تهدئة جديدة في كناكر قرب دمشق وتوتر في السويداء جنوب سوريا

TT

تهدئة جديدة في كناكر قرب دمشق وتوتر في السويداء جنوب سوريا

أفيد أمس بحصول «تهدئة» في بلدة كناكر، بريف دمشق، قد تؤدي إلى تأجيل قيام قوات النظام باقتحامها، في وقت تواصل فيه التوتر بالسويداء (جنوب غربي البلاد).
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه «بعد التوترات الأخيرة التي شهدتها بلدة كناكر في الريف الغربي من دمشق، والحشودات العسكرية الضخمة من قِبل قوات النظام التي وصلت تمهيداً لاجتياحها، عقد اجتماع بين لجنة مصالحة كناكر التي تضم ممثلين عن مسلحين البلدة وضباط من قوات النظام، حيث تم الاتفاق على عدة نقاط مبدئية، وهي: التهدئة، وعدم اجتياح البلدة عسكرياً، وأن يتم العمل على تسوية جديدة لجميع المسلحين الموجودين داخل البلدة من أبنائها بشرط أن ينخرطوا ضمن قوات النظام، لا أن يبقوا بسلاحهم داخل البلدة، وأن يتم السماح للرافضين للتسوية الجديدة بالذهاب إلى الشمال السوري، بالإضافة إلى دخول قوات النظام إلى البلدة، والتمركز بعدة نقاط داخل أحيائها، وإنشاء حواجز جديدة داخل البلدة، ومداهمة بعض المزارع بحثاً عن أسلحة». وأفيد قبل يومين أنه لا تزال قوات النظام تفرض حصاراً على بلدة كناكر، في الغوطة الغربية، في حين توقفت أفران الخبز، وفقدت المواد الغذائية في أسواق البلدة المحاصرة منذ أيام.
وكانت مصادر «المرصد» قد أفادت بأن قوات النظام، مدعومة بمسلحين موالين لها، فرضت طوقاً أمنياً كاملاً على بلدة كناكر، في الغوطة الغربية بريف العاصمة دمشق، حيث منعت الخروج والدخول من البلدة، بعدما كانت تسمح لفئة من المواطنين بالدخول والخروج، كما استنفرت أجهزة النظام قواتها بشكل كامل مهددة باجتياح البلدة خلال الساعات المقبلة، في حال لم يتم تسليم المطلوبين لإجراء تسوية جديدة، وسط مخاوف لدى الأهالي من ارتكاب مجازر وحدوث اعتقالات تعسفية بحقهم، في حال اجتياح البلدة.
ورصد اعتقال أجهزة النظام الأمنية التابعة للنظام السوري لثلاث سيدات من أبناء كناكر، في الغوطة الغربية من ريف العاصمة دمشق، منذ نحو 20 يوماً حتى يومنا هذا، تزامناً مع مواصلة أجهزة النظام فرضها لطوق أمني حول بلدة كناكر، ومنعها للمدنيين من المغادرة نحو دمشق، باستثناء الموظفين وطلاب المدارس والجامعات، وبعض الاستثناءات للأهالي. وقالت مصادر إن وجهاء وأعيان البلدة وعرابي المصالحات والتسويات سعوا لاحتواء التوتر، لكن مسلحي البلدة الذين يقدر عددهم بنحو 200 مقاتل ممن خضعوا للتسويات كانوا رفضوا إجراء تسويات جديدة قبل أن يتم تحقيق مطالبهم بإطلاق سراح السيدات وسراح جميع المعتقلين من أبناء البلدة ممن اعتقلوا على مدار السنوات السابقة.
وعلى صعيد آخر، أفيد أمس بتعرض صور للرئيس بشار الأسد لتشويه في مدينة السويداء.
وشهد جنوب محافظة السويداء، الثلاثاء الماضي، اشتباكات عنيفة، سقط فيها خمسة عشر شاباً، وأكثر من خمسين جريحاً من أبناء السويداء، على خلفية محاولة الفيلق الخامس التابع لروسيا التوغل في أراضٍ زراعيةٍ تابعةٍ لبلدة القريا، جنوب السويداء، حيث هبت إلى مؤازرة «قوات الدفاع الوطني» عدة فصائل محلية، بينها فصائل معارضة «حركة رجال الكرامة»، إضافة إلى شباب جاءوا من حضر والأشرفية وصحنايا وجرمانا، بريف دمشق، تلبية لنداء الفزعة لاستعادة الأراضي ودحر الفيلق الخامس.
وكان موقع «السويداء 24» الإخباري المحلي قد قال إن «(حزب الله) قدم دعماً لوجيستياً لميليشيا الدفاع الوطني في محافظة السويداء خلال الأسابيع الماضية، تضمن أسلحة متنوعة، وأنظمة اتصالات، تزامناً مع تعزيز الدفاع الوطني نقاطاً لها في قرى تشهد توتراً مع الفيلق الخامس المدعوم من روسيا». وتنتشر «قوات الدفاع الوطني» في معظم مناطق محافظة السويداء منذ عام 2013، حيث تقوم بمؤازرة قوات النظام، وحماية القرى الحدودية.
وبعد التوتر الذي نشب مع الفيلق الخامس، عززت «قوات الدفاع الوطني» نقاطها المنتشرة في محيط بلدة القريا. كما تلقت دعماً من «حزب الله» لتعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة الفيلق الخامس، فصيل أحمد العودة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.