من دون صافرات إنذار من قبل السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد سقط ليس بعيدا عنها اثنان من صواريخ الكاتيوشا في الجهة المقابلة من نهر دجلة، فيما سقط صاروخ ثالث في محيط مطار بغداد الدولي. ووصفت خلية الإعلام الأمني في بيان مطلقي هذه الصواريخ بأنهم عبارة عن مجاميع «إجرامية إرهابية» من دون أن تحدد هويتهم.
الجديد هذه المرة هو أن هذه الصواريخ غيرت، حسبما بدا، مسارها بحيث لم تستفز أجهزة الإنذار المبكر للسفارة الأميركية التي لم تطلق صافرات الإنذار كالعادة ربما في إشارة خفية إلى أن الهدف هذه المرة ليس السفارة بشكل مباشر بل توجيه رسالة أخرى مبطنة لقياس ردود الفعل سواء الحكومية أو الأميركية.
في غضون ذلك دعا الرئيس العراقي برهم صالح القوات الأمنية إلى ضرورة تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد وحماية البنايات والمراكز الحكومية والبعثات الدبلوماسية وترسيخ سلطة الدولة في فرض القانون ومواجهة الإرهابيين والأعمال الخارجة عن القانون. جاء ذلك خلال استقبال صالح لرئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول عبد الأمير يار الله. ورغم التأكيدات الحكومية على العمل بهذا الاتجاه فإن كل الدلائل تشير إلى أن مطلقي صواريخ الكاتيوشا لا يزالون هم من يختار توقيت إعلان الحرب أو إيقافها برغم إعلان الرئاسات العراقية الثلاث قبل نحو أسبوع أنها وحدها من تملك قرار الحرب من عدمه وليس أي طرف آخر.
وفي سياق التداعيات المحتملة لإطلاق الصواريخ بعد هدنة كانت كل المؤشرات تذهب باتجاه صمودها فإن للخبراء المتخصصين رأيهم في هذا المجال. صمود الهدنة وفقا للتوقعات جاء مع دخول إيران على الخط طبقا للزيارة التي قام بها إلى إيران مؤخرا وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، فضلا عن اللقاء الذي جمع الرئيس العراقي برهم صالح قبل يومين مع كل من السفير الإيراني أريج مسجدي والسفير الأميركي ماثيو تولر.
وفي هذا السياق، يقول رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور إحسان الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدنة التي توصل إليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سقطت مع سقوط الصواريخ الأخيرة»، مشيرا إلى أنه «لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي ليس على مستوى هذه المجاميع فقط وإنما طبيعة الصراع الأميركي ـ الإيراني أيضا». وأضاف الشمري «مثلما يبدو فإن الاتفاق السياسي لم يصل إلى مستويات يمكن من خلالها إنهاء إطلاق الصواريخ وهنا أقصد أن الاتفاق السياسي سواء كان بين الكاظمي والأجنحة السياسية لهذه المجاميع أو الاتفاق السياسي بين الكاظمي من جهة وباقي القوى السياسية من جهة أخرى، حيث إن تحذيرات الرئاسات الثلاث لم تتم الاستجابة لها».
ويرى الشمري أن «إطلاق الصواريخ يهدف في الواقع إلى إحراج الكاظمي وإظهاره ضعيفا، لكن في مقابل ذلك فإن الموضوع يتجاوز الكاظمي بحكم أبعاد الصراع بين واشنطن وطهران». وأوضح الشمري أن «الولايات المتحدة ولحد الآن وبحكم هذا الاستهداف برغم عدم وجود خسائر، فضلا عن أن الهجمات هي دائما في مقتربات السفارة أو المواقع العسكرية الأخرى لا تبدو مهتمة كثيرا لموضوع الرد حتى الآن، لكن لو كان هناك أذى لأي أميركي عبر هذه الصواريخ فإن الرد الأميركي سيكون قاسيا». وتابع الشمري أن «الولايات المتحدة ربما تستهدف بنك أهداف سبق أن تم الإعلان عنها ولو على مستوى التسريبات لكن كل شيء جائز».
من جهته، يقول الدكتور حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين، إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حصل على دعم قوي لملاحقة 16 فصيلا مسلحا متهما باستهداف البعثات الدبلوماسية. وأضاف في تصريح أن «الجهود الاستخبارية الحالية في العراق تنصب على الكشف عن المعلومات الأساسية وعن الفصائل المسلحة المقصودة وعن قادتها ومصادر تمويلها». وأشار علاوي إلى أن «ملامح الملاحقة والكشف عن تلك الجماعات باتت قريبة جدا والكاظمي سيعقد اجتماعا مع الزعماء السياسيين للكشف عن تفاصيل تلك الجماعات واتخاذ القرار المناسب».
«الكاتيوشا» تخرق الهدنة الهشة بين أميركا والفصائل في العراق
معلومات عن تحديد 16 فصيلاً متهماً باستهداف البعثات الدبلوماسية
«الكاتيوشا» تخرق الهدنة الهشة بين أميركا والفصائل في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة