مواقف لبنانية مؤيدة وأخرى مشككة في «اتفاق الإطار» مع إسرائيل

الاشتراكي يرحّب بمفاوضات ترسيم الحدود

TT

مواقف لبنانية مؤيدة وأخرى مشككة في «اتفاق الإطار» مع إسرائيل

تفاوتت ردود الفعل في لبنان على إعلان الرئيس نبيه بري عن «اتفاق الإطار» لبدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية. وعكس هذا التفاوت عمق الخلاف الداخلي، إذ اعتبر معارضو «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) أن وظيفة سلاح الحزب انتهت مع تغطيته لهذه المفاوضات، فيما قال الفريق الموالي للثنائي إن جهود بري أثمرت التوصل إلى اتفاق سيكون في مصلحة لبنان وإنعاش وضعه الاقتصادي. وكان بارزاً غياب أي موقف لـ«حزب الله» من الإعلان عن قرب بدء المفاوضات مع إسرائيل.
وأصدر تجمع العلماء المسلمين (القريب من «الثنائي الشيعي») بياناً أمس قال فيه إن بري أثبت «أنه محاور صلب... واستطاع بحكمته وحنكته أن يفرض اتفاق إطار للمفاوضات غير المباشرة مع العدو الصهيوني لترسيم الحدود البرية والبحرية»، وأضاف أن «النجاح الذي أحرزه بري يجب أن يستمر من خلال الفريق المفاوض الذي يجب أن يضم، إلى الجيش اللبناني، اختصاصيين أكفاء بالقانون الدولي واتفاقات البحار كي نأخذ حقنا كاملا غير منقوص شبرا واحدا أو نقطة ماء واحدة».
ودعا التجمع إلى تشكيل حكومة قوية تستطيع مواكبة المفاوضات، «يجب أن تكون حكومة اتحاد وطني تضم القوى السياسية المتمثلة بالبرلمان كافة، وتحظى بدعمها وتوفر لها الغطاء السياسي».
من جهته غرد النائب جميل السيد عبر حسابه على «تويتر» بالقول: «نحن قبلنا التفاوض حول ترسيم الحدود مع إسرائيل بدلا من استرداد الحدود منها، والكل داخلا وخارجا هلل للخطبة، غدا ستكتشفون أن شروط إسرائيل أصعب من أن يتحملها لبنان».
وفي إشارة من السيد إلى احتمال أن تكون المفاوضات مباشرة بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي قال: «تفاهم نيسان 1996 جرى في أيامنا بالجيش، وعنوانه حماية المدنيين من الجانبين وأمور أخرى، كان التفاوض مع إسرائيل في الناقورة: الوفد اللبناني في غرفة والوفد الإسرائيلي في غرفة أخرى والأمم المتحدة تنقل الطروحات بيننا، ولا لقاءات مباشرة حتى خروجنا من الدولة عام 2005».
ورحّب الحزب التقدمي الاشتراكي بالإعلان عن بدء التفاوض حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل آملا في أن تصل المفاوضات بأقرب وقت إلى النتائج المتوخاة، وقال في بيان له إن الإعلان عن اتفاق الإطار هو خطوة إيجابية وموضع ترحيب من كل اللبنانيين ويشكّل عنوان أمل في زمنٍ مُثقلٍ بالأزمات والآفاق المسدودة.
وأضاف «الاشتراكي» أنّ الجهود التي بذلها رئيس مجلس النواب نبيه بري هي محلّ تقدير وطني، مع تأكيد الثقة بمؤسسة الجيش اللبناني التي ستتولى التفاوض لحرصها على عدم التفريط بأي من حقوق لبنان السيادية، ولخبرتها وكفاءتها وقدرتها على تحديد نقطة انطلاق الخط الفاصل الحدودي من البرّ تباعاً نحو النقاط البحرية.
في المقابل، انتقد رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل قيام رئيس البرلمان نبيه بري بالتفاوض بهذه القضية، ودعا في الوقت عينه إلى ترسيم الحدود مع سوريا وحلّ قضية المعتقلين في سجونها.
وقال الجميل في حديث تلفزيوني «هناك مصالح من الجانبين لترسيم الحدود وليس من صلاحية رئيس مجلس النواب التفاوض حول الموضوع، فالصلاحية تعود لرئيس الجمهورية بالتعاون مع وزير الخارجية فهو المولج بالتفاوض». واستغرب كيف أنّ أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله حريص على صلاحية رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة وليس حريصاً على مصلحة الرئيس بالتفاوض.
وسأل الجميّل: «هل بات ترسيم الحدود مع إسرائيل أسهل من الترسيم مع سوريا؟»، مطالبا بمفاوضات غير مباشرة مع السوريين، لأن لدينا مطلوبين من النظام السوري أمثال علي المملوك بتهمة تفجير الشعب اللبناني، مؤكدا ضرورة معالجة موضوع المعتقلين في السجون السورية والاستنابات والقرار القضائي بحق علي المملوك بعدها تكون هناك علاقات.
بدوره، سأل النائب المستقيل نديم الجميل، عن اتهامات التخوين التي كانت تطلق من قبل الفريق الآخر، وكتب على حسابه على «تويتر» قائلا «مبروك للمهرطقين الذين يتّهموننا بالعمالة: مبروك انطلاق المفاوضات مع إسرائيل... أين أنتم لم نسمع هتافات (صهيوني صهيوني)... ولا شعارات فلسطين المحتلة!».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.