المنتدى العربي للبحث العلمي يبحث تحسين آلياته عربيا

ناقش قضايا النشر العلمي وحقوق الملكية الفكرية والتعاون مع الدول الرائدة

أنجيلا ليبراتور رئيسة وحدة سياسات الجوار الأوروبية لمنطقة أفريقيا والخليج في حديث أمام المنتدى
أنجيلا ليبراتور رئيسة وحدة سياسات الجوار الأوروبية لمنطقة أفريقيا والخليج في حديث أمام المنتدى
TT

المنتدى العربي للبحث العلمي يبحث تحسين آلياته عربيا

أنجيلا ليبراتور رئيسة وحدة سياسات الجوار الأوروبية لمنطقة أفريقيا والخليج في حديث أمام المنتدى
أنجيلا ليبراتور رئيسة وحدة سياسات الجوار الأوروبية لمنطقة أفريقيا والخليج في حديث أمام المنتدى

بمشاركة 25 دولة عربية وغربية اختتمت فعاليات المنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي أقيم في مدينة الشارقة تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، وذلك بمشاركات من كل الإمارات والسعودية ومصر والعراق والأردن ولبنان وفلسطين وأميركا واليابان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
وشمل المنتدى عددا من المحاور أهمها: النهوض باللغة العربية، والمؤشرات التنموية العربية، واستعراض التجارب العربية الناجحة، وقضايا النشر العلمي وحقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى التعاون العربي الدولي مع اليابان والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. كما تطرق المشاركون إلى إطلاق شبكة للاهتمام بالعلماء في المهجر، ومشروعات عربية تشرف عليها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وهي: مشروع تنمية وتطوير الموارد التعليمية العربية المفتوحة، وإطلاق محرك البحث العربي على الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت).
كما استضاف المنتدى في دورته الثانية، التي استمرت خلال الفترة من 19 إلى 21 ديسمبر (كانون الأول) 2014. الملتقى الثالث للبرلمانيين العرب، الذي تطرق إلى الآليات التي يجب تبنيها لربط صناع القرار والمسؤولين عن رسم السياسات بالباحثين والأكاديميين ورجال الأعمال والصناعة في القطاعين العام والخاص.
وفي كلمته التي ألقاها نيابة عنه د. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة، قال د. أبو القاسم البدري مديرة إدارة العلوم والبحث العملي بالمنظمة، إن التقارير والإحصائيات والدراسات تؤكد أن الوطن العربي يمتلك كل مقومات التنمية المستدامة، من طاقات بشرية وقدرات وكفاءات علمية متميزة. كما يمتلك كل المقومات والمتطلبات المادية والموارد الطبيعية، الكفيلة بتحقيق تطور علمي واقتصادي يليق بالشعوب العربية، وتمكنها من استعادة مكانتها ودورها الريادي في توجيه المسيرة الإنسانية نحو الخير للجميع.
وأضاف البدري أن الباحثين المشاركين في المنتدى توصلوا في توصياتهم إلى أن ما ينقص الوطن العربي لتفعيل دور البحث العلمي ومساهمته في التنمية المستدامة يتمثل في: تعزيز التنسيق والتكامل والتشبيك بين الدول العربية وجامعاتها ومراكزها البحثية، رسم السياسات الوطنية والعربية الكفيلة بحشد الإمكانيات الكافية وتفعيل دورها وفق آليات عمل لتعزيز منهجيات العمل الجماعي والتكامل والتعاون والاستفادة من التجارب والخبرات، تطوير الآليات والأدوات المساعدة على تبني السياسات الفعالة للنهوض بالبحث العلمي مثل إصدار التقارير الدورية عن أوضاع البحث العلمي في البلدان العربية وبناء مصفوفة مؤشرات تنموية تعكس الاحتياجات والتطلعات الحقيقية للشعوب العربية وتوقعاتها، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير منظومات التربية والتعليم لمرحلة ما قبل الجامعي وغرس قيم البحث العلمي في أذهان الأطفال منذ الأعوام الأولى وتنمية مهاراتهم في التفكر والتفكير والتقدم والتحليل.
وقال الدكتور عبد اللـه عبد العزيز النجار، رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، إن حال البحث العلمي ليس بالسوء، وهناك أدلة واضحة تؤكد أن المجتمع العلمي العربي قادر على العطاء والنجاحات العلمية والاختراعات العربية في ازدياد، وأننا أصبحنا قريبين من المساهمة في اقتصاديات المعرفة والتنمية المستدامة، مؤكدا أن هناك توصية محورية في المؤتمر تتعلق بالحاجة لأدوات مالية تملأ الفجوة بين التمويل الجامعة للبحوث الأكاديمية والاستثمار في الشركات الناشئة، وذلك لوجود مراحل لتجهيز النتائج البحثية (كتابة وتسجيل براءات الاختراع مع دراسات الجدوى والنماذج الأولية)، ويكمن الحل في صندوق استثماري تنموي في صورة بنك للابتكار.
ومن التوصيات التي خرج بها المنتدى: الاهتمام بالباحثين الشباب في الدول العربية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان مشاركتهم في الدورات القادمة للمنتدى، وإطلاق الشبكة العربية للملكية الفكرية مع إدخال مفاهيم الملكية الفكرية في المناهج التعليمية وزيادة الوعي بها في المجتمعات العربية، ودعوة الجهات العربية المعنية بالبحث والابتكار لتأسيس الصندوق العربي للاستثمار في نتائج البحث العلمي كآلية من آليات الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، والعمل علي إنشاء المؤسسة العربية لرعاية المحتوى التعليمي العربي وتوفير متطلباته والموارد الكفيلة للتوسع في استخدام المصادر والموارد التعليمية المفتوحة المصدر.
وأضاف النجار أن توصيات المنتدى شملت كذلك، تعزيز الجهود العربية لرعاية العلماء العرب في المهجر واستقطابهم للمشاركة في جهود التنمية المستدامة في الدول العربية والاستفادة منهم في حل المشاكل التي تواجهها الدول العربية، مع تقوية التعاون العربي مع كل الشركاء الدوليين والاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية الناجحة.
كما أشار إلى أن المشاركين في المنتدى حددوا آليات التعاون مع عدد من الدول المتقدمة وفق مؤشرات اقتصاد المعرفة والتنمية المستدامة، منها التعاون مع اليابان في مجالات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي وتبادل الخبرات مع الجامعات والشركات اليابانية لتشارك في المنتدى القادم. أما التعاون مع الاتحاد الأوروبي فيمكن أن يشمل التعاون الاستفادة من مشروع «آفاق 2020 Horizon 2020»، خاصة أن هذا البرنامج متاح فيه الاستفادة لكل الباحثين والمبتكرين ورواد الأعمال، وسيساهم في رفع معدلات المشاركة للدول العربية في البرامج والمشاريع الأوروبية المعنية بالبحث العلمي والابتكار التكنولوجي والتطوير، مع إمكانية بناء شبكات للتواصل بين الدول الأوروبية والدول العربية بين العلماء وشباب المبتكرين.
وكذلك أكد المشاركون في المنتدى على أهمية التعاون بين الدول العربية وأميركا في مجالات التعليم المختلف، والذي يعمد من أكثر صور التعاون فعالية، يمكن أن تؤدي لتعزيز التفاهم والتوافق بين الأمم والشعوب، على مستوى المؤسسات وصناع القرار، مع الإقرار بأهمية برامج التبادل للعلماء والطلبة والمبتكرين بما يحقق مصلحة الطرفين، مع تنفيذ عدد من المشاريع النموذجية العربية الأميركية في مجال استخدام الموارد التعليمية المفتوحة وإطلاق بوابة متخصصة لهذا الغرض على الإنترنت وحث الأساتذة على إثراء هذه الموارد والتوسع في استدامتها. وحث المشاركون الدول العربية على تشجيع البحث العلمي وإبراز مكانته وأهميته في التنمية وتطوير المجتمعات، مع الاهتمام بالبحوث في المجالات الإنسانية والثقافية والاجتماعية بجانب العلوم التطبيقية والبحتة، بالإضافة إلى إنشاء صناديق عربية لتمويل هذه البحوث، وتأسيس ودعم جمعيات مهنية وشبكات تواصل بين جميع المعنيين بالبحث العلمي وتطبيقاته المجتمعية والاقتصادية.
وحث المشاركون في المنتدى الدول العربية على تعزيز الشراكة بين الجامعات والمدارس والمؤسسات التدريبية التعليمية المختصة، بالإضافة إلى تنظيم المسابقات والجوائز التشجيعية للمبتكرين والمبدعين من الشباب العربي، الذين يقدمون حلولا للمشاكل التي تعترض المجتمعات الاقتصاديات العربية، مشددا على أن العلماء المشاركين أكدوا أن وضع البحث العلمي في البلدان العربية لا يدعو إلى التشاؤم والمبالغة في جلد الذات، الذي دأب البعض على انتهاجه، ويؤدي إلى الإحباط وفقدان الثقة بالذات، وترسيخ القناعة بعدم إمكانية نهوض هذه الأمة مجددا، لاستعادة مكانتها الطليعية بين أمم وشعوب العالم.
في حين أكد جاك فان مير، ممثل بنك الاستثمار الأوروبي ومركز مارسيليا للتكامل المتوسطي، الاهتمام بقضايا المياه والبحث والتطوير والتعليم والابتكار، مشيرا إلى أن بنك الاستثمار الأوروبي يستثمر قرابة 15 مليار يورو لدعم البحوث العلمية والتطوير والابتكار، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وفي الدول العربية الشريكة، موضحا أن هناك نقصا واضحا في البيانات والمعلومات حول نشاط القطاع الخاص واستثمارات في مجالات البحوث والتطوير المرتبطة بالصناعات، بالإضافة إلى نقص البيانات الخاص بالفاعلين في القطاع الاجتماعي. وشدد على أهمية التواصل بين الجامعات والمراكز البحثية والقطاع الخاص في الدول العربية، لأنه في صورته الحالية ضعيف للغاية ولا يخدم التنمية المستدامة بأي صورة من الصور.
وفي كلمته، شدد ريجاس أرفانتيس من معهد البحث والتطوير في فرنسا، على أهمية وجود إدارات متخصصة لدعم وتوجيه سياسات البحث والتطوير، في ظل النقص الحاد في الإحصائيات والبيانات التي لا تعكس واقع الحالة العربية بدقة، مع ضرورة ربط البحث العلمي بالابتكار بدرجة قوية، بحيث لا تجرى الأبحاث لأغراض الترقيات الوظيفية والإدارية بل لتلبية احتياجات الاقتصاد والمجتمع، في ظل غياب أي توجه عربي للاستفادة من الاستشارات العلمية لأغراض التنمية والتطوير، مع الاهتمام بإعداد تقارير دورية دقيقة عن واقع البحث والتطوير والتنمية المستدامة والابتكار في الدول العربية، وتنظيم ورش عمل تدريبية للباحثين، ودعم ثقافة التعاون وتبادل الخبرات الإقليمية والدولية بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم في مجالات العلوم والبحث العلمي والتطوير.
وأوضحت رئيسة وحدة سياسات الجوار الأوروبية لمنطقة أفريقيا والخليج، أنجيلا ليبراتور، أن البحث العلمي هو الممر الإيجابي، الذي يمكن أن يساهم في تدعيم أواصر الحوار والتعاون بين ضفتي البحر المتوسط في الشمال «الاتحاد الأوروبي» وفي الجنوب «أفريقيا ومنطقة الخليج»، مؤكدة أن المراكز البحثية والباحثين يمكن أن يكونوا قاطرة التعاون المشترك بين مختلف الأطراف، مشددة على اهتمام أوروبا بالتعاون مع دول المنطقة في مجالات البحث العلمي والابتكار التكنولوجي ونقل التكنولوجيا، انطلاقا من علاقات المصالح المتبادلة والمتوازية.
كما شهدت هذه الدورة منح جائزة «الألكسو ALECSO» (المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة) للباحثين والمبدعين الشباب، التي كان مجالها التكنولوجيات الإحيائية لهذه الدورة، والتي فازت بالمركز الأول فيها الباحثة العراقية رؤى عبد السادة جبار العطواني وقيمة الجائزة 10.000 دولار دولار، أما الجائزة الثانية فكانت للباحثة المصرية الدكتورة نشوى ممدوح محمد البندري عن بحثها «تطبيقات ذكية معتمدة على معالجة البيانات والصور لمراقبة مراحل نمو المحاصيل الزراعية وتأثير التغيرات المناخية على زراعتها» وقيمة الجائزة 6000 دولار.



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.