الكاظمي يترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء في الناصرية

وجّه بإنشاء صندوق لإعمار المحافظة «معقل الحراك»

الكاظمي يترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء في الناصرية
TT

الكاظمي يترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء في الناصرية

الكاظمي يترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء في الناصرية

زار رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس، محافظة ذي قار وعقد فيها الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء المقررة يوم الثلاثاء من كل أسبوع.
وتعاني المحافظة الجنوبية، التي تبعد مسافة 390 كيلومتراً من العاصمة الاتحادية بغداد، من تراجع الخدمات وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما جعلها من أهم معاقل الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وما زال متواصلاً في بعض المناطق.
وفي حين قال مكتب إعلام رئاسة الوزراء إنها «زيارة تفقدية يطلع خلالها على الواقع الخدمي والأمني فيها، ومعالجة المشاكل والعقبات التي تواجه تنفيذ المشاريع الخدمية فيها»، يرجح مراقبون أن تكون الزيارة في إطار سعي الكاظمي إلى امتصاص النقمة الجماهيرية المتواصلة هناك، عبر تقديم تعهدات بشأن الخدمات والتوظيف وتحرك المشاريع المعطلة، للحيلولة دون موجة مظاهرات محتملة في 25 أكتوبر الحالي.
وتظهر سلسلة اللقاءات التي أجراها الكاظمي مع مختلف الفاعليات الاجتماعية والعشائرية والرسمية حجم القلق الذي يساور السلطات الاتحادية بشأن ما يجرى في المحافظة الغاضبة منذ أشهر طويلة، كما تظهر حجم الإهمال الذي تعاني منه ويدفع بسكانها إلى مواصلة الاحتجاج ضد السلطات، خصوصاً مع قول رئيس الوزراء إن «هناك 270 شروعاً متلكئاً في ذي قار، لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بالفساد وسوء الإدارة».
وخلال اجتماعه بكابينته الوزارية؛ ذكر الكاظمي أن «وضع ذي قار يستحق وقفة جادة من مجلس الوزراء، وعازمون على اتخاذ قرارات تصب في صالح المحافظة وأهلها. الناصرية يجب أن يكون لها وضع خاص وتطلق فيها المشاريع وتوفير فرص العمل، وعلى الوزراء أن يبذلوا مزيداً من الجهود لتنفيذ القرارات التي تخص محافظة ذي قار».
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء، أحمد ملا طلال، إن مجلس الوزراء وافق خلال اجتماعه على «استثناء عقود التراخيص الخاصة بذي قار، والسير في إجراءات التعاقد بمطار الناصرية، وإنشاء شوارع رئيسية ورابطة في ذي قار». وأضاف أن المجلس «وجه بالإسراع في إنجاز المدينة الصناعية ومصفى ذي قار، ووافق على إنشاء صندوق إعمار محافظة ذي قار».
وقام الكاظمي بزيارة إلى جسر الزيتون (الشهداء) الواقع على نهر الفرات ويربط شطري الناصرية الغربي والجنوبي، والذي دارت عليه سابقاً مواجهات عنيفة بين القوات الأمنية والمتظاهرين وأغلق لمرات عدة. كما التقى مجموعة من عوائل قتلى المظاهرات وقدّم التعازي والمواساة لهم، كما استمع إلى مطالبهم ووجّه بتلبية احتياجاتهم. وبحسب بيان صادر عن مكتبه، فإن الكاظمي أكد لعوائل الضحايا استمرار حكومته في العمل على «مهمة الحفاظ على حقوق الشهداء، وتحقيق العدالة للقصاص من القتلة، ومحاسبة المتورطين، والمضي قدماً من أجل تنفيذ الإصلاح وملاحقة الفاسدين».
ورغم التعهدات المتواصلة التي تقدمها حكومة الكاظمي بشأن القصاص من قتلة المتظاهرين، فإن حكومته لم تعلن حتى الآن عن النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق، الأمر الذي يدفع بجماعات الحراك إلى التشكيك في جدية تلك الخطوات. وما زالت القوة الأمنية عاجزة عن إطلاق سراح الناشط سجاد العراقي من قبضة خاطفيه بعد مرور أكثر من 3 أسابيع على وقوع الحادث في أطراف مدينة الناصرية.
والتقى الكاظمي في إطار زيارته عدداً من شيوخ العشائر، وعقد اجتماعاً بالقيادات العسكرية والأمنية في ذي قار حضره وزير الداخلية عثمان الغانمي. وحسب مكتبه، فقد أكد الكاظمي خلال الاجتماع أنه عمل ومنذ تسنم مهامه رئيساً للحكومة وقائداً عاماً للقوات المسلحة، «على إعادة الثقة بالمؤسسة الأمنية، وإعادة هيبتها، ومكافحة الفساد داخلها، بما يساعد في تحقيق الأمن والاستقرار في عموم العراق». وشدد على «رفض ربط العمل الأمني بالجانب السياسي، حيث إن التداخل بينهما سيؤثر سلباً في تحقيق الأمن، ومن شأنه أيضاً عدم اتخاذ القرارات الأمنية المناسبة إزاء الأحداث الأمنية». ودعا الأجهزة الأمنية إلى «التعامل المهني مع المتظاهرين، ومراعاة مبادئ حقوق الإنسان واحترام حرية الرأي والتعبير والتظاهر».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».