ترمب يكثّف هجماته ضد بايدن

إيفانكا ترمب تشارك في حملة انتخابية لمصلحة والدها الرئيس ترمب في مصنع حلويات بولاية نورث كارولاينا أمس (رويترز)
إيفانكا ترمب تشارك في حملة انتخابية لمصلحة والدها الرئيس ترمب في مصنع حلويات بولاية نورث كارولاينا أمس (رويترز)
TT

ترمب يكثّف هجماته ضد بايدن

إيفانكا ترمب تشارك في حملة انتخابية لمصلحة والدها الرئيس ترمب في مصنع حلويات بولاية نورث كارولاينا أمس (رويترز)
إيفانكا ترمب تشارك في حملة انتخابية لمصلحة والدها الرئيس ترمب في مصنع حلويات بولاية نورث كارولاينا أمس (رويترز)

كثّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من هجماته على منافسه الديمقراطي جو بايدن، فاتهمه بدعم مرتكبي أعمال الشغب، منتقداً موقفه من مجموعة (أنتيفا). وقال ترمب في نشاط انتخابي عقده في ولاية مينيسوتا: {أريد أن أدافع عن قيم بلادنا التاريخية وأحميها. خصومنا يقفون مع مرتكبي أعمال الشغب، أما أنا فأقف مع الأبطال من رجال الأمن. بايدن يقول ان انتيفا هي مجرد فكرة. الأفكار لا تعتدي على الشرطة وتحرق المباني. انتيفا هي منظمة إرهابية محليّة.}
ترمب الذي يواجه انتقادات كثيرة بسبب رفضه ادانة العنصريين البيض في المناظرة الرئاسية الاولى، لم يعدّل من موقفه في هذا الخصوص على الرغم من دعوة عدد من الجمهوريين له الى توضيح تصريحاته. عوضاً عن ذلك، كرّر وصف نفسه برئيس القانون والنظام، ووصف خصمه بالالعوبة بيد اليسار المتشدد. وأشاد الرئيس الأميركي بانجازات إدارته فقال: {في السنوات الثلاث والنصف الماضية، لقد أمّنت حدود أميركا، وأعدت بناء قوة جيشنا الرائع وقضيت على داعش وصححت اتفاقتنا التجارية الكارثية وجلبت فرص العمل الى اميركا والى مينيسوتا!}.
تهدف تصريحات ترمب هذه إلى استقطاب الناخبين في هذه الولاية التي خسرها أمام منافسته هيلاري كلينتون في انتخابات العام 2016، فسعى إلى تخويفهم من سياسات بايدن في ملف الهجرة وهو موضوع حساس للغاية في الولاية التي تستقبل عدداً كبيراً من اللاجئين والمهاجرين. وعمد ترمب الى مهاجمة النائبة الهان عمر التي تمثل الولاية، وهي مسلمة من أصول صومالية، فقال: {ماذا يجري مع عمر؟ إني أقرأ تقاريراً تتحدث عن فسادها الشديد!}. واستقبل مناصرو ترمب هذه الانتقادات بهتافات تدعو الى زج عمر في السجن، على غرار الهتافات التي رددها داعموه بحق كلينتون في العام 2016.
وحّذر الرئيس الأميركي من مخاطر السماح للاجئين بالمكوث في الولاية، فقال: {المشكلة الكبيرة التي توجه مينيسوتا هي ان انتخاب جو بايدن سيغرق ولايتكم بكم هائل وتاريخي من اللاجئين. بايدن سوف يحول مينيسوتا الى مخيم للاجئين وسوف يؤدي ذلك إلى اكتظاظ مدارسكم وانهاك مواردكم وازدحام مستشفياتكم}. وزعم ترمب ان بايدن سيطرح زيادة بنسبة 700 % للاجئين {القادمين من أخطر مناطق في العالم كاليمن وسوريا ومكانكم المفضل، الصومال}.
كلمات سيكون وقعها كبيراً على الولاية التي يسكن فيها عدد كبير من الأميركيين من أصول صومالية، كما أنها تسلّط الضوء على ملف الهجرة الذي يختلف عليه الديمقراطيون والجمهوريون بشكل كبير.
ففي حين خففت الادارة الحالية بشكل كبير من عدد اللاجئين الذين تستقبلهم البلاد في العام 2020، ليصل هذا العدد الى 18 ألف لاجئ فقط، يدعو بايدن الى زيادة هذا العدد ليصل الى 125 ألف لاجئ كل عام. وتسعى وزارة الخارجية الأميركية الى التخفيف من عدد اللاجئين أكثر في العام 2021 ليصل إلى 15 ألف لاجئ فقط، وتقول الوزارة إن سبب التقليص غير المسبوق هو ”حرص الادارة على سلامة وصحة الأميركيين في ظل تفشي فيروس كوفيد-١٩“.
يأتي هذا في وقت لا تزال فيه المناظرة الرئاسية الاولى تلقي بظلالها على الساحة السياسية في واشنطن، فقد أعلنت اللجنة المنظمة للمناظرات الرئاسية انها ستعيد النظر في قواعد النقاش، لضبط المناظرتين المقبلتين، ومحاولة احتواء الضرر الذي أحدثته المناظرة الأولى التي شهدت فوضى عارمة ومقاطعات مستمرة من المرشحين. وتنظر اللجنة في احتمال إعطاء المحاورين اذناً بقطع صوت ميكروفون المرشحين في حال عدم الالتزام بالقواعد المتفق عليها مسبقاً. وقالت اللجنة في بيان: ”ان لجنة المناظرات الرئاسية ترعى المناظرات التلفزيونية لافادة الناخب الأميركي. لكن المناظرة الأولى أثبتت الحاجة الى اضافة المزيد من القواعد على المناظرات المقبلة حرصاً على نقاش منتظم للقضايا.“ ومن المتوقع أن يتواجه المرشحان مجدداً في 15 و22 أكتوبر (تشرين الأول) فيما يتواجه نائباهما كامالا هاريس ومايك بنس في مناظرة واحدة فقط في السابع من الشهر نفسه.
وعلى ما يبدو فإن فوضوية المناظرة الأولى أثرت على أرقام المشاهدة، فقد جذبت نحو 73 مليون مشاهد بحسب أرقام لشركة الابحاث نلسن، أي أقل بـ 11 مليوناً من المشاهدين الذين تابعوا المناظرة الأولى بين كلينتون وترمب في العام 2016.


مقالات ذات صلة

أميركا تودّع كارتر في جنازة وطنية يحضرها 5 رؤساء

الولايات المتحدة​ حضر الرؤساء الخمسة مراسم جنازة كارتر في واشنطن الخميس (أ.ف.ب)

أميركا تودّع كارتر في جنازة وطنية يحضرها 5 رؤساء

أقامت الولايات المتحدة، الخميس، جنازة وطنية للرئيس السابق جيمي كارتر، لتتوّج بذلك تكريماً استمر أياماً عدة للحائز جائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

البنتاغون يدرج شركات صينية جديدة على قائمته السوداء

أدرجت وزارة الدفاع الأميركية أكبر شركة صينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية على القائمة السوداء ابتداء من يونيو 2026.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا  المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

شولتس يرفض اقتراح ترمب زيادة الموازنة الدفاعية لدول حلف «الناتو»

أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس رفضه للدعوة التي أطلقها الرئيس الأميركي المنتخب ترمب للدول الأعضاء في حلف (الناتو) لزيادة الحدّ الأدنى لإنفاقها الدفاعي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ المحكمة الأميركية العليا تحدد مصير تطبيق «تيك توك» وسط جدل حول الأمن القومي وحرية التعبير (رويترز)

المحكمة العليا الأميركية تستعد لحسم مصير «تيك توك»

تستمع المحكمة العليا الأميركية لمرافعات حول دعوات حظر تطبيق «تيك توك» وسط اتّهامات للشركة الصينية المالكة للمنصة بالتنصت على الأميركيين.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يواجه تحدي توحيد صفوف الجمهوريين في ظل غالبية ضئيلة

قبل أسبوعين فقط من تنصيبه، سيتعين أولاً على الرئيس المنتخب دونالد ترمب أن يوحّد الصفوف في ظل غالبية جمهورية ضئيلة تعاني انقسامات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟