إردوغان يلمّح إلى عملية عسكرية جديدة في سوريا

وجَّه انتقادات ضمنية لواشنطن وموسكو

فنان سوري يرسم في منزل مدمر في إدلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إصابته بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)
فنان سوري يرسم في منزل مدمر في إدلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إصابته بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يلمّح إلى عملية عسكرية جديدة في سوريا

فنان سوري يرسم في منزل مدمر في إدلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إصابته بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)
فنان سوري يرسم في منزل مدمر في إدلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إصابته بـ«كورونا» أمس (أ.ف.ب)

لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى احتمال شن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، في وقت يبدو فيه فتور في التعاون مع روسيا في المنطقة، على الرغم من تأكيد الطرفين الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي.
وقال إردوغان إن بلاده ستعمل على «تطهير أوكار الإرهاب في سوريا بنفسها، إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لها»، في إشارة ضمنية إلى الاتفاقين مع واشنطن وموسكو بشأن إبعاد «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال شرقي سوريا عن الحدود التركية، واللذين بموجبهما أوقفت تركيا عملية عسكرية أطلقتها في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وأضاف إردوغان أن «وجودنا الفاعل سيتواصل ميدانياً حتى يتحقق الاستقرار على حدودنا الجنوبية مع سوريا»، قائلاً: «قضينا على الممر الإرهابي المراد إقامته على طول حدودنا الجنوبية، وأثبتنا أن أشقاءنا السوريين ليسوا وحدهم».
وبشأن إدلب، قال إردوغان إن بلاده لن تقبل بأي خطوة من شأنها التسبب في مأساة إنسانية جديدة في إدلب، مضيفاً أن تركيا «ستواصل إزعاج جميع الأطراف التي تكنُّ العداء لها ولشعبها».
وصعَّد النظام السوري وداعموه إضافة إلى روسيا في الأسابيع الأخيرة من الهجمات التي تستهدف «هيئة تحرير الشام» والجماعات المتشددة، على محاور في جنوب وشمال وغرب إدلب، ما تسبب في نزوح جديد باتجاه الحدود التركية.
وأضاف إردوغان، في كلمة عبر اتصال مرئي خلال افتتاح سد ريحانلي الجديد بولاية هطاي الحدودية مع سوريا جنوب تركيا أمس (السبت)، أن «الأطراف التي تلتزم الصمت إزاء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها، تضع جميع المبادئ الأخلاقية والقانونية والحقوقية جانباً، عندما يتعلق الأمر بتركيا».
كان إردوغان قد أعلن، في وقت سابق، أن تركيا لا تزال ملتزمة بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا في 5 مارس (آذار) الماضي في موسكو، بشأن وقف إطلاق النار في إدلب، قائلاً إن «تركيا لا تزال ملتزمة بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا بشأن إدلب في 5 مارس؛ لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون حيال عدوان النظام».
وأضاف أنه «إذا واصل النظام انتهاكه للهدنة والشروط الأخرى للاتفاق، فإنه سيدفع ثمن ذلك خسائر فادحة جداً، كما أننا لن نتسامح مع (المنظمات المظلمة) التي تقوم بأعمال استفزازية من أجل إفشال وقف إطلاق النار في إدلب».
وشهدت الفترة الأخيرة حديثاً عن توتر بين أنقرة وموسكو بعد فشل الاجتماع العسكري التشاوري الذي عقد بين الجانبين في العاصمة التركية لبحث ملف إدلب، بعدما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن الاجتماع لم يكن مثمراً.
وقالت مصادر من الجانبين إنهما أخفقا في الاتفاق على النقاط المطروحة خلال الاجتماع؛ حيث طلب الجانب الروسي من نظيره التركي تقليص عدد النقاط العسكرية التي تم نشرها في شمال غربي سوريا، أو تخفيض عدد القوات في النقاط، وسحب الأسلحة الثقيلة في النقاط الواقعة ضمن سيطرة النظام السوري، وتم رفض الطلب، كما تم رفض طلب الجانب التركي تسليم مدينتي منبج وتل رفعت لتركيا.
ومنذ الاجتماع الذي عقد في الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي، امتنع الجانب الروسي عن تسيير دوريات مشتركة مع الجانب التركي على طريق حلب- اللاذقية الدولي (إم 4) تنفيذاً لبنود اتفاق موسكو في 5 مارس.
وتقول موسكو إن أنقرة لم تلتزم بتعهداتها بموجب الاتفاق الأخير وما سبقه، فيما يتعلق بالفصل بين المجموعات المتشددة وفصائل المعارضة السورية المعتدلة، وضمان أمن الدوريات المشتركة على طريق حلب- اللاذقية. وصعَّدت تركيا في الأسابيع الأخيرة من إرسال التعزيزات العسكرية إلى إدلب وسط تصعيد النظام وروسيا.



نازحون يمنيون يواجهون الطرد لعجزهم عن دفع إيجار المساكن

غالبية سكان المخيمات في اليمن من النساء والأطفال (إعلام حكومي)
غالبية سكان المخيمات في اليمن من النساء والأطفال (إعلام حكومي)
TT

نازحون يمنيون يواجهون الطرد لعجزهم عن دفع إيجار المساكن

غالبية سكان المخيمات في اليمن من النساء والأطفال (إعلام حكومي)
غالبية سكان المخيمات في اليمن من النساء والأطفال (إعلام حكومي)

لم يتبقَ لدى عبد الله الصلوي، وهو نازح منذ 6 سنوات من تعز إلى العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، سوى خمسة أيام حتى تنتهي المهلة التي أعطاها له مالك المنزل لإخلاء الشقة السكنية التي يقطنها وتسديد ما عليه من إيجارات سابقة.

وكشفت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن ارتفاع كبير في أعداد الأسر اليمنية النازحة التي باتت مهدّدة بالطرد من مساكنها؛ نتيجة عجزها عن دفع ما عليها من إيجارات، بسبب استمرار تدهور الأوضاع وغياب شبه كلي للتدخلات الإنسانية.

طفل يمني يتأمل ما تبقى من متعلقات أسرته بعد يوم ماطر بمخيم للنازحين في مأرب (رويترز)

ووفقاً للمصادر، فإن آلاف الأسر النازحة التي تواجه الطرد من مساكنها بمختلف المناطق هي ممن فضّلت خلال فترات سابقة أعقبت نزوحها، العيش في مساكن بالإيجار عوضاً عن المخيمات.

وكان النازح عبد الله الصلوي استقبل بفرحة غامرة خبر فتح طريق ضاحية الحوبان المتجهة إلى مدينة تعز (جنوب غرب)، لكن فرحته تلك لم تدُم طويلاً، لعجزه وأسرته حتى اللحظة عن العودة إلى منزلهم الكائن وسط المدينة لأسباب على صلة بتدهور الوضع، وتكرار مطالبة مالك المنزل في صنعاء له بتسديد إيجارات 5 أشهر سابقة.

وتمنى الصلوي، وهو أب لستة أولاد العودة إلى منزله بتعز اليوم قبل غدٍ، لكن صعوبة الأوضاع، وتعرّضه للتهديد من قِبل مالك المنزل بحجز أثاثه حتى الإيفاء بالتزاماته، إلى جانب عدم توفر نفقات السفر، كلها حالت دون إتمام فرحته وأطفاله بالعودة إلى منزلهم.

تهديد حقيقي

يرى عاملون إغاثيون في صنعاء أن الانقلاب والحرب المستمرة في اليمن تعدّ السبب الذي أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار الإيجارات بنسبة قد تصل إلى أكثر من 600 في المائة.

ويفيد العاملون الإغاثيون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، بأن وقائع الطرد والإخلاء للنازحين من المساكن ومن مخيمات النزوح باتت تُعد مشكلة حقيقية وهي في اتساع مستمر، الأمر الذي يشكل تهديداً على حياة ومعيشة ملايين النازحين ممن فرّوا هرباً من جحيم وويلات الحرب.

يستمر الصراع في اليمن وتطورات البحر الأحمر في مفاقمة الوضع الإنساني (الأمم المتحدة)

وأدى استمرار الحرب في اليمن إلى تشريد أزيد من 4 ملايين شخص، كما يعاني أغلبهم ظروفاً مادية ومعيشية بالغة في الصعوبة، بما في ذلك النازحون إلى صنعاء ومحافظة إب وغيرها من المناطق الأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وإلى جانب الصلوي يشكو معاذ إبراهيم - وهو نازح آخر من تعز إلى محافظة إب - لـ«الشرق الأوسط»، من وضع متدهور اشتد أكثر بعد أن تعرض مع أسرته للطرد من منزل بالإيجار في منطقة «السبل» غرب إب، نتيجة كثرة الإيجارات المتراكمة عليه.

ويقول إبراهيم في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه شعر بالصدمة والأسى لحظة وصوله مع عائلته إلى منزلهم في حي «الكمب» (شرقي تعز) وهو مدمر بشكل شبه كلي وغير صالح للعيش نتيجة حدة المعارك التي دارت في المنطقة خلال سنوات ماضية.

ويضيف إبراهيم: «هربنا من شدة الفاقة والحرمان وجحيم الإيجارات الباهظة في مدينة إب إلى جحيم آخر أشد بؤساً، حيث باتت معظم منازل الحي شبه مدمرة وتعاني غياب أبسط الخدمات وتعد حالياً غير صالحة للعيش».

معاناة مستمرة

لا تقتصر المعاناة على عبد الله الصلوي، بل تشمل أيضاً الآلاف من النازحين اليمنيين في صنعاء وإب ومناطق أخرى ممن باتوا مهددين بالطرد المباشر من مساكنهم نتيجة عجزهم عن دفع ما عليهم من إيجارات.

وتأتي هذه المعاناة التي تكابدها آلاف الأسر النازحة في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين متزامنة مع كشف منظمة دولية عن تلقي أزيد من 400 أسرة نازحة تهديدات بإخلاء مساكنها خلال مايو (أيار) الماضي.

النازحون اليمنيون بنوا مخيماتهم بعد أن فرّوا من قمع الحوثيين (إعلام حكومي)

وذكرت منظمة الهجرة الدولية في تقرير حديث لها بشأن مستجدات الأمة الإنسانية في اليمن، «أنه في مايو الماضي تم تهديد أكثر من 400 أسرة نازحة بالإخلاء القسري من مساكنها، البعض منها منحت مهلة أسبوع واحد فقط لمغادرة الموقع».

وقالت المنظمة الدولية إن التهديدات بالإخلاء التي تواجهها الأسر النازحة لا تزال تعدّ مشكلة مستمرة في مختلف مواقع النزوح التي تديرها وتدعمها، والبالغة نحو 91 موقعاً في 4 محافظات يمنية، وذلك بواقع 34 موقعاً في مأرب، و13 في جنوب تعز، و24 في إب، و20 موقعاً في الحديدة.

ولفت التقرير إلى أن فريق إدارة المخيمات يواصل مناصرة هذه الأسر باستخدام أساليب مختلفة، بما في ذلك مناقشة الأمر مع كُتلة إدارة المخيمات وتنسيق أنشطتها مع السلطات ذات الصلة.

ووفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام الحالي، والصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن ما يزيد على 120 ألف نازح يمني معرضون بشدة لخطر الإخلاء في العام الحالي، أغلبهم في محافظتي تعز ومأرب، إما بسبب عدم القدرة على تحمل تكاليف الإيجار أو نتيجة رغبة أصحاب العقارات باسترداد أراضيهم المُقامة عليها مخيمات النزوح.