رصد سلسلة انتهاكات انقلابية تستهدف قطاع التعليم اليمني

اعتقال طلبة وتربويين وتعديلات في المناهج تكرس فكر الجماعة

TT

رصد سلسلة انتهاكات انقلابية تستهدف قطاع التعليم اليمني

عادت الميليشيات الحوثية من جديد لاستهداف قطاع التعليم في اليمن وما تبقى من مؤسساته وبرامجه ومنتسبيه، استكمالا لعملية التجريف المنظمة بحق هذا القطاع بغية حرفه عن مساره وتحويله من صرح تربوي وتنويري إلى محاضن تلقن الأفكار الإيرانية وتعبئ المعلمين والطلبة صغار السن لتحشدهم إلى جبهات القتال.
وفي هذا السياق كشفت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط» عن ارتكاب الجماعة على مدى السبعة الأيام الماضية سلسلة من الانتهاكات المتنوعة بحق عدد من المنشآت والعاملين في هذا القطاع بصنعاء العاصمة ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها، من بينها إدخال تعديلات على المناهج تكرس أفكار الجماعة، فضلا عن شن حملات خطف واعتقال بحق الطلبة والتربويين.
وتحدثت مصادر تربوية عن تعديلات حوثية جديدة طرأت على المناهج التعليمية للمراحل الدراسية الأساسية والثانوية في إطار مشروع الجماعة لتطويع العملية التربوية واستخدامها كأداة لنشر الأفكار الدخيلة على المجتمع اليمني بمناطق سيطرتها.
وأظهرت الصور المتداولة للمناهج الدراسية، على منصات التواصل الاجتماعي، تعديلات على مقرر التربية الوطنية للصفوف الأساسية تضمنت دروساً تمجد ذكرى انقلاب الجماعة في 21 سبتمبر (أيلول) 2014. وتعزز مفاهيم ادعاء زعميها للحق الإلهي في الحكم.
وسبق للميليشيات أن أجرت تعديلات عدة على المناهج آخرها تعديل مقرر مادة التاريخ للصف السادس الأساسي حيث أدخلت وحدة متكاملة تدرس سيرة مؤسس السلالة الحوثية في اليمن يحيى حسين المعروف بالرسي إضافة إلى سير آخرين من أجداد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الذين كانوا حكموا اليمن بالحديد والنار.
واعتبر تربويون يمنيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التعديلات في المناهج «ستخرج جيلاً ضيق الأفق وشحيح المعرفة والثقافة مصاباً بهوس القوقعة الذاتية وأسيراً لأفكار ظلامية لا تتماشى مع عناصر الحياة وعوامل البناء وغير قابلة للتعايش مع نسيج المجتمع اليمني».
وبخصوص جرائم الاختطاف التي أمعنت الجماعة في ارتكابها بحق الطلبة والكادر التربوي، أفادت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إقدام مسلحي حوثيين على متن ثلاث عربات مطلع الأسبوع الماضي على اختطاف 30 طالباً معظمهم من الأطفال بمديرية سنحان بمحافظة صنعاء.
وقالت المصادر إن جريمة الاختطاف بحق الطلاب، المتحدرين لقرية بيت الأحمر بسنحان، وقعت أثناء ما كانوا في رحلة للترفيه، دون أن تذكر الجماعة دواعي اختطافهم.
في غضون ذلك، ندد أهالي وأسر الأطفال المختطفين بالجريمة الحوثية، واصفين إياها بـ«الإرهابية». وناشدوا بذات الوقت المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بسرعة الكشف عن مصير أطفالهم المخطوفين وكذا الإفراج عنهم.
وأعقب تلك الجريمة بأيام اختطاف الجماعة قياديا تربويا وناشطا حقوقيا في ذمار على خلفية إزالته للشعارات الطائفية من على جدران منزله.
وأوضحت مصادر حقوقية في مدينة ذمار «أن الجماعة اختطفت قبل أيام القيادي التربوي والناشط الحقوقي محمد اليفاعي، وأودعته أحد سجونها وسط المدينة بتهمة قيامه بطمس شعار «الصرخة الحوثية».
وأضافت «أن جريمة الاختطاف جاءت عقب يومين من مطالبة اليفاعي، في ذكرى ثورة 26 سبتمبر ضد الحكم الإمامي، برفع العلم الجمهوري في مؤسسات الدولة، ما دفع الانقلابيين لإرسال مسلحيهم لإلصاق شعاراتهم الخمينية على جدران منزله.
وسبق أن تعرض الناشط التربوي اليفاعي للاعتداء والضرب والاحتجاز التعسفي مرات عدة من قبل الجماعة في ذمار على خلفية نشاطاته ومواقفه المناهضة لجرائمها وتعسفاتها.
وعلى صعيد الانتهاكات الحوثية وجرائم الجماعة المتعددة ضد قطاع التربية بمناطق سيطرتها، قالت منظمة حقوقية إنها رصدت ارتكاب الانقلابيين لأكثر من 1492 اعتداء على مرافق ومنشآت تعليمية في 19 محافظة يمنية، خلال الفترة من: سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وذكرت منظمة «رايتس رادار» لحقوق الإنسان، في أحدث تقاريرها أن اعتداءات الجماعة على المرافق التعليمية في اليمن شمل القصف والمداهمة والإغلاق والنهب والاستخدام لأغراض عسكرية.
وبين التقرير أن «أمانة العاصمة صنعاء تصدرت قائمة تلك الاعتداءات بواقـع 401 حالة، تليها صنعاء المحافظة (ريف صنعاء) بواقع 182 حالـة، ثم عمران بـ162 حالة، والحديدة بواقع 151 حالة، وتعز بـ136 حالة، وإب بعدد 109 حالات، ثم ذمار بـ80 حالة، وصعدة بـ72 حالة، بينما توزعت بقية الحالات، حسب ترتيب التقرير، على محافظات «مأرب، المحويت، حجة، البيضاء، الضالع، شـبوة، ريمـة، الجوف، عدن، ابين، ولحج».
وأشار التقرير إلى أن قصف الميليشيات تسبب بتدمير 396 منشأة تعليمية، بشكل جزئي، بينها 337 مدرسة حكومية و35 مدرسة خاصة و19 جامعة وكلية حكومية و5 جامعات خاصة.
ووثق التقرير قيام الجماعة بإغلاق وتعطيل 8 كليات تابعة لجامعات حكومية، ومثلها من الجامعات الخاصة، بالإضافة إلى 33 مدرسة حكومية، و47 مدرسة خاصة، إلى جانب نهب مدرسة معاذ بن جبل الحكومية، الواقعة وسط صنعاء، بعد أسابيع من تمليك مدرسة 26 سبتمبر الثانوية لقادتها السلاليين.
ولفت التقرير إلى تعرض نحو 552 منشأة تعليمية للمداهمـة الحوثية خلال الخمس سنوات الماضية، تارة ضمن حملات تجنيد إجبارية للطلبة، بمن فيهم طلاب المرحلة الأساسية، وتارة أخرى لتنظيم أنشطة وفعاليات تحريضية، تحت عدة ذرائع ومسميات.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».