تونس: المشيشي لتذويب خلافاته مع رئاسة الجمهورية

البرلمان يستأنف نشاطه اليوم بإجراء حوار مع ممثلي الحكومة

TT

تونس: المشيشي لتذويب خلافاته مع رئاسة الجمهورية

في محاولة للتخفيف من حدة خلافاته المتفاقمة مع الرئيس التونسي قيس سعيد الذي رفض قبل أيام تعيين مستشارين له من رموز النظام السابق، دعا هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية الجديدة، وزراء حكومته إلى «التفاعل الإيجابي مع رئاسة الجمهورية بالسرعة المطلوبة»، بخصوص عدد من الملفات، شريطة التنسيق المسبق مع رئاسة الحكومة، معتبراً أن التعامل مع الرئيس سعيد بخصوص المراسلات والردود «يجب أن يكون حصرياً عبر رئاسة الحكومة، وعلى الوزراء العودة إلى رئاسة الحكومة بعد إتمام التفاعل مع رئاسة الجمهورية في أي ملف من أجل تنسيق السياسات، وذلك في إطار التناغم بين المؤسسات الدستورية للدولة»، على حد تعبيره.
وفي رده على الجدل الذي أثاره رفع أجور الولاة، أوضح رئيس الحكومة في تصريح إعلامي، خلال إشرافه أول من أمس على مجلس الوزراء، أن رفع أجور الولاة «رافقه تقليص وتسقيف للامتيازات العينية المخولة لهم، بما يجعل الكلفة السنوية الإجمالية لأجورهم دون تغيير تقريباً»، وذلك خلافاً لما روَّج له البعض، على حد قوله.
وبخصوص العلاقة المتوترة التي باتت تربط بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس، قال المحلل السياسي جمال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحكومة «وجد نفسه في موقع الدفاع عن صلاحياته الدستورية، بعد الانتقادات الحادة التي وجهها له رئيس الجمهورية، إثر اعتزامه تعيين مستشارين محسوبين على المنظومة السابقة». وتوقع العرفاوي ألا يدخل المشيشي في مواجهة مع رئيس الدولة أو مع رئيس البرلمان، وأن يُبقي على «شعرة معاوية» مع كل الأطراف بهدف توحيد الجهود الموجهة للإصلاحات الكبرى، غير أنه سيعمل على توضيح حدود صلاحياته الدستورية لتجنب خلافات في المستقبل، حسب قوله.
جدير بالذكر أن الفصل 91 من الدستور التونسي يعطي لرئيس الحكومة صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة، ويؤكد على أن الفريق الحكومي مسؤول أمامه، ولا يمكِّنه سوى من ضبط السياسات العامة في مجال الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي.
من ناحية أخرى، يستأنف البرلمان نشاطه اليوم (الجمعة) بعقد جلسة عامة، تخصص لإجراء حوار مع الحكومة حول الوضع الصحي والاجتماعي والتربوي في البلاد، والإجراءات المتخذة للحد من مخاطر انتشار فيروس «كورونا»، وذلك بحضور وزراء: الصحة، والشؤون الاجتماعية، والشباب والرياضة، والإدماج المهني، والتربية، والتعليم العالي، والبحث العلمي.
كما قرر مكتب البرلمان إدراج نقطة في جدول أعمال الجلسة العامة حول حادثة تعنيف النائب البرلماني عن دائرة بنزرت، أحمد موحي، والهجوم عليه بسيف، وهو ما اعتبره سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة «ائتلاف الكرامة» الإسلامية «محاولة اغتيال سياسي»؛ بينما أكدت الأبحاث الأمنية الأولية أن الاعتداء كان بغرض السلب فقط، وليست وراءه دوافع سياسية. ومن المتوقع أن يدعو مخلوف خصومه السياسيين من اليسار والليبراليين إلى إدانة هذا الاعتداء، وهو ما قد يحدث خلافاً تحت قبة البرلمان نتيجة الاختلاف في توصيف الحادثة.
على صعيد غير متصل، عبرت آمنة القلال، مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في تونس، عن «صدمتها» إزاء تصريحات الرئيس سعيد المؤيدة لاستئناف تنفيذ أحكام الإعدام، وقالت إنها «تتناقض مع الممارسة الراسخة منذ عقود، وهي عدم تنفيذ هذه الأحكام القضائية»؛ مبرزة أن استئناف تنفيذ أحكام الإعدام «سيكون صفعة في وجه كل التقدم الذي تحقق في مجال حقوق الإنسان»، وحثت الرئيس على التراجع الفوري عن إعلانه «المثير للقلق»، وفرض حظر رسمي على تنفيذ أحكام الإعدام فوراً بهدف إلغاء هذه العقوبة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.