العراقيون يحيون الذكرى الأولى لـ«انتفاضة تشرين»

محتجون في ساحة التحرير ببغداد يحيون الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضتهم (إ.ب.أ)
محتجون في ساحة التحرير ببغداد يحيون الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضتهم (إ.ب.أ)
TT

العراقيون يحيون الذكرى الأولى لـ«انتفاضة تشرين»

محتجون في ساحة التحرير ببغداد يحيون الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضتهم (إ.ب.أ)
محتجون في ساحة التحرير ببغداد يحيون الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضتهم (إ.ب.أ)

خرج آلاف العراقيين، أمس، في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد، إحياءً للذكرى الأولى لـ«انتفاضة تشرين» (أكتوبر) المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد ومناهضة التدخلات الخارجية وأدت إلى إطاحة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. ليحل محله رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.
ويرى كثيرون، أن نتائج احتجاجات تشرين لا تتعلق بإزاحة أكبر رأس في سلطة التنفيذ في البلاد بعد تحميله مسؤولية الفشل الذريع الذي ارتبط بعهده وأدى إلى صعود لافت لقوى «ما قبل الدولة» الممثلة بالفصائل والميلشيات المنفلتة، إنما بقدرتها على صنع جيل جديد من الشباب الشجاع المؤمن بحقه في الحياة الكريمة وبرغبته في طي حقبة مظلمة ارتبطت بالمحاصصة الطائفية والسياسية، إلى الفساد وسوء الإدارة والاستهتار بالدولة امتدت لنحو 17 عاماً.
بدوره، أصدر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمس، بيانا حيا فيه شباب الانتفاضة وقال: إن «تشرين في القلب والضمير، حراك للإنسانية جمعاء من منبع الفكر الإنساني وهويته الرافدينية». وأضاف «لقد جاءت هذه الحكومة بناءً على خريطة الطريق التي فرضها حراك الشعب العراقي ومظالمه وتطلعاته، ونؤكد الوفاء لشعبنا ولخريطة الطريق التي فرضتها دماء شبابه الطليعي وتضحياتهم».
وتابع «كنا وما زلنا أوفياء لحراك تشرين ومخرجاته السامية، وقد عملنا منذ اليوم الأول لتولينا على تعهدات المنهاج الوزاري ابتداءً من تحديد وفرز شهداء وجرحى تشرين، وهو المسار الطبيعي لاستعادة حقوقهم وتكريم موقفهم الوطني، ومن ثم تحويل ذلك إلى سياق تحقيقي قانوني كفيل باستعادة الحقوق من المتورطين بالدم العراقي».
ورغم اللجان الحكومية التي شكلتها حكومة الكاظمي للتحقيق بمقتل وإصابة المتظاهرين وكشف المتورطين في أعمال القتل والخطف والترويع التي طالت أعدادا كبيرة من الناشطين، إلا أن جماعات الحراك، ما زالت تشكك في فعالية تلك اللجنة بالنظر لعدم إعلان أي نتيجة تذكر بشأن المتورطين ومحاسبتهم حتى الآن بعد مرور نحو 3 أشهر على تشكيلها.
وتزامنا مع الذكرى الأولى، قالت منظمة العفو الدولية التي طالبت في وقت سابق السلطات العراقية بإعلان ما توصلت إليه لجنة التحقيق من نتائج، إن «عشرات النشطاء الشجعان ما زالوا يطاردون ويقتلون بعد عام على الاحتجاجات». وذكرت المنظمة في تغريدة عبر «تويتر»، أن «العام الماضي، شهد خروج آلاف العراقيين إلى الشوارع للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية ووضع حد للفساد، وبدلاً من معالجة هذه المظالم، ردت قوات الأمن العراقية بالهجوم عليهم وقتلهم». وأضافت أنه «لا يزال العشرات من النشطاء الشجعان يتعرضون للمطاردة والقتل». كانت أعمال الاحتجاجات اندلعت في الأول من أكتوبر عام 2019، ثم توقفت بسبب موسم الزيارة الدينية لتعاود الانطلاق بشكل غير مسبوق في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد الشيعية في الخامس والعشرين من الشهر نفسه، ولم تلتحق بالحراك محافظات شمال غربي البلاد ذات الأغلبية السنية، ونأت بنفسها محافظات إقليم كردستان أيضا.
واستمرت الاحتجاجات بوتيرة متصاعدة طوال الأشهر اللاحقة، وما زالت ساحات الاحتجاجات الرئيسية في المحافظات تحتفظ بخيام الاعتصام. وخلال تلك الأشهر حدثت مواجهات دامية بين المحتجين وقوى الأمن العراقية التي استخدمت فيها القوة المفرطة ممثلة بالرصاص المطاطي والحي والقنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين وأسفرت عن مقتل 540 متظاهرا بحسب الإحصاءات الرسمية، إضافة إلى جرح ما لا يقل عن 25 ألف متظاهر.
وفيما بدأ الحراك بمطالب إصلاح النظام تطور في ووقت لاحق ونتيجة العنف المفرط الذي جوبه به ليطالب بإسقاط النظام. ووجهت جماعات الحراك جام غضبها على السلطات الإيرانية واتهمتها بالتدخل في شؤون العراق وحماية أحزاب السلطة الفاسدة التي أفقرت البلاد ودمرتها، وقام محتجون في كربلاء والنجف بحرق القنصليتين الإيرانيتين هناك مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
ومع حلول الذكرى الأولى، تجدد النقاشات حول ما إذا كانت البلاد ستشهد موجة صاعدة من الاحتجاجات تخلط الأوراق وتتسبب بانهيار الحكومة مثلما فعلت أول الأمر، أم أنها مجرد رياح موسمية معتادة لن ترتقي إلى مستوى الاحتجاجات الأولى، نظرا لاعتبارات غير قليلة، منها التحدي الذي تشكله جائحة «كورونا» وانقسام مواقف جماعات الحراك حيال حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بين مؤيد ومعارض، إلى جانب اقتراب موعد الانتخابات المبكرة الذي فرضه الحراك الاحتجاجي على الجماعات والأحزاب السياسية.
وفي هذا الإطار، يقول الناشط سلام الحسيني لـ«الشرق الأوسط»: إن «تشرين تمثل حالة ضغط آنية لاعتبارات كثيرة، منها صعوبة تنظيم نفسها وبطئ إدراكها ذلك بسبب كثافة جمهورها البسيط، فضلاً عن التداخل الحزبي لتحطيمها». ويضيف «في النهاية تشرين تشكل ضغطاً قد يفضي إلى تغييرات بسيطة لكنها حتماً لن تكون حلم الإطاحة بسلطة الفساد والسلاح».
أما عمر عبد الكاظم، فيرى أن «المهم في الانتفاضة، أنها عرت السلطة الفاسدة القاتلة وأسقطت شرعية عملية سياسية أصبحت وبالا على الجميع، وليس مهما إن كانت تشرين إعصارا أو رياحا موسمية، الأنواء الجوية للانتفاضة متقلبة وقد يكون فيها من المفاجآت الشيء الكثير».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.