في المعركة ضد «داعش».. واشنطن تستهدف سيكولوجيتها

قائد قوات العمليات الأميركية الخاصة في الشرق الأوسط: «علينا أن نفهم الفكرة حتى نهزم الفكرة»

قرابة 1.000 مقاتل أجنبي يتدفقون على العراق وسوريا شهريا، حيث يرغب معظمهم في الانضمام لـ«داعش» (نيويورك تايمز)، و ميجور جنرال مايكل كيه. ناغاتا، قائد قوات العمليات الأميركية الخاصة في «الشرق الأوسط»
قرابة 1.000 مقاتل أجنبي يتدفقون على العراق وسوريا شهريا، حيث يرغب معظمهم في الانضمام لـ«داعش» (نيويورك تايمز)، و ميجور جنرال مايكل كيه. ناغاتا، قائد قوات العمليات الأميركية الخاصة في «الشرق الأوسط»
TT

في المعركة ضد «داعش».. واشنطن تستهدف سيكولوجيتها

قرابة 1.000 مقاتل أجنبي يتدفقون على العراق وسوريا شهريا، حيث يرغب معظمهم في الانضمام لـ«داعش» (نيويورك تايمز)، و ميجور جنرال مايكل كيه. ناغاتا، قائد قوات العمليات الأميركية الخاصة في «الشرق الأوسط»
قرابة 1.000 مقاتل أجنبي يتدفقون على العراق وسوريا شهريا، حيث يرغب معظمهم في الانضمام لـ«داعش» (نيويورك تايمز)، و ميجور جنرال مايكل كيه. ناغاتا، قائد قوات العمليات الأميركية الخاصة في «الشرق الأوسط»

سعى ميجور جنرال مايكل كيه. ناغاتا، قائد قوات العمليات الخاصة في الشرق الأوسط، هذا الصيف، للحصول على المساعدة في حل مشكلة طارئة تواجه القوات الأميركية: ما الذي يجعل «داعش» على هذه الدرجة الكبيرة من الخطورة؟
وشكلت محاولة لسبر أغوار هذا العدو المعقد، وهو خليط من تنظيم إرهابي وجيش تقليدي، لغزا محيرا لدرجة دفعت ناغاتا للاستعانة بعقول من خارج الدوائر الرسمية المرتبطة بالبنتاغون ووزارة الخارجية والوكالات الاستخباراتية بحثا عن أفكار جديدة، مثلا، يعكف علماء بمجال إدارة الأعمال على تفحص استراتيجيات التسويق التي ينتهجها «داعش».
وفي هذا الصدد، أعرب ناغاتا عن اعتقاده بأنه: «لا نفهم كنه هذه الحركة، وحتى يتسنى لنا ذلك لن نتمكن من هزيمتها»، وذلك حسبما ورد بمحاضر سرية لمؤتمر عقده مع عدد من الخبراء. وأضاف: «لم نهزم الفكرة، بل إننا حتى لا نفهم الفكرة».
ويتشارك مع جنرال ناغاتا في إحباطه مسؤولون أميركيون آخرون. ورغم إبداء الرئيس أوباما وكبار معاونيه المدنيين والعسكريين ثقتهم المتزايدة في أن القوات العراقية المدعومة بضربات جوية من التحالف ضد «داعش» نجحت في كبت زخم التنظيم على الأرض داخل العراق وقوضت قاعدة دعمه في سوريا، فإن مسؤولين آخرين اعترفوا بأنهم لم يحققوا تقريبا أي تقدم على صعيد الحملة الأوسع والأطول أمدا الرامية لقتل الآيديولوجيا التي خرجت من رحمها هذه الحركة الإرهابية.
وبعد 4 أشهر من جلسته الأولى مع عدد من المستشارين الخارجيين، لا يزال جنرال ناغاتا أحد النجوم الصاعدة بالمؤسسة العسكرية الذي أوكل إليه أوباما مهمة تدريب جيش من المسلحين السوريين مدعوم من البنتاغون لمحاربة «داعش»، يبحث عن أجوبة.
وعبر رسالة بريد إلكتروني موجزة بعث بها هذا الشهر، قال جنرال ناغاتا: «هذه الأسئلة والملحوظات هي سبيلي للاستقصاء والبحث».
وتسلط محاضر الاجتماعات التي عقدها جنرال ناغاتا مع أكثر من 30 خبيرا عبر الهاتف من خلال قنوات البنتاغون في أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول)، الضوء على النضال الدائر لتفهم «داعش» باعتبارها حركة.
ومن بين أبرز الملحوظات الأولى التي طرحها الخبراء وأثارت اهتمام جنرال ناغاتا، قدرة «داعش» على السيطرة على سكان منطقة ما.
وأوضح الخبراء أن هذه السيطرة ليست نابعة من عدد القوات أو نمط الأسلحة التي تستخدمها الجماعة، وإنما في السبل المعنوية التي تلجأ إليها للسيطرة على منطقة ما وسكانها.
وأشار الخبراء إلى أن هذه القدرة تتركز حول «تكتيكات سيكولوجية مثل إرهاب السكان واستخدام خطابات دينية وطائفية، بجانب استخدام أدوات سيطرة اقتصادية».
وتكشف محاضر الاجتماعات عن حدوث اختلافات في الرأي بين الخبراء بخصوص الهدف الرئيس لـ«داعش» وما إذا كان آيديولوجيا أم إقليميا. من جانبه، حرص جنرال ناغاتا على تشجيع التعبير عن آراء متعارضة. من ناحية أخرى، أعرب الخبراء عن تشككهم في امتلاك «داعش» لـ«التعقيد البيروقراطي اللازم للمضي قدما».
من ناحيته، قال مايكل تي. فلين، جنرال أميركي متقاعد ومدير سابق لوكالة استخبارات الدفاع، الذي أثار علانية مخاوف مشابهة: «حقيقة، إن شخص بخبرة مايك ناغاتا بمجال مكافحة الإرهاب يطرح هذا النمط من التساؤلات، يكشف مدى صعوبة المشكلة».
ومن المقرر أن تصدر مجموعة الخبراء التي تمت الاستعانة بها والتي ضمت أفرادا من الحقل الأكاديمي وآخرين من منظمات بحثية، تقريرها الشهر المقبل.
الملاحظ أن التساؤل حول كيفية التغلب على خطاب «داعش» التحريضي يفرض نفسه بقوة على كثير من أعضاء الإدارة الأميركية الآخرين، وكذلك قيادات بارزة في الشرق الأوسط وأوروبا.
هذا الشهر، قالت ليزا موناكو، مستشارة أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي، إن «الجهود المتزايدة التي يبذلها (داعش) للتوسع داخل دول مثل الأردن ولبنان وليبيا، تثير قلقا هائلا من جانبهم»، وأشار مسؤولو استخبارات أميركيون إلى أن «قرابة 1.000 مقاتل أجنبي يتدفقون على العراق وسوريا شهريا، حيث يرغب معظمهم في الانضمام لـ(داعش)».
من جهته، قال جون برينان، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، هذا الخريف: «أعتقد أنه يجب علينا كمجتمع دولي الاتفاق على كيفية التعامل مع هذه الآيديولوجيات والحركات التي تستغل نقاط ضعف كثير من الدول. ويتعين علينا تناول بعض العوامل والظروف التي تحرض على وتسمح بتنامي مثل هذه الحركات».
يذكر أن جنرال ناغاتا حارب الظل معظم الـ32 عاما التي قضاها بالجيش، حيث شارك بقوات العمليات الخاصة، وكذلك في وحدات عسكرية سرية بمناطق مشتعلة مثل الصومال والبلقان والعراق. ويقول زملاؤه إنه أبدى حصافة بيروقراطية خلال توليه وظائف بمجال مكافحة الإرهاب بوكالة الاستخبارات المركزية والبنتاغون، بجانب إبدائه معرفة دبلوماسية أثناء عمله كضابط ربط عسكري في باكستان أثناء الفترة المضطربة التي مرت بها البلاد بين عامي 2009 و2011.
ووصفه ستانلي مكريستال، جنرال متقاعد والقائد السابق لقوات التحالف في أفغانستان، بأنه «محارب من طراز نادر يشعر بأريحية داخل البيئات المعقدة».
وعندما اجتمع جنرال ناغاتا للمرة الأولى مع مجموعة المتخصصين خلال اجتماع عقد عبر الهاتف في 20 أغسطس، حدد أولوياته والتحديات التي يشكلها «داعش». وقال: «ما الذي يجعل (داعش) على هذه الدرجة من الجاذبية والإلهام؟»، وأعرب عن قلقه من أن التنظيم «يترك أصداء عميقة لدى قطاع محدد وواسع من السكان المسلمين، خصوصا الشباب المتطلعين نحو لواء يلتفون حوله».
وخلال الاجتماع، ألمح جنرال ناغاتا إلى استخدام «داعش» المعقد لشبكات التواصل الاجتماعي في طرح وتضخيم جهودها الدعائية، وأصر على أن الولايات المتحدة بحاجة «لأفراد ولدوا وترعرعوا بالمنطقة» للمعاونة في مكافحة هذه المشكلة. وقال: «أود خوض محادثة طويلة لتفهم القوة السيكولوجية والعاطفية والثقافية لـ(داعش) من منظور جمهور متنوع الأطياف. إنهم يجتذبون الناس إليهم بأعداد كبيرة. هناك قمصان وأكواب تحمل شعارهم».
وأضاف جنرال ناغاتا: «عندما أرى الأميركيين يستخدمون كلمات، مثل: خسيس، ووحشي، وقاتل، ومشين، وصادم.. إلخ في وصف أفعال تنظيم إرهابي عنيف، أدرك أننا بذلك نخدم العدو مباشرة، حيث تشعر هذه التنظيمات بالسعادة لدى وصف أعضائها بالقتلة عندما يخرج الوصف من أفواه كافرة». واستطرد بأنه: «علينا أن نتذكر أن الجزء الأكبر من رسائل مثل هذه التنظيمات غير موجه إلينا. إنهم يشعرون بالسعادة عندما يروننا غاضبين، بينما هم يتحدثون في الواقع إلى الأفراد الذين يعملون على اجتذابهم إلى ولائهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.