اعتقال 3 قياديين في «داعش» خلال عملية بقيادة التحالف

الإدارة الذاتية الكردية تسمح للسوريين بمغاردة مخيم عائلات التنظيم

دورية أميركية في الحسكة أمس (أ.ف.ب)
دورية أميركية في الحسكة أمس (أ.ف.ب)
TT

اعتقال 3 قياديين في «داعش» خلال عملية بقيادة التحالف

دورية أميركية في الحسكة أمس (أ.ف.ب)
دورية أميركية في الحسكة أمس (أ.ف.ب)

أعلن قيادي بارز في «قوات سوريا الديمقراطية» عن تنفيذ عملية أمنية بقيادة التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي، فجر الأحد الماضي، أسفرت عن اعتقال «ثلاثة قياديين يعملون في خلايا تنظم العمليات الإرهابية» لـ«داعش» في المنطقة.
وبحسب المصدر، فإن أحد القياديين «مسؤول الزكاة» والثاني «رئيس ديوان المالية». أما الثالث فهو «المسؤول الأول عن عمليات الاغتيالات والتصفيات في دير الزور، وكان مجنداً يعمل في صفوف التنظيم منذ هزيمته في مارس (آذار) 2019».
وكشف القيادي أن العملية «كانت بتنسيق ودعم جوي من قوات التحالف الدولي، ودهمت القوات منازل المشتبه بهم في أحياء اللطوة والبو عزالدين والحجاج وسط بلدة ذيبان، واعتقلت القياديين الثلاثة إلى جانب 8 أشخاص بتهمة التعامل سراً مع الخلية النشطة الموالية للتنظيم».
ونشر الناطق باسم عملية «العزم الصلب» التابعة للتحالف الدولي العقيد واين ماروتو، أمس، تغريدة على صفحته في «تويتر»، ذكر فيها أن طيران التحالف «نفذ غارة جوية دمرت معسكرات تنظيم (داعش) في منطقة نائية ضمن البادية السورية خلال ساعات الصباح الأولى». وأضاف أن عناصر التنظيم «يستخدمون هذه المساحات المقفرة لتدريب الإرهابيين، والتخطيط للهجمات الخبيثة في جميع أنحاء المنطقة».
وأشار إلى أن «التحالف والشركاء في (قوات سوريا الديمقراطية) لن يتوقفوا عن حرمان الإرهابيين من هذه الملاذات الآمنة، فالتحالف وبالشراكة مع (قسد) يشكل القوة الأكثر فاعلية ضد (داعش) في سوريا».
من جهة أخرى، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية عزمها السماح لآلاف السوريين الموجودين في مخيم الهول المكتظ في شمال شرقي سوريا، وبينهم عائلات مقاتلي «داعش»، بالمغادرة إلى مناطقهم. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، الذراع السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، رياض ضرار، قوله: «سيخرج السوريون من مخيم الهول ويبقى الأجانب فقط». وأضاف: «يوجد في المخيم عوائل (داعش) من السوريين وهؤلاء سيتم الإفراج عنهم لأنه لا معنى لاحتجاز العائلة إذا كان هناك ضامن لحياتهم من أقاربهم».
ولم يحدد موعد بدء تنفيذ القرار الذي لن يشمل مقاتلي التنظيم السوريين المعتقلين لدى «قوات سوريا الديمقراطية». ويؤوي المخيم الواقع في محافظة الحسكة، وفق الأمم المتحدة أكثر من 64 ألف شخص، 24300 منهم سوريون، ممن نزحوا أو جرى اعتقالهم خلال المعارك ضد التنظيم.
ويشكل العراقيون غالبية الأجانب في المخيم، إضافة إلى آلاف من عائلات مقاتلي التنظيم الذين يتحدرون من أكثر من خمسين دولة. وبحسب ضرار، سيُسمح للعراقيين الراغبين بالمغادرة، لافتاً إلى أن العديد منهم يفضلون البقاء في المخيم خشية اعتقالهم أو محاكمتهم في العراق لصلاتهم بالتنظيم.
ولطالما حذّرت منظمات إنسانية ودولية من ظروف المخيم الصعبة جراء الاكتظاظ والنقص في الخدمات الأساسية. وسجل المخيم خلال أغسطس (آب) الماضي أولى الإصابات بفيروس «كورونا». وشهد في الأشهر الأخيرة توترات عدّة مع توثيق محاولات هرب منه أو طعن حراس من قبل نساء متشددات، يحاولن فرض سيطرتهن في القسم الخاص بالأجنبيات.
ويطالب الأكراد الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين لديهم أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمتهم. إلا أن غالبية الدول، خصوصاً الأوروبية، تصر على عدم استعادة مواطنيها. واعتبر ضرار أن المخيم بات يشكل «عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية على مستوى الإمكانات الأمنية والمعيشية».
وسبق للسلطات الكردية أن أفرجت عن 4345 سورياً من قاطني المخيم منذ يونيو (حزيران) 2019، وفق إحصاء لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة صدر في يوليو (تموز) الماضي. كما أفرجت عن عشرات السوريين المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم بعد الحصول على ضمانات من زعماء العشائر العربية التي تشكل أكثرية في شمال وشمال شرقي سوريا.
وجذبت هذه القوات عند تأسيسها آلافاً من المقاتلين العرب من أبناء المنطقة، في محاولة لاستمالة المكون العربي والتخفيف من الحساسية العربية - الكردية في المنطقة التي تمسك الإدارة الذاتية الكردية بمفاصلها.
إلى ذلك، أوضح رئيس «مجلس دير الزور المدني» المدعوم من واشنطن غسان اليوسف أن الإدارة المحلية والمجلس العسكري والقوات الأمنية شكلت «منسقية عامة» لمعالجة تدهور الوضع الأمني في ريف دير الزور الشرقي وإعادة الاستقرار والخدمات لمدنها وبلداتها سريعاً. وقال إن «إعلان المنسقية العامة يهدف إلى تنسيق العمل بين الإدارات واللجان السياسية والعسكرية والمدنية كافة، لأن مناطق ريف دير الزور الشرقي تمر بظروف خاصة بعد التدهور الأمني التي شهدتها خلال الفترة الأخيرة».
وأشار إلى أن الخلايا النائمة الموالية لـ«داعش»، رغم تنفيذ العديد من العمليات والحملات الأمنية، لا تزال نشطة في المنطقة، «وتقوم بعمليات إرهابية وتنفذ اغتيالات تستهدف المدنيين والعشائر وأعضاء الإدارة».
وأكد أن هذه الهيئة «ستعمل على حل المشاكل الخاصة بالمنطقة منها الاقتصادية والخدمية والأمنية، إلى جانب الاستجابة لمطالب العشائر العربية التي طالبت مراراً بإحلال الأمان وعودة الاستقرار». ولفت إلى أنهم سيعقدون اجتماعات دورية ومستمرة، «وفي حال حدوث أي طارئ ستجتمع الهيئة مباشرةً لوضع حلول عاجلة، للوصول إلى حالة من الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي وإعادة دورة الحياة لطبيعتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.