شخصية لإردوغان. يريد أن يلحق به الأذى في كل أنحاء تركيا، تصريحات الأسد لا قيمة لها، وهي أداة دعاية».
وأضاف أن تركيا لها حقوقها ومصالحها في أذربيجان وشرق المتوسط.
وتأتي تصريحات النائب التركي تعليقاً على تأكيد الرئيس السوري في مقابلة مع وكالة «نوفوستي»، على نقل الرئيس التركي مقاتلين من سوريا إلى منطقة قره باغ للمشاركة في الأعمال القتالية هناك.
إلى ذلك، تداول نشطاء ومعارضون سوريون أمس، مسودة بيان، تضمن «إدانة» إرسال مقاتلين إلى ناغورني قره باخ.
جاء في البيان الذي كان بين الموقعين عليه، ميشال كيلو ووائل عجة ومحمد صبرا: «بعد ثبوت الأنباء التي تناقلتها مصادر إعلامية متعددة بقيام الحكومة التركية بتجنيد بعض السوريين للذهاب والقتال في أذربيجان في إقليم ناغورني كاراباخ، ووقوع العديد من القتلى في صفوفهم في الاشتباكات مع القوات الأرمينية، فإننا ندين هذا النهج الذي يعمل على استغلال مأساة السوريين وتوظيفها في صراعات إقليمية ودولية لا تعنيهم من قريب أو بعيد». وأضاف: «ساهم اتفاق أستانا الذي وقعته الحكومة التركية مع روسيا وإيران، في سقوط عدد كبير من المناطق السورية المحررة من قوات نظام بشار الأسد وحلفائه... نحن السوريين الموقعين على هذا البيان ندين بأشد العبارات الجريمة المزدوجة المتمثلة في استغلال حاجة السوريين للغذاء والدواء والمال لإعالة أهاليهم في مخيمات اللجوء بالأراضي المحررة والخارجة عن سلطة النظام وداعميه، وتحويلهم إلى مقاتلين مرتزقة مستأجرين يقاتلون من أجل تأمين لقمة عيشهم في معارك أذربيجان وليبيا وكل المعارك التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم