مخلوف يدعو الأسد لإنهاء تفكيك مؤسساته الخيرية

رامي مخلوف مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين في دمشق (أرشيفية - الشرق الأوسط)
رامي مخلوف مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين في دمشق (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

مخلوف يدعو الأسد لإنهاء تفكيك مؤسساته الخيرية

رامي مخلوف مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين في دمشق (أرشيفية - الشرق الأوسط)
رامي مخلوف مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين في دمشق (أرشيفية - الشرق الأوسط)

ناشد رامي مخلوف، المليونير السوري وابن خال الرئيس بشار الأسد، الرئيس السوري، أمس (الثلاثاء)، وقف ما وصفه بتفكيك قوات الأمن لمؤسساته الخيرية التي تخدم الفقراء من الموالين في الحرب الأهلية السورية.
وقال مخلوف، الذي كان يعد على نطاق واسع من المقربين للرئيس السوري ورجل الأعمال البارز في سوريا، في تعليق كتبه على «فيسبوك»، إنه يجري قطع شريان للحياة قدم الدعم لآلاف المحاربين من أفراد الجماعات المسلحة المؤيدة للأسد الذين يدعمون الجيش في الحرب المستمرة منذ عشر سنوات وعائلاتهم.
واتهم مخلوف قوات الأمن التي تتمتع بنفوذ قوي، بتجريد المؤسسات الخيرية التي تملكها شركته القابضة من أصولها وبيعها لرجال أعمال فاسدين يتمتعون بنفوذ سياسي، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.
وكتب مخلوف على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «أكبر عملية نصب في الشرق الأوسط بغطاء أمني لصالح أثرياء الحرب الذين لم يكتفوا بتفقير البلاد بل التفتوا إلى نهب المؤسسات الإنسانية ومشاريعها من خلال بيع أصولها وتركها بلا مشاريع ولا دخل لتفقير الفقير...».
ولم يتسنَّ الحصول على تعليق السلطات السورية على مزاعم معلوف. وخلال الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011 ساعد مخلوف الذي يخضع لعقوبات أميركية، الأسد على تجنب العقوبات الغربية على الوقود والسلع الأخرى الضرورية لحملته العسكرية.
وقال مخلوف: «أرسلت اليوم كتاباً إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى (الأسد) لأضع بين يديه هذا الموضوع لمعالجته وإعادة الحقوق لهؤلاء الفقراء الذين لم يتبقَّ لهم إلا هذه المؤسسة ومشاريعها لرعايتهم».
ومنذ أواخر أبريل (نيسان)، نشر مخلوف رسائل ومقاطع فيديو على «فيسبوك» بدت كأنها تكشف عن خلاف داخل النخبة الحاكمة بسبب مزاعم الحكومة السورية أن مخلوف أخفى أموالاً في الخارج.
ولم تعلق الحكومة السورية على مزاعم مخلوف أن الأجهزة الأمنية القوية تستهدفه سياسياً.
ويملك رجل الأعمال الذي ساعد العائلة الحاكمة مالياً شركات تعمل في مجالات من الاتصالات والطاقة والعقارات والبنوك إلى الفنادق وتؤثر بشكل كبير على الاقتصاد السوري.
وجرّدته السلطات من ملكية الشركة التي تدير شبكة الاتصالات المحمولة السورية. وجمّدت أصوله في شركات كبيرة ومنعته من السفر.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على مخلوف قبل الحرب بسبب ما تصفه واشنطن بأنه فساد عام واستغلاله قربه من السلطة لإثراء نفسه «على حساب السوريين العاديين».



أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية، بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمّراً على المنطقة قبل نحو شهرين، لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدّياً، يتمثل بفتح أبواب صيدليتها ساعتين تقريباً، ما لم تمنعها الضربات الجوية من ذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتصف المرأة الخمسينية الصيدلية التي أنشأها والدها في الضاحية الجنوبية في عام 1956 بأنّها «أهم من بيتي... ففيها يمكن أن تشتمّ رائحة أدوية صُنعت منذ 60 عاماً».

في كثير من الأحيان، تسارع الخليل إلى إقفال أبواب الصيدلية، عندما يُصدِر الجيش الإسرائيلي إنذارات للسكان للإخلاء قبل البدء بشنّ غارات.

وبات عملها يقتصر على بيع ما تبقى في الصيدلية من أدوية وسلع، بعدما نقلت 70 في المائة من موجوداتها إلى منزلها الصيفي في إحدى القرى.

وهي مقيمة حالياً داخل العاصمة، وتتوجّه يومياً إلى بلدة عالية الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من بيروت، لإحضار أدوية تُطلب منها، وتوصلها إليهم أو يحضرون إلى الصيدلية في حال تمكّنوا من ذلك لأخذها.

وحال لينا الخليل كما حال كثير من سكّان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين غادروها واضطرّوا إلى البحث عن بدائل لأعمالهم أو مواصلتها بما تيسّر من قدرة أو شجاعة.

وتؤكد الخليل أنّ «الخسائر المادية كبيرة»، مشيرة إلى أنّها تعطي موظفيها حالياً نصف مرتّب، بسبب تزايد المصروف وتضاؤل المدخول.

«عائدون من الموت»

مع استمرار الحرب، لا يزال من غير الواضح حجم الدمار الذي طال المصالح التجارية في الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها 600 - 800 ألف شخص قبل الحرب، وفق التقديرات، وباتت شبه خالية من سكانها.

في الضاحية، خاض علي مهدي مغامرته الخاصة مع شقيقه محمد بعد انتهاء دراستهما الجامعية، فعملا على تطوير تجارة والدهما التي بدأها قبل 25 عاماً. ووسّعا نطاقها من متجر لبيع الألبسة بالجملة إلى مستودع ومتجرين، إضافة إلى متجرين آخرين في صور والنبطية (جنوب) اللتين تُستهدفان بانتظام بالغارات في جنوب البلاد. وكل هذه المناطق تُعتبر معاقل لـ«حزب الله» الذي يخوض الحرب ضد إسرائيل.

لكن مهدي اضطر أن يبحث عن بديل لمشروع العائلة بعد اندلاع الحرب المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويقول الشاب الثلاثيني إنّه تمكّن بصعوبة من نقل البضائع الموجودة في المتاجر الـ4 والمستودع، إلى 3 مواقع داخل بيروت وفي محيطها.

ويشير إلى أنّ عمّال النقل كانوا يرجعون من النبطية وصور، وكأنهم «عائدون من الموت»، بعد سماعهم بالإنذارات للسكان لإخلاء مناطق والغارات الجوية والتفجيرات المدمّرة التي تليها.

كان يعمل لدى علي وشقيقه 70 موظفاً نزح معظمهم إلى مناطق بعيدة؛ ما دفع الشابين إلى التخلّي عن كثيرين منهم. وبهدف الحفاظ على عملهما، تخلَّيا عن آخرين، وبدآ بدفع نصف الرواتب لمن بقي.

ويؤكد مهدي أنّ تجارته تتمحور حالياً حول «تصفية ما لدينا من بضائع»، مضيفاً أنّ حركة البيع خفيفة.

وتأثر القطاع التجاري في لبنان بشدة جراء الصراع الذي بدأ بين «حزب الله» وإسرائيل قبل أكثر من عام، وشهد تصعيداً في سبتمبر (أيلول).

وفي تقرير صدر عن البنك الدولي، الخميس، تُقدّر الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار.

وتتوقع المؤسسة أن تتركّز نحو 83 في المائة من الخسائر في المناطق المتضرّرة، و17 في المائة منها في بقية أنحاء لبنان.

«لم تبقَ إلا الحجارة»

ويترقّب علي مهدي المرحلة التي ستلي نفاد البضائع الموجودة لديه. ونظراً إلى عدم استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية، يتساءل عمّا إذا كان عليه «مواصلة الاستيراد أو الحفاظ على السيولة التي يملكها».

ويقول بينما يجلس بين بضائع مبعثرة نُقلت إلى متجره الجديد في شارع الحمرا داخل بيروت: «هناك خسائر كبيرة».

بشكل رئيسي، يُرجع التقرير الصادر عن البنك الدولي الخسائر التي مُني بها قطاع التجارة في المناطق المتضرّرة، إلى نزوح كلّ من الموظفين وأصحاب الأعمال؛ ما تسبب في توقف شبه كامل للنشاط التجاري وانقطاع سلاسل التوريد من وإلى مناطق النزاع والتغييرات في سلوك الاستهلاك بالمناطق غير المتضرّرة، مع التركيز على الإنفاق الضروري.

وتنطبق على عبد الرحمن زهر الدين صفة الموظف وصاحب العمل والنازح، تُضاف إليها صفتان أخريان هما المتضرّر والعاطل عن العمل جراء الدمار الذي طال مقهاه في الرويس بالضاحية الجنوبية، في غارة إسرائيلية.

بعدما غادر، في نهاية سبتمبر (أيلول)، إلى وجهة أكثر أماناً، عاد قبل أيام ليتفقّد مقهاه الذي استحال حديداً وحجارة متراكمة.

على يساره، متجر صغير لبيع أدوات خياطة تظهر من واجهته المحطّمة كُتل من الصوف على رفّ لا يزال ثابتاً على أحد الجدران. وبجانبه، متجر آخر كان مالكه يصلح بابه الحديديّ المحطّم ليحمي ما تبقى بداخله.

يقول زهر الدين بينما يتحرّك بين أنقاض الطابق العلوي: «لم تبقَ إلا الحجارة».

ويعرب ربّ الأسرة عن شعور بـ«الغصّة والحزن»، جراء ما حلّ بـ«مصدر رزقه» الوحيد.

ويقول إنّه لم يبدأ بالبحث عن بديل، في ظل ارتفاع بدل الإيجار وأسعار الأثاث والمعدّات، مؤكداً أنّ الخسائر التي تكبّدها «كبيرة، وقد تبلغ 90 ألف دولار».