سمارة نهرا: جيل اليوم يصل بسرعة من دون أن يحفر في ذاكرة المشاهد

تستعد لتصوير «لا حكم عليه» و«النصاب» وتطل حالياً في «دانتيل»

سمارة نهرا في مسلسل «دانتيل» على شاشة «إم بي سي»
سمارة نهرا في مسلسل «دانتيل» على شاشة «إم بي سي»
TT

سمارة نهرا: جيل اليوم يصل بسرعة من دون أن يحفر في ذاكرة المشاهد

سمارة نهرا في مسلسل «دانتيل» على شاشة «إم بي سي»
سمارة نهرا في مسلسل «دانتيل» على شاشة «إم بي سي»

تعد سمارة نهرا من الممثلين المخضرمين الذين حفروا في ذاكرة المشاهد منذ أكثر من 40 عاما. البعض يلقبها بـ«بونبونة» الشاشة اللبنانية فيما يصفها آخرون بـ«فاكهة الدراما». فأدوارها المنكهة بكوميديا ترتجلها أحيانا وتطور خطوطها أحيانا أخرى تترك أثرها في العمل، وكذلك لدى متابعها. مؤخرا تابع المشاهد سمارة نهرا في مسلسل «بالقلب» عندما شكل دورها في موسم رمضان الفائت «تراند» تصدر وسائل التواصل الاجتماعي. حاليا تطل سمارة نهرا في مسلسل «دانتيل» إلى جانب سيرين عبد النور ومحمود نصر وباقة من الممثلين اللبنانيين. ومن ناحية ثانية تستعد لتصوير مسلسلي «النصاب» و«لا حكم عليه»، فيما انتهت من تصوير «دفعة بيروت» مع شركة «ايغل فيلمز» للإنتاج.
وعن النكهة الكوميدية التي تتمتع بها تقول سمارة نهرا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أحيانا كثيرة أقرأ دوري على الورق لأكتشف أن لا علاقة له بالكوميديا. فأعمد إلى تلوينه بأدائي التلقائي كي يخرج أمام الكاميرا كما يتوقعه المخرج أو المنتج والكاتب». وعن كمية الارتجال التي تستخدمها في أدوارها ترد: «لا شعوريا أضيف أحيانا عبارة من هنا وجملة من هناك، وأعمل على أن لا يزعج ذلك المخرج. فمثلا في مسلسل «بالقلب» استأذنت المخرج جوليان معلوف لأقوم بهذه الإضافات فكان جوابه أنه لا يمانع بتاتا. فمسؤوليتي تجاه النص تجعلني أتردد في الارتجال ولكن الممثل الكوميدي عامة يستطيع التصرف إلى حد ما بالنص الذي يحفظه، فيما الممثل الدرامي ليست لديه الفرصة نفسها». وتتابع: «مرات كثيرة يطلبون مني تحويل الدور إلى فكاهي مع أنه يكون غير ذلك وأضطر للإضافة عليه لإنجاحه».
وعن الأدوات التي تلجأ إليها خلال التمثيل تقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدي أدوات خاصة بي، ولكني في كل مرة أدخل موقع التصوير أشعر وكأني أقوم بمهمتي لأول مرة. فأنا بطبعي مرحة وعفوية وأمام الكاميرا تتضاعف أحاسيسي هذه فأبدع بها أكثر بكثير مما هي في شخصيتي الحقيقية. وأتساءل أحيانا لوحدي كيف قمت بذلك أو قلت هذه الكلمة أثناء تمثيلي للدور، ولم تخطر على بالي وأنا أقوم بدراسة دوري». تصفين حفظ دورك بالدراسة لماذا؟ «لأن الممثل يدرس ويجتهد لاستيعاب دوره على المستوى المطلوب وليسلم زميله في موقع التصوير دوره في الوقت المحدد، وإلا فإن الأمور تختلط ببعضها البعض وتتسبب بالفوضى».
وعن دورها في مسلسل «دانتيل» الذي يعرض على شاشة «إم بي سي» منذ 23 أغسطس (آب) الجاري تقول: «لا شك أن مساحة الدور صغيرة وطبيعته لا تحمل الفكاهة، ولكني أخذته نحو الكوميديا كما رغب المخرج، ونجحت في ذلك. كما أن المسلسل يحصد نجاحا واسعا وأنا سعيدة بذلك». ولكن ألا تتمنى سمارة نهرا لو أنه يتم اختيارها لأدوار بطولة؟ «في الحقيقة كنت أحب أن أقوم بذلك فعندي تجارب في بطولات جماعية سابقة ضمن مسلسلات كوميدية. ولكن في ظل غياب أعمال كوميدية حاليا تقل الفرص، ويصبح من الطبيعي أن أقوم بأدوار صغيرة تصل مرات إلى مرتبة ضيف شرف».
وبرأيك لماذا نفتقد المسلسل الكوميدي حاليا في لبنان؟ توضح: «قلة من الكتاب تجيد هذا العمل، كما أنه غير مطلوب حاليا رغم أن المواطن العربي يحتاجه بشدة في ظل الأزمات التي يمر بها». وهل برأيك المسلسلات التي تقدم اليوم تشبه واقعنا الاجتماعي؟ ترد نهرا في معرض حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إلى حد ما أنها تشبهنا ولكنها لا تطال معاناتنا الحقيقية. معظم كتابنا عندما يسردون الدراما تنطبع نصوصهم بالتراجيديا، فيما المطلوب هو التوازن بين الدراما والكوميديا والتراجيديا معا».
وعن الكتاب الذي يلفتونها اليوم تقول: «أنا من المعجبين بقلم منى طايع، ولا أعلم لماذا تغيب عن الدراما المحلية وحتى عن الكوميديا المشهورة فيها. كما أكن إعجابا كبيرا لكتابات كارين رزق الله فهي تلامس واقعنا، وتعرف كيف تتناول أوجاعنا من دون مبالغة فتلمس أحاسيسنا عن قرب، رغم كل شيء. ولن انسى كلوديا مرشيليان التي تتمتع بقلم واقعي أيضا».
وتتحدث سمارة عن الفرق بين الساحة التمثيلية اليوم والأمس وتقول: «جيل اليوم يملك فرصا أكثر، ولديه وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهم في انتشاره بشكل كبير. ولكن ورغم ذلك إذا ما غاب قليلا عن الشاشة ينساه المشاهد ويتحول اهتمامه إلى نجم جديد لا شعوريا. أما جيل الأمس، فكان يكفي أن يطل مرة واحدة على الشاشة ليحدث الفرق وينتظر المشاهد إطلالته مرة أخرى، بحماس مهما غاب. كما أننا اليوم نعمل ضمن وتيرة دوام أطول، ومتعبة أكثر، ففي الماضي كانت ساعات التصوير محددة بـ6 أو 7 ساعات. فتلفزيون لبنان المنتج الوحيد في تلك الحقبة، كان يفرض هذا الدوام على فريق العمل. أما اليوم فنغدو صباحا إلى موقع التصوير لنعود إلى منازلنا في ساعات متأخرة، وأحيانا في اليوم التالي. حتى طريقة الدفع كانت مغايرة فينال الممثل أجره على الحلقة، أما اليوم فالأجر يحدد حسب الدور والساعات التي يتطلبها».
غابت سمارة نهرا لفترة 12 سنة عن الأعمال اللبنانية فهل يعود ذلك إلى سياسة «الشللية» السائدة بين المنتج والكاتب والممثل؟ تقول: «نعم مع الأسف هناك «شللية» معتمدة في الدراما المحلية، وهو ما يسهم في إبعاد ممثلين عن الشاشة حتى المحترفين والمخضرمين منهم. وعندما يتابع أحدهم مسلسلاً ما يتعرف تلقائيا إلى اسم الكاتب أو المنتج من دون حاجة لقراءتها على الشاشة. فهناك فريق كامل لكل منتج ومخرج وكاتب لا يستغني عنه. وأجد في هذا الأمر ظلما وغبنا يمارس ضد الممثل بشكل عام. فهناك أسماء كبيرة موجودة اليوم في منازلها مع أنها تحتاج إلى العمل. وعندما رأيت مؤخرا أسماء كبيرة كدارينا الجندي وكارول عبود ورودني حداد وعايدة صبرا وغيرهم تعود إلى الشاشة الصغيرة فرحت كثيرا».
وتسأل «الشرق الأوسط» سمارة نهرا إذا كانت راضية اليوم عن مسيرتها الفنية، هي التي سبق ومثلت في أعمال سينمائية ومسرحية ومسلسلات مدبلجة فتقول: «بالتأكيد لست راضية عن مسيرتي، لأن طاقاتي الكبيرة في مجال الدراما لم تمنح الفرص المطلوبة. صحيح أن بعض الأعمال كما «بالقلب» ظهرت في معظم حلقاته، ولكن في المقابل هناك أعمال أخرى أدواري فيها صغيرة. فما قمت به حتى اليوم لم يرو عطشي الكبير للتمثيل الكوميدي حتى أن بعض الأدوار تختفي من العمل وتزول من دون نهاية محددة. ولكن حبي للتمثيل من ناحية وحاجتي إلى العمل من ناحية ثانية يدفعاني إلى الاستمرار».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».