«جبهة التحرير» الجزائرية توحّد جهودها لحملة الاستفتاء

TT

«جبهة التحرير» الجزائرية توحّد جهودها لحملة الاستفتاء

قال أمين عام حزب الأغلبية في الجزائر، أبو الفضل بعجي، إن الحزب «حضر نفسه لخوض غمار حملة استفتاء الدستور»، التي ستنطلق في السابع من الشهر الحالي.
وأعطى الحدث المتعلق بمراجعة الدستور، الفرصة لـ«جبهة التحرير الوطني»، للعودة إلى المشهد السياسي، بعد أكثر من عام ونصف من التخبط في فضائح فساد، قادت أمينين عامين لها إلى السجن.
وأكد بعجي أمس خلال اجتماع كبير لمناضلي الحزب في وهران (غرب)، أن استفتاء الدستور، المقرر في الأول من الشهر المقبل، «موعد مهم بالنسبة للجزائر ولحزبنا»، واستنكر «الرهان القوي في الداخل والخارج على فشل تنظيم الانتخابات الرئاسية (جرت نهاية العام الماضي)، لكن الشعب أحبط المؤامرة وانتخب رئيسه. وهذا الرئيس بصدد تنفيذ وعوده التي قطعها على الناخبين، وأهمها تعديل الدستور الذي سينقلنا إلى الجزائر الجديدة، التي طالب بها الحراك الشعبي».
وتعاملت السلطات مع رافضي الانتخابات خلال حراك العام الماضي، على أنهم «مسيّرون من طرف جهات خارجية معادية للجزائر، تريد لها الفراغ المؤسساتي لتقع فريسة للاضطرابات، وانعدام الاستقرار في دول الجوار، وخاصة ليبيا ومالي». وقد تزعم هذه النظرة التي روّج لها بقوة رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صلح، الذي توفي بعد الانتخابات بأسبوع.
وأشار بعجي إلى انتقادات أحزاب وشخصيات سياسية لوثيقة التعديل الدستوري، منها ما تعلق بمواد الهوية والدين، والسلطات الواسعة لرئيس الجمهورية، وقال بهذا الخصوص: «لا يوجد دستور متفق عليه مائة في المائة، لكن وثيقة التعديلات تتضمن ثورة في الحريات، واحتراما كاملا لحقوق الإنسان، كما تحدث توازنا بين السلطات، وتوصي بالحد من الإفراط في الحبس الاحتياطي. كما تضمن حرية كبيرة للمجلس الأعلى للقضاء بخصوص استقلال القضاة عن السلطة التنفيذية».
ودعا بعجي مناضلي الحزب إلى الاستعداد لانتخابات البرلمان، التي وعد تبون بتنظيمها قبل موعدها. مؤكدا أن «جبهة التحرير تريد الحفاظ على الريادة في البرلمان والمجالس البلدية والولائية». وأضاف بعجي موضحا: «نحن على أبواب استحقاقات، وعلينا أن نخوضها رغم المشاكل التي وضعتنا فيها القيادة السابقة»، التي وصفها بـ«العصابة». في إشارة إلى الأمين العام السابق جمال ولد عباس، الذي أدانه القضاء منذ أسبوعين بالسجن لثماني سنوات بتهم فساد، وإلى خليفته محمد جميعي الذي غادر السجن الأربعاء الماضي، بعد أن استنفد عقوبة عام.
وتابع بعجي قائلا: «على عكس ما يشاع عنا، يضم حزبنا نزهاء، وشعبنا لا يكره جبهة التحرير الوطني، وإنما يكره أشخاصا بداخلها». ووعد بـ«إعادة الحزب إلى المكانة التي تليق به».
يشار إلى أن الرئيس تبون كان عضوا بـ«اللجنة المركزية» لحزب الأغلبية، غير أن الرئاسة أكدت في يونيو (حزيران) الماضي أن الرئيس «لم يعد له انتماء تنظيمي بحزبه». لكن مصادر من الحزب تفيد بأنه لا توجد استقالة من «اللجنة المركزية» مكتوبة وموقعة من طرف عبد المجيد تبون. كما يشار أيضا إلى أن رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، عضو قيادي في «جبهة التحرير»، لكنه يتفادى الظهور بهذه الصفة.
ومعروف لدى الرأي العام المحلي أن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أصبح رئيسا لـ«جبهة التحرير الوطني»، منذ مؤتمرها العادي الذي عقد في 2005. وقد ظلت تؤيد سياساته طوال حكمه الذي دام 20 سنة، كما كانت في طليعة الأحزاب التي طالبت بالتمديد له. ولما اندلع الحراك الشعبي في 22 من فبراير (شباط) 2019 ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، طالب ملايين المتظاهرين بحل حزبه و«إحالته على المتحف»، باعتباره إرثا مشتركا للجزائريين لكونه الإطار السياسي الذي فجّر ثورة التحرير عام 1954.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.