أميركا تفتح جبهة جديدة مع الصين بصدام غير مسبوق مع الفاتيكان

فتحت الولايات المتحدة جبهة جديدة في مواجهتها الاستراتيجية الواسعة مع الصين بصدام مباشر وغير مسبوق في علاقاتها مع الفاتيكان، حيث انتقدت الاتفاق المؤقت الذي وقّعته الكنيسة الكاثوليكية مع بكّين منذ عامين، ودعت إلى عدم تجديده «ومكافأة الحزب الشيوعي الصيني على قمعه الحريات السياسية والدينية»، كما جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أنهى أمس الخميس زيارة إلى روما استغرقت يومين لم يجتمع خلالها مع البابا فرنسيس.
وكان المسؤول عن العلاقات مع الدول في الفاتيكان المونسنيور بول ريتشارد قد ردّ على تصريحات بومبيو بقوله: «نطلب من الرئيس ترمب عدم استخدام البابا في حملة الانتخابات الرئاسية»، فيما أكّد وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين أن هذا هو السبب في عدم استقبال البابا لوزير الخارجية الأميركي، موضحاً أن رأس الكنيسة الكاثوليكية حرص دائماً على عدم استقبال المسؤولين السياسيين خلال الحملات الانتخابية.
وكانت زيارة بومبيو إلى روما قد بدأت بلقاء مع رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي، ثم مع وزير الخارجية لويغي دي مايو زعيم حركة «النجوم الخمس» الذي كان وراء التقارب مع بكيّن وتوقيع الاتفاق مع الصين حول «طريق الحرير الجديدة»، وهو اتفاق لم يلقَ ارتياحاً في أوساط الشركاء الأوروبيين ولا من واشنطن التي حذّرت من عواقبه ومحاولة بكين استخدامه لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
وتميّزت محادثات بومبيو مع المسؤولين الإيطاليين بتفاهم تام حول جميع القضايا المطروحة، كما أكّد وزير الخارجية الإيطالي الذي قال إن بلاده حريصة على القيم الأوروبية والأطلسية وتضمن سرّية بياناتها وبيانات حلفائها، في إشارة واضحة إلى تجاوب إيطاليا مع المطلب الأميركي بعدم استخدام التكنولوجيا الصينية التي يحملها الجيل الخامس للاتصالات التي تشكّل أحد المحاور الرئيسية في المواجهة الأميركية - الصينية. وأفادت مصادر مطلعة بأن رئيس الوزراء الإيطالي طلب من بومبيو المساعدة لتثبيت الهدنة الليبية ودعم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار السياسي الذي تعوّل عليه إيطاليا لاستعادة نشاطها الاقتصادي الحيوي في ليبيا. كما أعرب كونتي عن استعداد بلاده للدفاع عن سيادة اليونان وقبرص على أراضيهما، لكنه دعا إلى بذل أقصى الجهود للتفاوض مع تركيا وتحاشي فرض عقوبات عليها.
لكن التفاهم الذي ساد محادثات بومبيو مع المسؤولين الإيطاليين قابله تباعد واسع في المواقف خلال محادثاته مع نظيره الكاردينال بارولين في الفاتيكان، وهو تباعد من المتوقع أن يتسّع في حال فوز الرئيس ترمب بولاية ثانية خاصة وأن ثمّة مؤشرات تدلّ على نيّة الفاتيكان تجديد الاتفاق الموقع مع الصين والذي ينتهي مفعوله في 22 الشهر الجاري. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الفاتيكان وبكين في العام 1951، تتعرّض الكنيسة الكاثوليكية للملاحقة في الصين حيث تفرض الحكومة تعيين أساقفة موالين لها من غير الرجوع إلى الفاتيكان. لكن في سبتمبر (أيلول) من العام 2018 وقّع الطرفان اتفاقاً يمهّد لاستئناف العلاقات وينصّ على المشاركة في تعيين الأساقفة وتخفيف القيود والمراقبة على أنشطة الكنيسة الكاثوليكية في الصين. وكانت دوائر الفاتيكان قد أشارت في بيانات وتصريحات عدة خلال الأشهر الماضية إلى استعدادها لتجديد الاتفاق الذي يستحق بعد ثلاثة أسابيع، لكن من غير أن توضح إذا كان التجديد سيتضمّن استئناف العلاقات الدبلوماسية كما تخشى واشنطن.
وفي ردّ على سؤال خلال المؤتمر الصحافي القصير الذي عقده مع نظيره الإيطالي مساء الأربعاء حول تأثير هذا الصدام مع الفاتيكان على الناخبين الكاثوليكيين، والمسيحيين عموماً، قال بومبيو: «إنه ضرب من الجنون!»، مستعرضاً ما تقوم به الولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الإنسان ضد القمع الذي يمارسه الحزب الشيوعي الصيني وما يقوم به أعضاء هذا الحزب من حرق للكنائس واستبدال صور دينية مسيحية بصور ماو تسي تونغ.