حل المشكلات الواقعية باستخدام التصميم الابتكاري في جامعة ستانفورد

المشروعات الإبداعية تركز على كيفية تسهيل حياة الأشخاص

مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)
مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)
TT

حل المشكلات الواقعية باستخدام التصميم الابتكاري في جامعة ستانفورد

مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)
مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)

كانت المهمة الأولى لاكاشي كوثاري في معهد التصميم «دي سكول (D.school)»، تتمثل في التفكير مجددا بشأن كيفية تناول الأشخاص لأطباق حساء السباغيتي الياباني المعروف باسم «رامن نودلز». وأدت آخر المهام المنوط بها لكوثاري في دي سكول، المعروف رسميا باسم معهد هاسو - بلاتنر للتصميم بجامعة ستانفورد الأميركية، إلى التوصل لابتكار أحد تطبيقات قراءة الأخبار الذي اشتراه موقع التواصل الاجتماعي المهني «لينكد إن» مقابل 90 مليون دولار أميركي.
وفي حين أن المشروعات تضم منتجات نهائية مختلفة، فإنها تشتمل أيضا على نقطة بداية مشابهة وهي: التركيز على كيفية تسهيل حياة الأشخاص. ويعد ذلك الأمر هو الجزء المحوري الذي يجري تدريسه في «دي سكول»، مما يدفع الطلاب إلى التفكير مجددا بشأن الحدود الخاصة بالكثير من المجالات.
ويعد تطوير ما يسميه ديفيد كيلي، أحد مؤسسي دي سكول، «قوة التقمص العاطفي» من الأمور المحورية التي يجري تدريسها في تلك المؤسسة. وفي داخل ساحة معهد دي سكول، التي تبدو مشابهة لساحات المعرفة في وادي السليكون، يجري التدريس للطلبة بهدف التركيز على ما يتعلق بالأشخاص بشكل أكثر من الاهتمام بالكومبيوتر والجداول الحسابية.
ولقد نجحت هذه العملية حتى الآن. ومنذ افتتاح دي سكول – قبل ثمانية أعوام، قام الطلاب بإنتاج كميات كبيرة من المنتجات الابتكارية والأعمال الصغيرة. وبالإضافة إلى ذلك، طور الطلاب الطرق الأصلية للتعامل مع مسألة وفيات الأطفال وعدم كفاية الكهرباء وسوء التغذية في دول العالم الثالث، فضلا عن التعامل مع مشكلة حنف القدم، وهو عيب خلقي شائع يسبب تشوه باطن القدم والجزء الداخلي منها لدى الأطفال.
وفي ضوء هذا النجاح باتت الجامعات المنتشرة عبر العالم تغبط دي سكول بسبب كل هذه الإنجازات. وتقول سارة ستين غرينبرغ، إحدى الطلبة السابقين بمعهد دي سكول والعضو المنتدب، إنها «تتلقى استفسارات كل أسبوع من الجامعات التي تتطلع لمحاكاة المناهج التعليمية المتبعة في دي سكول».
وعلاوة على ذلك، صارت المدرسة واحدة من أكثر الوجهات التي يقصدها الأشخاص في ستانفورد. وفي بعض الفصول الدراسية، يتجاوز عدد الطلبات المقدمة أكثر من أربعة أضعاف الأماكن المتاحة للتدريس. ومن أجل تلبية هذه المطالب، تقوم دي سكول بإضافة الفصول الدراسية الكاملة والفصول الدراسية التي ظهرت أخيرا، والتي تركز على المشكلة بشكل أكثر تحديدا. وكانت أحد هذه الفصول الدراسية، التي أنشئت أخيرا تتعامل مع هذا السؤال «أين ذهبت أوليمبيا سنو؟»، حيث يكون أمام الطلبة أحد التحديات لحل واحدة من أصعب المشكلات على الإطلاق: ألا وهي إثارة مسألة الثنائية الحزبية مجددا. وتعد أوليمبيا سنو إحدى الأعضاء الجمهوريين السابقين بمجلس الشيوخ من ولاية مين.
ويقول كيلي، الذي يعد أيضا مؤسس الشركة الاستشارية الخاصة بالتصاميم والابتكارات آيدو (IDEO)، إن «الهدف من ذلك هو منح الأدوات للطلبة، الذين يمتلك الكثير منهم تفكيرا تحليليا، لتغيير حياتهم».
ومن أجل التأكيد على تحقيق هذا الأمر، يتعين على الطلبة الخروج من حرم المبنى الدراسي وملاحظة الأشخاص للتعامل مع المشكلات المثيرة للارتباك في حياتهم.
ووفقا لهذا الأسلوب، بدأ كوثاري، أحد الطلبة الخريجين من قسم الهندسة الميكانيكية، مشروعه الخاص بكيفية تناول الأشخاص لأطباق رامن السباغيتي. وفي إطار هذه المهمة، قضى كوثاري الكثير من الساعات داخل المحلات المحلية التي تقدم تلك الأطباق ليشاهد ويتحدث مع الزبائن الذين وضعوا الحساء والسباغيتي في نفس الطبق. وبالمشاركة مع مجموعة أخرى من طلبة دي سكول، قام كوثاري بعمل النموذج المبدئي الذي يوفر للزبائن الرامن ويمكنهم من شربها أيضا.
وبالإضافة إلى ذلك، تهتم دي سكول بتدريب الطلبة على ابتكار وتعديل واختبار الحلول الممكنة بلا كلل بهدف توفيرها للمستخدمين، ثم تكرار نفس دورة العمل هذه مرات كثيرة إلى أن يتم التوصل إلى الحلول التي سيستخدمها الأشخاص بالفعل.
ويضيف كيلي أن أحد العناصر المهمة في دي سكول هو وجود طلبة يبدؤون تلك المهام وهم صغار، ثم يكتسبون ما يسمونه «الثقة الإبداعية» مع كل نجاح يحققونه، ومن ثم يمكنهم الاتجاه للتعامل مع أمور أكبر قد تبدو مثل مشكلات مستعصية. وأردف قائلا، إن «هذا الأمر لا يختلف على الإطلاق عن تدريس طريقة عزف البيانو لشخص ما».
وفي أحد فصول المخيمات التدريبية، التي أنشئت أخيرا، جرى إرسال الطلبة إلى أحد صالونات الحلاقة المحلية للتعامل مع المشكلة التي تواجه كبار السن هناك: ألا وهي مشكلة الحلاقة السيئة.
وكانت إحدى المجموعات مندهشة عندما عرفت أن الشعر الذي يكنس من أرضية الصالون يسبب مشكلات للكثير من مصففي الشعر. وقامت هذه المجموعة بتصميم نموذج مبدئي لجهاز لالتقاط الشعر المقصوص قبل وقوعه على الأرضية. وخلال القليل من الدورات التدريسية التي جرت لاحقا، كان نفس الطلبة مطالبين بتطبيق نفس هذه العملية التحليلية على مسألة نقص التبرع بالأعضاء.
ويقول كيلي: «يعد ذلك الأمر اتجاها توجيهيا لبناء قوة التقمص العاطفي إلى أن يقوم الطلبة، فيما بعد ذلك بفترة وجيزة، بفعل ذلك من تلقاء أنفسهم».
ومن أكثر الدورات التدريبية التي يسعى الأشخاص للالتحاق بها بمعهد دي سكول هي دورة ديزاين فور إكستريم افوردابيلتي Design for Extreme Affordability وعلى مدار فترتين – تصل كل واحدة منهما إلى ثلاثة أشهر – يقوم الطلبة بتشكيل فريق مع رفقائهم من مختلف دول العالم لمعالجة مشكلاتهم الواقعية. وحتى الآن، قام طلبة «إكستريم» – حسبما يطلق عليهم – باستكمال 90 مشروعا مع 27 شخصا من رفقائهم في 19 دولة. وفي هذا العام، سيعمل الطلبة بالمشاركة مع رفقائهم في كولومبيا والهند ونيبال ونيكاراغوا والسنغال وجنوب أفريقيا.
ومن أكثر المشاريع الناجحة لـ«إكستريم» هو مشروع «إمبراس (Embrace)»، وهو عبارة عن كيس مصغر منخفض التكلفة، مشابه لكيس النوم، الذي يساعد في منع تطور عملية خفض الحرارة لدى الأطفال الرضع. ويقول مبتكرو «إمبراس» إن ذلك الكيس المصغر ساعد في الحيلولة دون وفاة 22 ألف طفل.
وفي خلال هذا العام، قاما إيان كونولي وجيفري يانغ، إحدى طلبة معهد دي سكول، بتكوين شراكة مع منظمة «ميراكل فييت (Miraclefeet)»، وهي منظمة غير هادفة للربح تتخذ من كارولاينا الشمالية مقرا لها، بغرض تصميم دعامة للأطفال الذين يعانون من حنف القدم مقابل تكلفة تقل عن 20 دولار أميركي.
ومن المشكلات التي تؤرق الأمهات هي ولادة أطفالهن الذين يعانون مرض حنف القدم، واكتشاف ارتفاع تكلفة تلك الدعامات بما يصعب تركيبها بالشكل المناسب، فضلا عن المنظر القبيح عادة، بما يسهم في وجود القليل من معدلات المطابقة.
ولذلك، طور المصممون نموذجا مبدئيا يتكون من حذاءين ملونين يمكن خلعهما، مع إمكانية تثبيتهما مع الدعامة وسهولة ارتدائهما بشكل كبير. وفي شهر أغسطس (آب)، سافر يانغ وكونولي إلى البرازيل من أجل اختبار 30 نموذجا مبدئيا إلى أن استقرا على نموذج واحد فقط. وتجري عملية الإنتاج بالفعل، بمعدلات منخفضة، ويأمل الطلبة في تصنيع 15 ألف دعامة بحلول عام 2015.
ويقول يانغ إن «هذا المشروع كان خارج نطاق خططي العملية بالشكل الكامل». ويذكر أن يانع كان يخطط للحصول على عمل في مجال البحث الأكاديمي، ولكنه يأمل الآن في الحصول على وظيفة في مجال تصميم الإنتاج.
وقال كوثاري أيضا إن «خططه قد اتخذت مسارا جديدا»، مضيفا أنه «قبل التحاقه بأول دورة تدريبية في معهد دي سكول في عام 2008، كان يقضي معظم وقت فراغه أمام شاشة الكومبيوتر ومحاولة الحصول على الأفكار للمواقع الإلكترونية وتطبيقات الجوال التي لم تتجسد ماديا على الإطلاق. ودائما ما كان التصميم مجرد فكرة عابرة».
ويستعيد كوثاري بذهنه تلك الفترة قائلا «لم أتخيل نفسي على الإطلاق كمصمم. وإذا كنت بحاجة إلى إجراء الكثير من العمليات الحسابية للتوصل إلى إجابة، فإنني الشخص المناسب لذلك».
بيد أنه يقول إن «أول مهمة لمعرفة كيفية تناول أطباق الرامن أصبحت هي المقدمة إلى طريقة جديدة ومختلفة كليا لحل المشكلات من خلال قضاء الوقت مع الأشخاص لمعرفة كيف يعيشون حياتهم».
وفي الربع الأخير له في دي سكول، التحق كوثاري بالفصل الدراسي «لانشبا (Launchpad)» الذي يلزم الطلبة بتوقيع التزام بالموافقة على تقديم أحد المنتجات أو الخدمات في غضون 10 أسابيع.
تحدث كوثاري ورفيقه أنكيت غوبتا مع الأشخاص الموجودين في مقاهي بالو ألتو بهدف معرفة ما قد يحتاجونه. وكان النوع الشائع الذي يسبب الإحباط للأشخاص هو الانتشار المتواصل للأخبار التي كانوا يحصلون عليها من خلال مجال متسع ومتنوع من المصادر. ولذا قررا الاثنان أنه بإمكانهما إحداث أفضل التأثيرات في هذا الشأن من خلال تطبيق بالس (Pulse)، وهو تطبيق قارئ للأخبار بما يسمح للمستخدمين بتعديل تغذية الأخبار الخاصة بهم.
وبناء على ذلك، قاما بإطلاق هذا التطبيق في وقت مبكر في غضون خمسة أسابيع من الانضمام للدورة التدريبية. ولا يمكن عد توقيت هذا الإطلاق على أنه كان موفقا، لا سيما أنه جاء قبل فترة قليلة من انعقاد مؤتمر «آبل» العالمي للمطورين في عام 2010.
وكانا كوثاري وغوبتا بتناوب العمل على كومبيوتراتهم بشأن هذا الحدث، وقام ستيف غوبز، المدير التنفيذي لـ«آبل» آنذاك، بالإطراء على تطبيق «بالس» خلال كلمته الرئيسة قائلا، إن «هذا التطبيق رائع». وعلى الفور، صار تطبيق «بالس» من أكثر التطبيقات المحملة على أجهزة «آي فون».
وفي شهر أبريل (نيسان)، اشترى الموقع الاجتماعي المهني «لينكد إن» هذا العمل من كوثاري وغوبتا مقابل 90 مليون دولار أميركي.
ويقول كوثاري إنه «لجأ لاستخدام تفكيره وعقله بفضل منهج دي سكول، حيث إنه ما كان ليستفيد من تلك المقدرة على الإطلاق قبل ذلك».



جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.