الجزائر: هيئة حقوقية حكومية تعترض على تنفيذ حكم الإعدام

عودة الجدل حول القضية على خلفية قتل أطفال بعد خطفهم

TT

الجزائر: هيئة حقوقية حكومية تعترض على تنفيذ حكم الإعدام

أظهرت الهيئة الحقوقية المقرَبة من الحكومة في الجزائر، اعتراضاً ضمنياً، على تنفيذ عقوبة الإعدام ضد الشخص المتورط في قتل طفل بعد خطفه، مشيرة إلى أن البلاد صادقت على معاهدات دولية تمنع تطبيق الإعدام، فيما اقترح وزير العدل بلقاسم زغماتي تشديد العقوبة ضد المتورطين في قتل الأطفال في القانون الجنائي، وذلك بتنفيذ حكم الإعدام بدل اكتفاء المحاكم بإصداره.
وقال رئيس «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» بوزيد لزهاري، أمس، للإذاعة الحكومية إن الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي مطلع الشهر المقبل «خصص مادة جديدة تتعلق بالحق في الحياة، والجزائر صادقت على اتفاقية دولية تمنع أخذ الحياة بطريقة تعسفية، ولذلك من يرتكب جريمة قتل يجب أن نوفر له محاكمة عادلة».
وأكد لزهاري الذي يعد صوت الحكومة في مجال حقوق الإنسان أن القانون الجنائي «يتضمن عقوبة الإعدام، وتوجد 18 جريمة يعاقب عليها القانون بالموت، غير أن الجزائر أوقفت تنفيذ هذه العقوبة منذ عام 1993 من دون أن تمنع إصدارها بالمحاكم، بدليل أن هناك عدداً كبيراً من الأشخاص في السجون محكوم عليهم بالإعدام، لكن لم تطبق عليهم العقوبة، لأن الجزائر صادقت وصوتت في الأمم المتحدة بناء على توصية للجمعية العامة، لصالح إلغــــــــــــاء عقوبة الإعدام».
وأضاف أنه يتفهم «ردة فعل المواطنين عندما يتم الاعتداء على أطفال صغار، وتبقى عقوبة الإعدام موجودة لكن موقوفة التنفيذ نظراً للظروف الدولية والوطنية».
وأعلنت الشرطة، أمس، أنها عثرت على جثة طفلة اختطفت بشرقي العاصمة قبل أيام وتعرضت للاغتصاب والحرق. وكان فاروق قسنطيني، رئيس «اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان» سابقاً (تم حلَها في 2016)، أكد أنه رفع طلباً إلى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لرفع التجميد عن عقوبة الإعدام فيما يخص خطف الأطفال حصرياً.
وصرَح للصحافة بهذا الخصوص: «لو تمكنا من تحقيق ذلك، فسنكون قد أنجزنا شيئاً مفيداً للغاية للمجتمع ولعائلات الأطفال الضحايا. أنا ضد حكم الإعدام من حيث المبدأ، ولكن تنفيذه في هذه الظروف التي نعيشها (خطف عدد كبير من الأطفال) من شأنه أن يردع كل من تسول له نفسه خطف طفل بريء وترويع أهله».
ولم يصدر أي قرار من الرئاسة، بعدها، بخصوص هذا الموضوع.
وصرَح رئيس «الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل» عبد الرحمن عرعار، الخميس الماضي، بأن الشبكة أحصت 13 حالة اختطاف أطفال منذ بدايـــــة العام، لم يقتل أي أحد منهم حتى أمس، حين تم اكتشاف جثـــــــــــة الطفلة شيمـــــــــاء التي ظهـــــــــرت عليها آثار تعذيب، بحســـــب الشـــــــرطة.
وأكد عرعار أن «المعالجة الأمنية لظاهرة خطف الأطفال نجحت إلى أبعد الحدود، في ظل تراجع عدد الحالات مقارنة مع السنوات الماضية. ففي سنة 2014 أحصت شبكة الدفاع عن الطفل 220 محاولة اختطاف، وقد نجحت الجهود الأمنية في إنقاذ 52 ضحية وإعادتهم إلى عائلاتهم».
وشهد العامان 2011 و2012 أعمـــــــــال خطف عديدة، بحســــــــــــــــب عرعار الذي تحدث عن «أســــــــــباب عـــــــــــــــدة تقــــــف وراء هذا العمل، أهمهـــــا النزاعـــــــــــــات العائلية والرغبة في الانتقــــــــام وفي الحصول على فديـــــــة».
وأحدثت كتلة الأحزاب الإسلامية في البرلمان صخباً كبيراً في 2012، وطالبت بتنفيذ عقوبة الإعدام ضد مختطفي الأطفال.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».