محكمة مصرية تلغي مولد «أبو حصيرة» اليهودي بمحافظة البحيرة

بعد أيام من منع عرض الفيلم الأميركي «الخروج»

الاحتفال بمولد أبو حصيرة، كان يقام سنويا في قرية «دميتوه» بمحافظة البحيرة شمالي غرب القاهرة حيث يزوره الآلاف من اليهود
الاحتفال بمولد أبو حصيرة، كان يقام سنويا في قرية «دميتوه» بمحافظة البحيرة شمالي غرب القاهرة حيث يزوره الآلاف من اليهود
TT

محكمة مصرية تلغي مولد «أبو حصيرة» اليهودي بمحافظة البحيرة

الاحتفال بمولد أبو حصيرة، كان يقام سنويا في قرية «دميتوه» بمحافظة البحيرة شمالي غرب القاهرة حيث يزوره الآلاف من اليهود
الاحتفال بمولد أبو حصيرة، كان يقام سنويا في قرية «دميتوه» بمحافظة البحيرة شمالي غرب القاهرة حيث يزوره الآلاف من اليهود

بعد أيام من منع عرض الفيلم الأميركي «الخروج» لاحتوائه على وقائع يهودية مزيفة ضد التاريخ المصري القديم، فضت محكمة مصرية «مولد أبو حصيرة» اليهودي، وقضت بإلغاء قرار حكومي باعتباره أثرا، لتنهي بذلك حالة من الجدل السياسي والثقافي استمرت على مدار سنوات، في الأوساط الثقافية والشعبية في مصر.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي أمس حكما بإلغاء الاحتفالات السنوية لمولد أبو حصيرة بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والآداب، وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها.. وكذلك إلغاء قرار وزير الثقافة الأسبق (الصادر في يناير 2001) الخاص باعتباره أثرا، مع إلزام وزير الثقافة الحالي بشطب الضريح من سجلات الآثار المصرية. كما رفضت المحكمة نقل رفات الحاخام اليهودي أبو حصيرة إلى القدس، وأكدت أن اعتبار الضريح من الآثار الإسلامية هو خطأ تاريخي لا يمس تراث الشعب المصري.
تضمن الحكم إلزام الحكومة المصرية بشطب ضريح الحاخام اليهودي «أبو حصيرة» من السجلات الوطنية ونشر قرار الشطب بجريدة الوقائع المصرية، وإخطار لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو بقرار الحكومة.
يأتي هذا الحكم بعد أيام من عدم موافقة وزارة الثقافة المصرية على عرض الفيلم الأميركي «الخروج: آلهة وملوك» للمخرج البريطاني ريدلي سكوت الذي يتناول هروب النبي موسى من مصر بسبب تضمنه «تزييفا للتاريخ».
وقال وزير الثقافة المصري جابر عصفور، في تصريحات صحافية إن «قرار منع الفيلم اتخذته وزارة الثقافة ولا علاقة للأزهر به إذ لم يتم أخذ رأيه في عرض الفيلم من عدمه»، مؤكدا أن «الفيلم صهيوني بامتياز فهو يعرض التاريخ من وجهة النظر الصهيونية ويتضمن تزييفا للوقائع التاريخية لهذا تقرر منع عرضه في مصر».
وألزمت المحكمة في حكمها الصادر أمس، الحكومة برفض طلب نقل الضريح إلى دولة إسرائيل، استنادا إلى أن الإسلام يحترم الأديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم.
وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن المشرع قد حدد الحضارة المصرية بأنها تتمثل في المصرية القديمة والقبطية والإسلامية، وأن القول بأن ضريح أبو حصيرة من الآثار المصرية، ينطوي على خطأ تاريخي جسيم يمس كيان تراث الشعب المصري الذي هو ملك لأجيال الأمة وليس ملكا لأشخاص الحكام، كما ينطوي على إهدار فادح لما انتهجه المشرع المصري من عدم اعترافه بأي تأثير يذكر من اليهود إبان فترة إقامتهم القصيرة في مصر على أي شأن مما أنتجته الحضارات التي قامت على أرض مصر.
وذكرت المحكمة أن قرار وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني باعتبار ضريح أبو حصيرة من الآثار الإسلامية والقبطية والصادر في 24 يناير 2001 قد جاء بعد رفع الدعوى المطالبة بإلغاء الاحتفال السنوي به واعتباره أثرا، بـ6 أيام فقط، مما ينبئ عن أنه لم يصدر قراره بقناعة من الدولة، وإلا لكانت الدولة قد أصدرت مثل هذا القرار فيما مضى والضريح مقام منذ زمن.
وأشارت إلى أن قرار الوزير استهدف غل يد المحكمة عن أعمال رقابتها القضائية التي أناطها بها الدستور والقانون، قاصدا إضفاء الشرعية على ذلك الضريح كنوع من المجاملة للدولة العبرية، بما يعد ضربا من ضروب تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه مما يشوبه بعيب الانحراف بالسلطة.
وأكدت المحكمة أن المشرع المصري أوجب شطب الأثر إذا ما فقد خصائصه الأثرية بالكامل، كما ألزم المشرع نشر قرار شطب الأثر بالوقائع المصرية حفاظا على التراث المصري وحمايته من كل دخيل عليه، وهو الأمر الذي تقضي به المحكمة.
وأضافت المحكمة أنه لما كان الإسلام هو دين الدولة، فإن نقل رفات الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة من مصر إلى إسرائيل، يتعارض مع سماحة الإسلام ونظرته الكريمة لأهل الكتاب واحترام قبور موتاهم بحسبانها مأوى المرء أيا كانت ديانته بعد مماته، وداره التي يوارى فيها بعد خلاص حياته الدنيوية.. مؤكدة خلو الأوراق من أية حجة قانونية أو ضرورة ملجئة تقتضي نقل هذا الرفات إلى إسرائيل، ومن ثم يغدو طلب نقل الرفات غير مستند إلى أساس سليم مما يتعين رفضه.
وقالت المحكمة إن المشرع الدستوري كفل حرية العقيدة وكذلك حرية ممارسة الشعائر الدينية، وإن الدستور المصري يحمي هذه الحريات ما دامت لا تخل بالنظام العام ولا تنافي الآداب.. غير أن التمتع بحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة الاحتفال لها يلزم أن تتم مظاهره في بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها وإلا تكون سببا في الاحتكاك بين الطوائف الدينية وإثارة الفتن بينها.
وأوضحت المحكمة أنه ثابت من واقع الأوراق أن الاحتفال السنوي المقرر لمولد الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة - وهو فرد عادي - وما يصاحبه من ممارسات أبرزها مقيم الدعوى في دعواه، وأصبحت من قبيل العلم العام للكافة ودون أن تدحضها الجهة الإدارية، تتمثل في قيام اليهود المحتفلين الزائرين لضريح أبو حصيرة والمقابر اليهودية التي حوله بممارسات غير أخلاقية وارتكابهم للموبقات والمحرمات، على نحو يتعارض مع التقاليد الإسلامية الأصيلة، وهو ما يخالف التقاليد الإسلامية والآداب ويشكل مساسا بالأمن العام والسكينة العامة ويمثل خروجا سافرا على ما تتمتع به الشعائر الدينية من وقار وطهارة.
واعتبرت المحكمة أن مظاهر الاحتفال بمولد الحاخام اليهودي أبو حصيرة، تعد انتهاكا لما تتمتع به التقاليد المصرية من آداب، الأمر الذي ينطوي على إيذاء الشعور الإنساني للمسلمين والأقباط على حد سواء، خاصة وأن المسلمين والمسيحيين يرون مقدساتهم الإسلامية والمسيحية تنتهك في القدس دون مراعاة لما احتوته الأديان السماوية من قيم واحترام، الأمر الذي يكون معه إقامة تلك الاحتفالية في تلك الظروف والمناسبات مما يمس الأمن العام والسكينة العامة، مما يتعين معه الحكم بإلغاء تلك الاحتفالية السنوية بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والآداب وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية.
يشار إلى أن الاحتفال بمولد أبو حصيرة، كان يقام سنويا في قرية «دميتوه» بمحافظة البحيرة شمالي غرب القاهرة حيث يزوره الآلاف من اليهود خصوصا من المغرب وفرنسا وإسرائيل.
وبحسب السيرة الذاتية له، ولد أبو حصيرة أو يعقوب بن مسعود كما يطلق عليه في جنوب المغرب لعائلة يهودية مغربية شهيرة هي عائلة الباز، ويعتقد عدد من اليهود أنها شخصية «مباركة». وتذكر رواية شعبية يهودية أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى قرية دميتوه في محافظة البحيرة ليدفن في القرية في عام 1880، بعد أن أوصى بذلك.
وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية لهم للاحتفال بالمولد والذي يستمر أسبوعا. ويتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح بشكل سنوي، وبتنسيق مع سلطات الأمن المصرية.
تتضمن طقوس الاحتفال بمولد أبو حصيرة تأدية طقوس دينية يهودية مع تناول الفاكهة المجففة والزبدة والفطير والنبيذ، كما تشمل الجلوس عند المقبرة، والبكاء وتلاوة أدعية دينية يهودية وذبح الأضاحي عند الضريح حسب الشريعة اليهودية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».